¿¿نستطيع استيراد كامل غذائنا.. لكن ماذا عن الماء؟! تأتي المحاذير بمؤشر الحياة والموت.. بمؤشرات تتعلق بالكرامة.. استيراد الماء أخطر من القنابل النووية.. سلاح ضد حياتنا.. مع الغذاء الأمر يختلف.. تصدير الغذاء ضرورة لحياة بعض الأمم.. وفرة الماء مع النشاط الزراعي نعمتهم الأكثر أهمية لنشاطهم الحضاري.. كنتيجة تصدير الغذاء ضرورة لسكان هذه الدول. ¿¿ هناك دول في العالم تشكل مهنة الزراعة المحور الأهم لأكثر من نصف السكان.. كنتيجة فإن استيراد الغذاء من هذه الدول ضرورة حياة لتنميتها وتطورها.. ضرورة للوفاء باحتياجات شعوبها التنموية.. استيراد الغذاء من هذه الدول لن يكون سلاحا ترفعه في وجه المستوردين.. في حقيقة الأمر هذه الدول المنتجة تبحث عن الأسواق.. الوضع مع الماء يختلف. ¿¿الزراعة ومنتجاتها ميزة نسبية لدول تملك الماء والأرض واليد العاملة.. حياتهم تعتمد على إنتاجهم الزراعي.. ولكسب المزيد من العملات الصعبة كما يقول أهل الاقتصاد.. مع الماء الأمر يختلف.. الماء ليس نتاج نشاط بشري.. الماء ملك حكومات وليس أفرادا.. هذا يعني أن السياسة والمصالح والضغوط والتوازنات الدولية ستجعل من الماء سلاحا صارما وحازما. ¿¿يمكن أن يتحول الماء إلى سلاح في وجه الدول التي تستورد الماء.. ماذا يعني هذا؟ يعني الرضوخ لقوة هذه السلعة وهيمنتها.. يعني الحياة ستصبح رهينة العلاقات والتوازنات الدولية والسياسات.. كنتيجة يمكن أن يكون أداة ابتزاز.. أن تصبح الدول المستوردة للماء تحت قهر الرضوخ والخنوع.. في الإسلام وتلافيا لتلك الحالات فإن الناس شركاء في الماء. ¿¿المنطق المتناقض في تصرفاتنا مع مواردنا المائية يوحي بمؤشرات مقلقة.. نعرف أن موارد الماء محدودة.. لماذا نتخطّى هذه المعرفة بزيادة استنزاف المياه الجوفية؟! لماذا نفرط في المناطق المطيرة ونركز على الزراعة في الصحاري؟! لماذا نحلّي ماء البحر ونهمل الاهتمام بالمطر وتغذية المياه الجوفية؟! لماذا ننادي بترشيد استخدام المياه ونعمل العكس؟! لماذا يتم وقف زراعة القمح والشعير والأعلاف ثم نتوسع في زراعة النخل وأشجار الزيتون؟! أهداف متناقضة ومصالح متضاربة.. كل هذا على حساب استنزاف وإهدار موارد ماء بالمملكة.. لا أقول أي عقل نحمل؟! لكن أقول أي نتائج نجني؟! أي مستقبل ستواجه الأجيال القادمة؟! ¿¿من بداية تسعينيات القرن الماضي وصوتي مستمر.. أكرر النداء وصوت النذير والتحذير.. ليس لأَنِّي الأذكى.. ليس لأَنِّي أبو (العرّيف) كما يقول البعض في نزال المكابرة.. نزال الغرور والغطرسة.. نزال الجهل والجهالة والتجاهل.. أرفع الصوت لأَن شخصي يعيش رهبة الموقف.. يعيش رهبة النائح وهول التجاوزات.. أرى بؤس مستقبل الماء.. أرى العطش.. أرى هول عطش الأجيال القادمة. ¿¿لا أتقول على الله.. لا أعلم الغيب.. المؤشرات تؤكد وجود ذلك الهول وتلك الرهبة التي أستشعرها.. استمرار المؤشرات يؤكد القلق.. هواطل المؤشرات تزداد زخما.. متى نأخذ بالمحاذير ونترك الباقي على الله؟! لماذا تجربة المجازفة؟! لماذا الدخول في نفق التهلكة؟! حتى العلم وحقائقه نضرب بها عرض الحائط.. ربّاه أي أمّة نحن؟! ¿¿مع تجنب المحاذير علينا التوكل على الله.. حتى تجنب المحاذير قد لا يجدي ولا ينفع.. لكن هذا سيعطينا حقا واقعا أننا اتبعنا ما يجب اتباعه.. إن حصل المحذور فهذا يعطينا العذر أمام أنفسنا وأجيالنا.. لا أسجل هنا خطبة للوعظ والإرشاد.. لا أسجل محاضرة استعراض.. لكن أدعو إلى التأمل.. أدعو إلى التفكير.. أدعو إلى الاتعاظ.. أدعو لأخذ العبرة من نتائج التاريخ القريب.. أدعو لأخذ مؤشرات نضوب المياه بجدية وعزم وحزم. ¿¿في أمر الماء أصبح يومنا بسنة.. هذا مؤشر على عدم استيعاب الخطورة.. وصلنا كما قلت سابقا مرحلة الكي.. مرحلة إعلان حالة الطوارئ في أمر المياه الجوفية والتوسعات الزراعية.. إيقاف فوري.. البدء بمرحلة التصحيح بشكل عاجل وسريع.. هناك مؤشرات ظهرت من ثلاثة عقود.. ما زالت هذه المؤشرات تنمو وتكبر.. كأنها تقول: تعالوا شوفوني.. لماذا لا نكترث؟! هل أقول: لقد أسمعت حيا أيتها المؤشرات ولكن لا حياة لمن تنادين. ¿¿ هل هناك أعظم من مؤشرات انخفاض مناسيب المياه الجوفية؟! إذا كان هذا لا يؤرق وزارة البيئة والمياه والزراعة.. فماذا يمكن أن يجعلها تستيقظ لتعلن حالة الطوارئ؟! بلغ انخفاض مناسيب المياه في بعض المناطق بأكثر من (200) متر.. في الأحساء التي كانت عيونها تدفق بالماء لعلو المترين عن سطح الأرض.. بلغ الانخفاض بأكثر من (150) مترا.. إطالة المشكلة يؤكد هول القادم.