انعقدت القمة الخليجية التشاورية في العاصمة البحرينية، وهي السابعة والثلاثون في عمر المنظومة الخليجية، في ظروف دقيقة تمر بها دول المجلس والدول العربية، وهو أمر اقتضى من زعماء المنطقة بحث كافة التحديات التي تواجهها دول المنطقة، بما فيها دول المنظومة، فالملفات التي بحثت في القمة هي ملفات حيوية ومحورية تهم مصير دول المنطقة المشترك وكيفية الحفاظ عليه. ملفات أمنية واقتصادية وسياسية بحثت في هذه القمة الهامة، لعل على رأسها متابعة مشروع الاتحاد، الذي طرحته الرياض؛ للانتقال به من مرحلة التعاون، وهو مشروع مصيري يهم الدول الخليجية الست تحقيقه؛ لتكثيف مسارات العمل الوحدوي الخليجي وإخراجه إلى حيز الوجود، في ظل ما يشاهد اليوم من تحديات وظروف اقتصادية صعبة وشائكة، وفي ظل نزاعات قائمة تنذر بأخطار تحدق بدول المجلس. تطوير تجربة التعاون وانتقالها إلى آفاق جديدة هي مهمة طرحت على جدول أعمال قمة المنامة، فالتجربة التعاونية بين الدول الخليجية هي تجربة ناجحة بكل المقاييس والمعايير، غير أن تطوير هذه التجربة في الوقت الراهن استشرافا لمستقبل واعد وأفضل بين الدول الخليجية الست أمر لا بد من تحقيقه على أرض الواقع؛ لمواجهة تعاظم التحديات الإقليمية والعالمية وما تفرضه من اشتراطات وتستدعيه من سياسات. تحقيق الغايات التنموية للوصول إلى النمو الاقتصادي المنشود بين دول المنطومة هو أمر يحظى باهتمام قادة دول المنظومة، فتطلعات شعوب المنطقة تسعى لتوفير البيئة الصالحة والقادرة على حماية سلسلة التطور والنمو التي حدثت في دول المنطقة خلال السنوات المنفرطة، وهو أمر يستدعي تحقيق تلك الغايات المنشودة من قبل زعماء الدول الخليجية لما فيه رخاء وأمن واستقرار شعوبهم. ومن الملفات الهامة التي بحثت في القمة ملف إنشاء التكتل الاقتصادي الخليجي، ليغدو أكبر سادس تكتل على المستوى العالمي، وليس بخاف أن العصر الراهن يشهد مجموعة من التكتلات الاقتصادية الكبرى، فلا مكان فيه للانكماش داخل الذات، بل لا بد من إنشاء التكتل الخليجي لا سيما أن التجانس الاقتصادي والاجتماعي بين دول المنطقة كبير للغاية ويسمح بإقامة هذا التكتل بالسرعة المرجوة. من جانب آخر، فإن دول المنظمة تواجه اليوم الخطاب الإيراني الطائفي العدائي، فحكام إيران يسعون لتصدير ثورتهم الدموية إلى دول المنظومة الخليجية، وليس أدل على ذلك من تورطهم في سلسلة من العمليات الإرهابية الشنيعة التي حدثت في مناطق متفرقة من المملكة وفي البحرين والكويت، فالخطر الإيراني يشكل قلقا لزعماء دول المنطقة، ولا بد من مواجهته بحزم وعزم. والمهددات التي تطال استقرار الدول الخليجية وأمنها واستقلالها متعددة، لعل أبرزها ما تمارسه الميليشيات الحوثية والمخلوع صالح من اعتداءات صارخة على أراضي المملكة ومحاولتها تهميش الشرعية اليمنية، وقيامها بالتعاون مع إيران والمنظمات الإرهابية للحيلولة دون عودة الشرعية وإطالة أمد الحرب في اليمن لتحقيق أغراض سياسية تهدد استقرار وأمن دول المنطقة. وازاء ما يعصف بالأجواء العربية والخليجية من تحديات، فإن من الضرورة بمكان وضع خطة عمل واضحة لضبط العمل الخليجي الواحد باتجاه تحقيق الأهداف المرجوة من مشروع الاتحاد، وتحقيق الرؤية الوحدوية المطلوبة من خلال ترجمة المشروع الاتحادي وتحقيقه على الأرض كأهم مشروع بين دول المنظومة الخليجية.