حلب هي أكبر مدينة في سوريا وهي عاصمة محافظة حلب التي تعد أكبر المحافظات السورية من ناحية تعداد السكان. وهي تقع شمال غربي سوريا على بعد 310 كم (193 ميلا) من دمشق. بعدد سكان رسمي يفوق 4.6 مليون (تقديرات 2004)، كما أنها تعد أكبر مدن بلاد الشام ويعتقد أنها أقدم مدينة في العالم، وكانت المدينة عاصمة لمملكة يمحاض الأمورية وتعاقبت عليها بعد ذلك حضارات عدة كما يشير موقع ويكيبيديا مثل الحيثية والآرامية والآشورية والفارسية والهيلينية والرومانية والبيزنطية والإسلامية. وفي العصر العباسي برزت حلب كعاصمة للدولة الحمدانية التي امتدت من حلب إلى الجزيرة الفراتية والموصل. وهذه الحاضرة العظيمة بهذا التاريخ المتجذر في صلب الحضارات البشرية كان لها موعد أمجاد عتيدة في تاريخ حلب الإسلامية التي تغنى بها أبو العلاء المعري حين يقول: حلب للوارد جنة عدن وهي للغادرين نار سعير والعظيم العظيم يكبر في عينه منها قدر الصغير الصغير وهي هذه الأيام ليست بالعاصمة السورية، ولا يبدو لها ذلك التوهج الإعلامي الذي يليق بهذا التاريخ الذي سطرت بعض جوانبه آنفا.. والسؤال الذي ينتاب الكثير من المراقبين الذين يغفلون صفحات المجد والتاريخ لحلب الشهباء لماذا هذا الحقد الأسود والفجور الذي لا يكاد يجد له في التاريخ البشري مثيلا لما يحدث هذه الايام من قوى الخبث الدولي المجوسية الروسية النصيرية والتي لا يخفى حالة الرضا الغربية عنها بالسكوت تارة والتملق تارة أخرى؟ وهذا السؤال الذي تعمدت بحثه مع أمير شعراء دمشق أخي الدكتور الشاعر إياد عكاري الإنسان في كل شيء والذي أتعمد استشعار الدفء من مشاعره الجامحة في مآسي الأمة كما هي هذه الأيام حال حلب بادلني نفحات لشهباء القلوب حلب وهي منقولة عن أ.د. علي محمد عودة، رغبت أن أسطرها في مقالتي لقرائي الكرام، وهم كما أعهدهم من طبقة المستشعرين للآلام والآمال لأمتنا لا بد لهم من مرجعية تاريخية تبرر هذا الهجوم الشرس على حلب بكيانها العظيم وتركيبتها السكانية الإسلامية في ظل صمت دولي عدا نفحات فردية كما هو ذلك العسكري التركي، وأذكر الجميع بأن لا عجب لأن حلب كانت منطلق حملات الصوائف والشواتي ضد دولة الروم الأرثوذكسية طوال عهود الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين. والتي أذاقتهم الأمرين، كما أن حلب قادت مدن الشام لمقاومة المد الرافضي المجوسي اليهودي المتمثل في الدولة العبيدية التي جردت الجيوش لاحتلال الشام خلال أكثر من نصف قرن. وحلب هي أول بلد في الشام خرج عن طاعة العبيديين سنة 462ه وأقام الخطبة للسلطان السلجوقي السني والخليفة العباسي واقتدت بها دمشق بعد ذلك والسلطان ألب أرسلان وهو أحد عظماء الأمه كان في حلب في طريقه للقضاء على الدولة العبيدية فسمع بخروج الروم فعاد من حلب مسرعا وأنزل بالروم أفدح هزيمة عرفوها 463ه. ونتذكر تلك الأيام الخوالي لنستنشق منها ريح العزة في شعر أبي الطيب لسيف الدولة وقت تأديبه لأعدائه. كتلٍّ بطريقٍ المغرورِ ساكنُها بأن دارك قنسرين والأجمُ وظنِهم أنك المصباح في حلبٍ إذا قصدت سواها عادها الظُلمُ كما أن حلب كانت القاعدة الرئيسية التي أقام عليها عماد الدين وابنه نور الدين مشروع الجبهة الإسلامية المتحدة ضد الدول الصليبية في بلاد الشام، وكانت القاعدة التي انطلق منها عماد الدين سنة 539ه ومحا دولة الرها الصليبية من الوجود، ووضع بداية النهاية للوجود الصليبي في بلاد الشام، وكانت القاعدة التي انطلق منها نور الدين لصد عدوان ريموند بواتييه وحليفه الباطني علي بن وفا فأباد قواتهما وقتلهما غربي حلب سنة 543ه، كما انطلق منها نور الدين فضم دمشق إلى الجبهة المتحدة سنة 549ه وحقق بذلك توازن القوى مع الصليبيين ليبدأ في مجاهدتهم بكل قوة واقتدار.. ومن حلب تصدى نور الدين للقوات النصرانية المتحالفة ضده وهم الصليبيون والروم والأرمن والتقى بهم في رمضان سنة 559ه غربي حلب عند حارم وهزمهم جميعا، ولأن أهل حلب اشتهروا بأنهم المهندسون المتخصصون في نقب الأسوار وهدمها فهم الذين نقبوا أسوار الرها والقدس وعكا ومعظم المدن التي كانت محتلة، ومن حلب ارسل نور الدين الحملات الثلاث الى مصر في 559، 562، 564 للهجرة والتي نجحت بضم مصر الى جبهته المتحدة ضد الصليبيين وأزال دولة العبيديين. تلك حلب رمز العزة في تاريخ مجيد نستذكرها في زمن محنة متيقنين بالله الواحد الأحد أنها بلا مراء بوابة الفتوح. * عضو المجلس العلمي للجمعية العالمية للكوارث الكونية «ميونخ- ألمانيا»