* لغة الضاد من أقوى وأعمق اللغات بل وأشدها صعوبة في التعلم فالمخارج الأساسية للغة الضاد ليست بالهينة والتركيب الفعلي للكلمات والجمل التعبيرية لا تقوى عليه أي لغة في العالم غير لغة الضاد. قال تعالى (سورة يوسف 12: 2) «إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون» (سورة طه 20: 113) «وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا» (سورة الزمر 39: 28) «قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون» (سورة فصلت 41: 3) «كتاب فصلت آياته، قرآنا عربيا لقوم يعلمون» (سورة الشورى 42: 7) «وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها..» (سورة الزخرف 43: 3) «إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون» (سورة الأحقاف 46: 12) «وهذا كتاب مصدق (لكتاب موسى) لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا» (سورة الشعراء 26: 193و195) «نزل به الروح الأمين.. بلسان عربي مبين» (سورة النحل 16: 103) «وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ» أجمع المفسرون على معنى ذلك «أَيْ أَفْصَح مَا يَكُون مِنْ الْعَرَبِيَّة». ومع ذلك نقرأه ولانفهم منه الشيء الكثير إلا أن نرجع للتفاسير لمعنى مفرداته ونحن نتحدث بلسان عربي. أين الخلل وفي من؟ * منذ نعومة أظفارنا ونحن نتعلم اللغة العربية كتابة وقراءة ونتدرج بها حتى نصل إلى نهاية الثانوية العامة ومع ذلك نستصعب خوض الاختبارات الخاصة بها مع استسهالنا للمواد العلمية. أين الخلل وفي من؟ * تدخل الفتاة أو الفتى في بلد عربي للأسواق وتتكلم اللغة الإنجليزية مفتخرين بذلك ليرد البائع الأجنبي بجملة (أنا أتحدث اللغة العربية) فيرتسم على وجه من يتحدث اللغة العربية التسخط ويتمتم (لأنك غبي). أين الخلل وفي من؟ * تأتي الخادمات حاملات للغة بلادهن وحين يخالطن المجتمع العربي يتحدثن العربية المتعثرة والتي سرعان ما تنطبع على أهل البيت ويبدأون التحدث بهذه اللغة المتعثرة، ناهيك عن رفض الكثير من العائلات التحدث باللغة العربية ويفضلون التحدث باللغة الإنجليزية معهن. أين الخلل وفي من؟ * يأبي الشعب الإيطالي المتعصب للغته التحدث بغيرها حتى وإن حدثته باللغة الإنجليزية وهو يفهمها يكون الرد باللغة الإيطالية مفتخرًا بحملها والحديث بها، ونحن العكس. أين الخلل وفي من؟ * التويتر.. الانستقرام.. الفيس بوك.. للعرب يزخر بعبارات إنجليزية والكتابة بها بل والتعبير من خلالها.. مع العلم أن اللغة العربية تتميز بأنها أقوى اللغات تعبيرًا لأي حدث. أين الخلل وفي من؟ لا أستطيع أن أقول إن الخلل في وزارة التربية والتعليم؛ لأني أرى الجهود الجبارة التي تُقام في سبيل جعل اللغة العربية مناط فخر وعز ورقي وتبذل الكثير في ترسيخ مفاهيمها وإدراكها وقوتها.. ولكن الخلل يصب في ذات الشخص وفي عروبته وانتمائه، في العائلة التي ارتضت أن تتحدث باللغة المتعثرة بين أبنائها فاصبح الابن ينادي أمه (مدام)، ويطلب من الخادمة الطلب بهذه الكيفية وهذه الطريقة (أنت جيبي مال انا).. أي حديث هذا وأي عوج بهذا اللسان العربي. الخلل يكمن في اعتزازنا بحمل اللغة الأخرى والتحدث بها وسهولة تعلمها وفهمها والسعي حثيثًا ليفتخروا بها.. ولم يجعلوا للغة العربية مجالا لذلك. الخلل في أننا لم نفهم قول (من تعلم لغة قوم أمن مكرهم) بل أصبحنا ممن يقال فيهم (لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه). وأخيرا.. قال النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الترمذي في جامعه الصحيح من «كتاب فضائل القرآن»: «فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه». وهذا فيه دلالة بينة محققة على أنَّ العرفان بخصائص العربية ضابط حركةَ الناظرِ في كتاب الله - عز وجل- وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم- يستخرج منهما معاني الهدى إلى ما يرضي ربنا - جل جلاله-، فإن في العلم المحقق بمناهج العرب في الإبانة عن معانيها عونا عظيما على ذلك. كونوا عربا.. وافتخروا بلغتكم وارفعوها عالياً.