بعد زيارته للمنطقة الشرقية في المملكة وافتتاح مشاريع كبرى تؤسس للمستقبل السعودي بكل ثقة، وبعد تواصل مع القادة ووجوه المجتمع وتلمس الحاجات وقراءة الواقع، وسَبرٍ لأسئلة المستقبل المتين الذي تقود إليه رؤية المملكة 2030، وفي حوارٍ أكد فيه الملك سلمان على أن المنطقة الشرقية بوابة المستقبل الاقتصادي المتين، الذي لا ينفصل عن ثوابت تأسيس الدولة المبنية على خدمة الإسلام وحجيج بيت الله ونهج التوحيد انطلق الملك سلمان إلى زيارة أشقائه في دول الخليج العربي لتكون له محطات وأسفار من الود والحب والفرح بالزائر الكبير. نعم سلمان سيدّ قومٍ كبار، والسعودية كما وصفها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «عمود الخيمة الخليجية والعربية» وهي الكتلة التاريخية القادرة على قيادة المشروع العربي اليوم في مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، وسلمان رجل الحزم في مواجهة هذا الخطر ورجل الموقف ورجل العون وهو السند، ولذلك لم يكن مستبعداً أن تقدّم له قطر أنفس هداياها وأرفعها قيمة وهي سيف المؤسس جاسم بن محمد آل ثاني، تقديراً لصاحب الجلالة الملك سلمان. وهي سابقة وأولى الهدايا التي تهدى في قطر، فلأول مرة يتم إهداء السيف، وفي ذلك تقدير وتعبير عما يكنه الأمير تميم وشعب قطر لخادم الحرمين الشريفين من مودة وتأكيد لمنزلة الضيف العالية وإظهار لعرى الأخوة بين الشعبين الشقيقين. في الدوحة كان الانشغال كبيراً لاستقبال الضيف، أيام وليالٍ كان فيها عمل كبير، استبق الزيارة في ترتيب الاستقبال، فازدانت الشوارع بأعلام الدولتين وصورة الملك سلمان رفعت في مساحات عديدة في شوارع المدينة ومسطحات البناء الواسعة والحدائق، نفسٌ موحد كان هنا في الدوحة يقول: قطر هي السعودية والسعودية هي قطر. زيارة لم تخلُ من معاني الحياة ومشاركة الملك سلمان لمستقبليه في حديقة الديوان الأميري رقصة «العرضة النجدية». إنه الإرث المشترك بين شعب البلدين، والتاريخ حين يصير معبراً للمستقبل وطريقاً للوحدة، والرؤى المشتركة، وهو ضمان للمستقبل الذي قدمته الدوحة في زياراتها حين استقبلت الملك سلمان في المنطقة التعليمية وأطلعته على ما يضم هذا المجمع الكبير من جامعات ومشاريع ومؤسسات تعليمية تشكل أسس المستقبل القطري وتمثل رافعة الحياة والتنمية المقبلة. نعم سلمان في الدوحة كان مشرقاً وكأنه في بيته، وبين أهله، في زيارة هي الأولى لقطر، لكنها زيارة مليئة بمعاني الود والأخوة، بيت تميم ودار حمد كانت هي ذات الدار الكبيرة التي استشعر فيها سلمان أنه مع إخوته في الدار الواحدة، التي يجب أن تظل متحدة موحدة في وجه كل من يريد النيل من وحدتها ويمس كيانها. لقد تابعت بحكم وجودي في الدوحة الاستقبال والتحضير للزيارة، وسمعنا من القطريين انطباعات كثيرة عنوانها الفرح والأمنيات الكبيرة في توحيد الرؤى التي تؤسس لأفق جديد في العلاقات السعودية القطرية، وفي خياراتها المبنية على التعاون والتنسيق والحفاظ على وحدة البيت الخليجي وتنسيق المواقف المشتركة وصياغة وجهات النظر إزاء ملفات المنطقة المعقدة. في الدوحة كان سلمان بين أهله وفي أبو ظبي استقبل بمثل ما كان له في الدوحة، وفي الكويت سيكون كذلك وفي المنامة أيضاً، زيارة تاريخية لمشارق الخير ونبت الربى، زيارة تعيد للبيت الروح التي ما غابت عنها مسحة العروبة، وتؤكد على أن الدار الخليجية محمية وموحدة، ولا ينال منها عابث ولا يمسها طامع بسوء، ما دامت الوحدة عنوان المصير والمستقبل والحاضر. في قطر كما بقية دول الأشقاء، تحضر أسفار المودات وقصائد الحب، وتحضر أسئلة الحاضر والمستقبل، للتأكيد على أن الزمن القادم مفتوح على مزيد من الخير والتعاون، وهو زمن مبني على المعرفة والعلم والتنمية التي ستعين الناس على الاستجابة لتحديات العصر بكل ثقة وشموخ، وفي هذا الحاضر المليء بالتحديات ما يوجب على الجميع التوحد والتنسيق والاتفاق لمواجهة الاطماع التي تضرب بالمنطقة العربية والتي تهدد أمنها واستقرارها وهويتها الحضارية. أخيراً، سلمان العزم يزور أشقاءه، في مسير للمجدٍ له به مقام، وفي عينه وقلبه حرص على الدار الكبيرة وعزم الكبار، الذين لا تلين لهم قناة، فيبقون على الروح وهاجة، وعلى يقظة العقل التي تنير الدرب وتسلك بالشعوب مسالك النهضة والتقدم.