من نكد العيش أن تجبر على التعامل مع أشخاص لهم ميول واهتمامات يعتقدون في صوابها وأنها غير قابلة للنقاش مطلقا. وأن الرأي ما يرون وأن الصدق ما يقولون وأن آراءهم دائما صائبة ولا تقبل الخطأ وأن آراء غيرهم خاطئة لا تقبل الصواب. وتزيد الصعوبة في التعامل مع هذه الشخصيات إن لم يكن لك بد من التعامل معهم بحكم العلاقة الأسرية أو علاقات المصالح والعمل المشترك مما يتطلب أن تصل معه إلى حلول وسط مناسبة تكفل حقوق الجميع بحيث يحصل كل ذي حق على حقه. إلا أن المشكلة تكون أصعب وتكبر بقدر كبر الأنا لديه التي تتعاظم إلى أن يرى نفسه شخصا غير عادي وفوق الجميع بما يمتلكه من إمكانيات جبارة تؤهله لانجاز أعظم الأعمال الناجحة من وجهة نظره التي يجب ان يتعامل معه بما يحفظ له هذه المنزلة الرفيعة التي يرى انه حققها بفضل ما يتحلى به من تفوق في الذكاء وحسن التدبير. أما بالنسبة لعلاقته مع الآخرين فتكون مبنية على مدى ما يحصل عليه من مكاسب وبقدر ما يوفره لنفسه، دون أن يخسر شيئا بتنازله للطرف المقابل لأن مصلحته فوق الجميع. ان التعامل مع مثل هذه الشخصية المريضة أصعب من أن تحتمل لاعتقاده انه فوق البشر وأنهم خلقوا ليكونوا رهن إشارته ولا يصدر منهم إلا السمع والطاعة وأن يشكروه على أن أتاح لهم فرصة التعامل مع شخصه الكريم. إن المصيبة تتعاظم عندما يكون صاحب هذه الشخصية غير السوية في دوائر القوة، كأن يكون صاحب العمل أو يكون المسؤول عن إدارة الآخرين أو أن يكون صاحب سلطة في الأسرة كزوج أو أب أو أخ أكبر عندها يصعب الأمر إلى أقصى حدود لاستغلاله سلطته في التنقيب عن مشاعره المريضة بالتسلط وإلغاء دور الآخرين نهائيا. إن أفضل الوسائل للتعامل مع هذه الفئة هي عدم التعمق في العلاقات معهم بحيث تكون ضمن الحدود القصوى من الرسمية في التعامل وتجنب الدخول في نقاشات عقيمة لا جدوى منها، كذلك محاولة التعامل مع نرجسيته بالحذر وذلك بإرضاء غروره في أدنى المستويات لمحاولة الخروج بأقل الخسائر. إن الإنسان مدعو إلى الاعتزاز بالنفس والثقة بها دون الانتقاص من الآخرين وذلك بأن يحب للآخرين ما يحب لنفسه ويفرح لنجاحهم المستمر ويأخذ بأيديهم إلى الأمام ويعتبر أن أي نجاح لهم ما هو إلا امتداد لنجاحه الشخصي وبذلك يكون لبنة صالحة في مجتمعه ووطنه.