منذ انعقاد أول قمة خليجية عليا في العاصمة الاماراتية حيث أعلن فيهاعن قيام مجلس التعاون بين دوله الست واعلان ميثاقه التاريخي والحقيقة التي تلوح في آفاق سماوات تلك الدول أن هذه التجربة الوحدوية الفريدة من نوعها في هذا العصر ولدت منذ ذلك التاريخ لتبقى وتستمر محققة أحلامها العريضة التي جاءت في ميثاقها لمصلحة الوطن الخليجي وانسانه، وليس هناك ما يدعو للمقارنة بين هذه التجربة ومثيلاتها من تجارب تحققت على أرض الواقع في عدة أقاليم عالمية، فلكل تجربة ظروفها وسياساتها الخاصة، غير أن ما يبدو واضحا للعيان أن زعماء دول منطقة الخليج عازمون على الوصول بسفينة تعاونهم الى غاياتها المنشودة تحقيقا لكل بنود ميثاق مجلسهم منذ اعلانه في تلك القمة التاريخية، وليس أدل على ذلك من تحقيق سلسلة من الانجازات بين فترة وأخرى على أمل الوصول الى تكاملات خليجية في مجالات اقتصادية وأمنية واعلامية وخلافها، فقد توصل وزراء المالية والاقتصاد والتجارة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست يوم أمس الأول بالدوحة الى اتفاقهم التاريخي المعطوف على قرارات وتوصيات القمة العادية الأخيرة التي عقدت في ديسمبر من العام الفائت بتطبيق الاتحاد الجمركي بين دول المجلس اعتبارا من الأول من يناير عام 2003م والعمل على بلورة مشروعين حيويين لانفاذهما بحلول عام 2010م وهما إنشاء السوق الخليجية المشتركة واعتماد عملة موحدة بين دول المجلس الست بعد عملية ربط قياس العملات المحلية بالدولار، وهكذا تسعى هذه المنظومة بإرادة سياسية من زعماء المنطقة لتحقيق كافة التوجهات المرسومة لأحلام وآمال وتطلعات أبناء الشعوب الخليجية في زمن ما عاد فيه متسع للانكماش على الذات والتحرك في عزلة عن الآخرين، فثمة متغيرات ومستجدات وتحولات دولية متسارعة لاسيما في المجالات الاقتصادية تحديدا تستدعي التجاوب معها والتكيف مع معطياتها وافرازاتها.