المتابع للإعلام السعودي خاصة الصحافة، سيجد أن قضية وضع المرأة السعودية، تشغل المساحة الأكبر من اهتمام الكتاب بميولهم ومواقفهم المختلفة، بل والمتناقضة. الحوار الساخن الذي يصل لمستوى النقد اللاذع، هو السمة الغالبة على أكثر المقالات، حوار يصل لحد الضجيج، فلا توجد جريدة خلت خلال الفترة الماضية من قضايا المرأة السعودية، وبالتأكيد ساهم بعض المواقف التي حدثت خلال الفترة الماضية في هذا الضجيج، وبالطبع كانت قضية «كشف عين المرأة» وعمل المرأة في السوبر ماركات، ومنتدى خديجة بنت خويلد من أهم القضايا التي أثارت العديد من النقاشات والمواقف المتناقضة، وهذه الحالات انقسم الجدل حولها بين فريقين، الأول يدافع عن حق المرأة في الاختيار ويستحسن عملها، والثاني يرى بقاءها في بيتها أو ما حدد لها من أعمال من وجهة نظره، لذلك سوف أتناول الأمر من زاوية مختلفة، هذا الجدل الحاد في حد ذاته بغاية الأهمية، لأنه يعبر عن مدى التفاعل الحي والخلاق، وهو الحالة التي تسبق التغيرات العميقة. فالأفكار التي تتجاوز المواقف التقليدية تمر بمراحل حتى تستقر لتصبح أفكارا عادية مقبولة من المجتمع وهي زاوية الحق. فطبقا لكل التشريعات المعروفة، حق الفرد مع حق المجتمع الذي يقوم بالحرص عليه نظام الدولة بكافة قطاعاته، وأنا رغم اعتقادي في سيطرة نظرية ( المرأة ممثل الشيطان ) على الثقافة المجتمعية في الكثير من البلاد العربية، وهي النظرية التي تناقض جوهر الدين الإسلامي بالتحديد، إلا أني أتجنب الخوض في أمور الفقه، قناعة مني بأنه من أخطر الأمور التي تحتاج لدقة في البحث وإدراك للتطور ، لكن لا أخفي سعادتي وتشجيعي هذا الضجيج الإعلامي بشأن وضع المرأة السعودية، فهذا الجدل الحاد في حد ذاته بغاية الأهمية، لأنه يعبر عن مدى التفاعل الحي والخلاق، وهو الحالة التي تسبق التغيرات العميقة. فالأفكار التي تتجاوز المواقف التقليدية تمر بمراحل حتى تستقر لتصبح أفكارا عادية مقبولة من المجتمع. إنها في البداية تواجه الأفكار الجديدة برفض كبير وإنكار شبه مطلق، ثم بمرحلة أخرى يبدأ نقاش حاد حولها بين قلة ترغب في الجديد وغالبية ترفض بإصرار ، وبمرحلة أخيرة تصبح الأفكار الجديدة من المسلمات المنطقية المقبولة، دعونا هنا نطبق تلك المراحل على قضية صارت من الماضي وهي عمل المرأة. فقد رفضت فكرة عمل المرأة وحوربت كثيرا، ثم دار جدال واسع حولها، وأخيرا صارت أمرا طبيعيا ومنطقيا رغم عدم شمولها بالمملكة للكثير من المهن بعد، لذلك أنا من المتفائلين بهذا الضجيج الجميل حول وضع حقوق المرأة السعودية، خصوصا أن من الواضح أن القيادة السياسية بالمملكة مقتنعة بالتوسع بمشاركة المرأة بعملية التنمية، كذلك المتابعة الدقيقة للإعلام تؤكد أن غالبية كتاب المملكة ومفكريها، يرفضون بشكل قاطع تهميش المرأة وعزلها عن الحياة الطبيعية، وهو الرفض الذي نجده بوضوح بالاتجاه الكاسح نحو تأييد حقوق المرأة، نعم أنا متفائلة بالضجيج، وأرى أن التغير للأفضل قادم رغم كل الصعوبات.