أكتب هذا المقال، وأنا أرتشف كوبا من الزنجبيل وألبس ملابس قطنية ثقيلة بعد أن صفعنا البرد بموجاته المعتادة المفاجئة دون أن يطرق الباب، بل دون ان يطرق الوقت ففي الظهر كنت أشغل مكيف السيارة ليبرد الجو وبعد قليل سأشغل المكيف الدافئ وهذا كفيل بوصف حالتنا، ومع هذه الأجواء ظهرت وسيستمر ظهور نصائح الشتاء للوقاية من الإنفلونزا ومقدماتها من كحة وحرارة في الجسم واحتقان وزكام عافانا الله واياكم وحفظنا من كل مكره، وتظهر خلطات تزعم انها مركبات طبيعية نباتية تكسبنا مناعة لوقت طويل، بل ظهرت حقن جديدة للوقاية من ذلك، ناهيك عن من شرعوا لأنفسهم تناول بعض الفيتامينات على شكل أقراص بشكل يومي استباقا لأي وعكة صحية في هذا الوقت. أستغرب كل هذه الوقاية الاحترازية المسبقة التي لا تنبع من أي أساس طبي علمي صحيح موثوق، بل اجتهادات وكذب تسويقي هدفه المال فقط في غالب الظن والأمر، أليست الوعكات الصحية (صحية) للجسم تختبر مدى مقدار مناعته وقدرته على محاربة السموم والبكتيريا والجراثيم؟ أليست تصحيحا لسلوك معين في وقت معين يجب الانتباه له ووضعه بالحسبان؟ ثم أين اهلنا سابقا عن مثل هذه الوصفات؟ ولماذا يستنكرونها ولم يجربوها سابقا؟ لم أعرف في حياتي دواء لمثل هذه الوعكات الا ما يلي: الزنجبيل ومرهم الفكس الذي هو علاج لكل شيء قد يصيبك في الحياة، وزيت الزيتون والقرنفل وعصير البرتقال والليمون، هذا كل ما أعرفه ومر علي في تاريخي القديم والحديث، لا سيما أن كثيرا من علماء العقاقير قد حذروا كثيرا من خلطات مزعومه تعالج هذا الشيء أو ذاك، ومع كل ذلك يتداولها الناس وتنتشر كالنار في الهشيم. أستغرب كيف يزعم هؤلاء الناس أنهم يحافظون على صحتهم ويخشون عليها وهم يدخلون في جوفهم وعلى أجسادهم ما لا يعلمون، دون وصفة أو داع طبي، أليس الإفراط في الوقاية مرضا بحد ذاته يجب العلاج منه حتى التعافي؟ مرة منذ صغري من كثر ايماني واعتقادي بأن مرهم الفكس هو علاج لكل داء وضعته قرب عيني حين أحسست ببعض الحكة والاحمرار بها فزادت ألما على ألم، كل هذا من الجهل وعدم الاستشارة وقلة التدبير والحمد لله أنني وضعتها على ظاهر وجهي ولم أجرب أن أبتلعها لتشفي مغصا أعاني منه. البدن امانة اودعها الله في الانسان يجب أن يحافظ عليه فهو ليس ملكا له ومن هنا حُرم الانتحار، عافانا الله واياكم وحفظنا من كل مكروه وجميع المسلمين. رحم الله زميلنا الأستاذ الكاتب الكبير محمد المعيبد وأسكنه فسيح جنانه وألهمنا جميعا الصبر وحسن العزاء وجميع موتى المسلمين. * إعلامي - ماجستير إدارة أعمال