للأسف الشديد ألاحظ بعض التصرفات أثناء مجالس التعزية، أرى أنها ترقى إلى مرتبة غير لائقة وغير مستحبة، ولا أملك تصنيفها تحت أي مسمى، منها على سبيل المثال لا الحصر إطلاق النكات، والقهقهات العالية أو حتى المنخفضة أثناء تلك المجالس، وهو أمر لا يجوز كما أظن، فالميت له حرمته التي يجب أن تعتبر، فهذه لحظات يجب علينا تذكر الموت والأموات. ويحلو للبعض في هذه المجالس تناقل أخبار الأسهم والمباريات الرياضية وأسعار الأراضي والعقارات، وهذه أمور كلها خارجة عن المألوف، فاللحظات التي يقضيها المعزون لا بد أن تكون مملوءة بتذكر الموت وما بعده من حساب وعقاب. لحظات العزاء يجب أن تذكرنا بالموت وهو نهاية كل حي، ولا بد في هذه الحالة أن نتذكر هيبة الموقف، وأن نحترم الميت بتذكر حسناته ومآثره، بدلا من ممارسة تصرفات تكون خارجة تماما عن هذا الموقف الذي يجب فيه إن لم نتحدث عن حسنات الأموات وهول الموت أن نلوذ بالصمت بدلا من تبادل الأحاديث الخارجة عن حساسية تلك اللحظات، وتبادل النكات والضحكات في موقف لا يجب ممارستها فيه. من جانب آخر، فإنني ألاحظ المبالغة في الولائم التي تقام في أيام العزاء، وقد تتحول أحيانا إلى- بوفيهات- فيها ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات، وكأن المعزين مدعوون لحفلة من حفلات الأفراح، وهذه مبالغة غير سليمة وغير صحية وغير معافاة، ولا ضرورة لها كما أظن، فلحظات العزاء يجب ألا تتحول لفرصة يملأ فيها المعزون بطونهم، بل هي لحظات حزن، ولحظات يجب أن تملأ بالمواعظ وتذكر هول الموت. أيام العزاء لا يجب على الإطلاق أن تتحول إلى مآدب وحلقات يتناول من خلالها المعزون آخر أخبار البورصة، وآخر أخبار المباريات الرياضية، وآخر أخبار العقارات ونحوها، وتلك الأخبار للأسف الشديد تدور بين المعزين بأصوات مرتفعة وكأنهم حضروا لتناول تلك الأحاديث، ولم يحضروا لتبادل عبارات العزاء. أظن أن من الواجب علينا جميعا الاقلاع عن تلك التصرفات الهوجاء في تلك المناسبات الحزينة، وأن نتذكر تماما هول الموقف وشدته وصعوبته على أقرباء الميت، الذين ينتظرون من المعزين عبارات التأسي والمؤازرة، كما أن إقامة الولائم بطريقة فيها من البذخ والإسراف والغلو ما فيها، هو تصرف غير لائق وغير سليم.