أشْرَقَتْ.. فالعَبيرُ.. مِلْءُ المَكانِ وَدَنَتْ فاضْطَربْتُ بالخَفَقان ِ! ورَمَتْ من وِشَاحِها شَذَراتٍ فَدَهاني من لَوْنِها ما دَهاني كُلُّ لَوْنٍ بلَوْعَةِ الشّوق غَنّى (أغَدًا)1، فاسْتَطابَ لحنُ الأغاني نَقْشُ حِنّائِها على الكَفِّ تِبْرٌ ولُمَاها.. تَشِعُّ بالأُرْجُواني وعيوني تَسَمِّرَتْ عند وَشْم ٍ قَبَلِيٍّ.. على الخُدُوِد كَواني ولها بَسْمَةٌ.. أبيعُ سِنيني لِسَناها، في لحظةٍ.. لِتَراني! وبياضُ الأسْنان شَمْسٌ، وثَلْجٌ جَلَّ ربِّي.. كيفَ الْتقى الأبْيَضان؟! وعيونٌ بالكِحْلِ تصطادُ صَبّا باتَ من رَمْيِها جَريحاً يُعَاني هِيَ سَهْمٌ شَكَّ الفؤادَ، ووَجْهٌ (عَطْبَريٌّ)2، وسارقٌ للجَنان و( زُمامٌ)3 من اللّجَيْن تَهادى فوق أنْفٍ، بَلْ فوق سَيْف الطَّعان قدْ تَحَلَّتْ بهِ، وظَنّتْهُ عِرْسًا وجَمَالاً، وقِطعة ً من جُمان هُو ما زانَها حِلِيّاً، ولكِنْ هِيَ مَنْ أسْبَغَتْ عليه المَعاني كان شِلْوًا،لا روحَ فيهِ فَدَبَّتْ بجُزيْئاتِهِ لُحونُ الكَمان لَيْتَنِيهِ أُحيطُ.. فِلقَةَ بَدْر لَيْتَنِيهِ.. بحُسْنِها الرّبّاني سَلَبَتْنِي تلكُ الجميلة ُ حتى كُدْتُ مِن لَحْظِها..أُضيعَ مَكاني! أنتِ مِن أينَ ؟ فاسْتَدارَتْ كَشَمْس: أنا.. حِنّاءُ زِينةِ النِّسْوان أنا أمْشي، والناسُ خَلْفِيْ سُكارى دُوْنَ خَمْر، أنا مِن (السُّودان) أنا (ليلى)، و (زينبٌ)، و(سُعادٌ) و(نَوالٌ)، و(سَوْسَنٌ)، و(الغَواني) أفْتِنُ العاشِقَ الأسيرَ، وأمْضِي لا أُبالي، وإن بَدَا بافتِتاني مرحبا ب(السودان) يقْطُرُ طِيْباً وخِصالاً، ومَوْطِنا لِلحَنان وسَناءً لِلّيْل يُشْرقُ نُوراً واحْتِواءً لِلَمَّةِ الخِلاّن هُوَ يهواكِ، فارحَمِيهِ، وكُوني (سِمْحَة)4 القلبِ للشّقيِّ المُعاني أنْتِ منها ؟.. أهْلاً، وسهلا، ولكِنْ كيف نَنسى وقِيعَة الشّيطان؟ أنت منها؟ يا ويحَ قلبيْ لِقُطْر كان بالأمْسِ كامِلَ البُنْيان قَطَعُوا فِلْذةً من الأرض كانَتْ نَبْعَ خير، يَعُمّ كُلّ الكِيان شَرْشَرُوا حَدَّها الجَنُوبِيِّ حتى صَيَّرُوها أُلْعُوبَة َالصِّبْيان قد عَرَفْنا حُدُودَها مُنْذ أنْ كُنّا صِغارا (خريطةَ السّودان) * هكذا تَمْخَضُ السِّياسةُ مَسْخا وانتِقاصا لِهَيْبَة الأوطان لَيْتَ (جُوبا)5 حَطّتْ رحالاً وغَنّتْ في رُبوع (الخُرطوم)، مَهْدِ التّفاني قاطَعَتْني بِبَسْمةٍ، وَدَعَتْنِي أنْ أكُفَّ الحَدِيثَ عن كُلِّ شَان حَسْبُكَ الشِّعْرَ في عُيُون الحِسان أنْت لَسْتَ الجَدِيرَ بالهَذَيان عُدْ، وغَنِّ الجَمالَ، وانْبُذ حديثا ليْسَ فيه سوى الأذى والهَوان عُدْ، وغَنِّ الجَمالَ، واكتُبْ: تعالي وستأتيكَ في الكَرى والعَيان! 1- (أغَدًا) مطلع قصيدة غنائية للشاعر السوداني الراحل الهادي آدم (2006 -1927 م )، والمطلع هو: أغدا ألقاكَ؟ يا خوف فؤادي من غدي.. التي غنتها أم كلثوم من ألحان الموسيقار محمد عبدالوهاب. 2- نسبة إلى مدينة (عطبرة) السودانية، وتم استخدام الكلمة، واسم المدينة بشكل غير مقصود للدلالة على سودانية المرأة. 3- هو قطعة الحليّ التي تثبتها المرأة في شحمة أنفها وكان نساء الخليج يتحلين بها حتى منتصف السبعينيات الميلادية من القرن الماضي، ونسميها في الخليج (خُزّامة). 4- سمحة.. كلمة سودانية شعبية تعني.. الطيب.. الجيد، الجميل، اللين، رجل سمح: يعني طيب. 5- هي عاصمة جمهورية جنوب السودان التي انفصلت عن الجمهورية السودان الأم.