ثمة خيط رفيع بين النرجسية وحب الذات المرضي وبين الثقة بالذات التي تعطي الإنسان التوازن الذي يحتاجه في الحياة دون التأثير سلباً على علاقاته الإنسانية. فالشخصية النرجسية في الغالب هي شخصية ينمو فيها حب الذات بشكل كبير ليتحول إلى نوع من الإدمان. كما أن النرجسي هو من يبالغ في تقييم أفعاله مهما كانت بسيطة. ولا تجيد هذه الشخصية عادة بناء علاقات إنسانية سليمة، فكل ما يحتاجه صاحب هذه الشخصية ممن حوله هو تعزيزهم لشعوره بالتميز والنجاح والجمال. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، صار من الصعب الآن تحديد الشخصية النرجسية أو المهووسة بحب الذات. فمن ينشر صوره بشكل دائم على مواقع التواصل الاجتماعي ليس نرجسياً بالضرورة، كما يقول كلاس هاينريش لامرس، رئيس قسم الأمراض النفسية بمستشفى "أسكليبويس نورد" في مدينة هامبورغ الألمانية، لموقع "أبوتيكين أومشاو". لكن الانتقال من الثقة بالنفس إلى النرجسية ليس صعباً، لاسيما لمن يعاني من اضطرابات في الشخصية. ويحتاج التعامل مع أصحاب هذه الشخصيات إلى قدر كبير من التفهم لطبيعة الشخصية، فالشخص النرجسي لا يستطيع تحمل النقد. وفي حال وجود شخص نرجسي في محيط الزملاء أو حتى الرؤساء في العمل، يجب إدراك أن هذا الشخص لا يشبع من المدح. كما أن معظم علاقاته مع الآخرين سطحية. والشخص النرجسي ليس منطوياً على نفسه، فهو صاحب شخصية جذابة مثيرة للاهتمام في المراحل الأولى للعلاقة. ونظراً لافتقار أصحاب الشخصية النرجسية لمراعاة احتياجات الآخرين، فمن المهم مع بداية العلاقة وضع حدود واضحة. فارتباطك بعلاقة عمل أو جيرة مع شخصية نرجسية يزيد من حاجتك منذ البداية لتوضيح أنك غير متاح له في كل وقت وأنك لن تنفذ كل رغباته دائماً. أخطاء يجب تجنبها من الأخطاء الكبيرة التي يقع فيها البعض هو الاعتقاد بقدرته على تغيير صاحب الشخصية النرجسية، فمواجهته باضطراب الشخصية الذي يعاني منه سيزيد من عناده ومقاومته للتغيير، وهو أمر نابع من عدم قدرته على تحمل النقد، إذ يعتقد في النهاية أنه أفضل من كل من هم حوله، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "دي فيلت" الألمانية. أما محاولة السخرية من صاحب الشخصية النرجسية لا تنتهي عادة نهاية طيبة، لأن الرد غالباً ما يتسم بغضب لا حدود له وعدم مراعاة لأي اعتبارات شخصية أو إنسانية، ذلك أن النرجسي يعتبر هذه السخرية بمثابة هجوم على شخصيته "الرائعة". وفي حال وجود شخصية من هذا النوع في محيطك، فمن المهم تجنب تقمص دور الأم أو الأب معه ومحاولة توجيهه، فهذا النوع من السلوك يشعر صاحب الشخصية النرجسية بالضغط ويجعله يلفظك تماماً من محيطه. وعلى صعيد العلاقات العاطفية، فإن صاحب الشخصية النرجسية لا يبحث عادة عن شريك حياة على نفس المستوى وإنما يبحث عن مرآة يتمنى أن تعكس ما يراه في نفسه من تميز. وغالباً ما ينسى هؤلاء الأشخاص تواريخ مهمة خاصة بشريك الحياة، كعيد الميلاد. كما أن من غير المستغرب أن يغفل هؤلاء الأشخاص السؤال عن صحة الطرف الآخر أو تفاصيل يومه في العمل.