منذ بدء العلاقات بين المملكة والولاياتالمتحدة، وتحديدا عند رسم ملامحها في أعقاب الاجتماع التاريخي الشهير الذي جمع مؤسس الكيان السعودي الشامخ- المغفور له باذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن والرئيس الأمريكي روزفلت وقتذاك، والعلاقات بين البلدين الصديقين تزداد عمقا ورسوخا ومتانة في مختلف ضروب التعاون، لاسيما في المجالين التجاري والاقتصادي. واستمرارية للتعاون القديم والتاريخي بين البلدين فقد جاء في تضاعيف البرقية التي بعث بها قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- يحفظه الله- يوم أمس الأول إلى فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمناسبة فوزه بانتخابات الرئاسة في الولاياتالمتحدة ما يؤكد أهمية العلاقات التي تربط بين البلدين الصديقين وأهمية التطلع إلى تطويرها وتعزيزها في مختلف المجالات. تعزيز تلك العلاقات التاريخية كان واضحا في مختلف العهود التي تعاقبت بعد روزفلت، فقد كانت المملكة حريصة على تعزيز علاقاتها بالولاياتالمتحدة في سائر الفترات التي تولت فيها القيادات الأمريكية دفة الحكم في البيت الأبيض، ويهم المملكة في عهد ترامب أن يوفق في تحقيق الأمن والاستقرار سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في مختلف دول العالم شرقا وغربا. الولاياتالمتحدة تتمتع بأثقال سياسية واقتصادية كبرى، ولها دور مؤثر ومحوري في معظم القضايا الشائكة السائدة في العالم لاسيما في منطقة الشرق الأوسط حيث بؤر النزاع لا تزال مستمرة في عدة بلدان منها ولعل على رأسها بؤرة النزاع المتأججة في فلسطين التي تعتبر قضية العرب المركزية، ولا شك أن الادارة الأمريكية الجديدة قد تفعل شيئا إيجابيا لحلحلة تلك القضية المعقدة التي تعد من أطول القضايا السياسية المعاصرة. وقد نادت المملكة دائما بأهمية الوصول الى حل عاجل ونهائي لتلك القضية من خلال قيام الدولتين المستقلتين وعودة الأراضي الفلسطينيةالمحتلة الى أصحابها والعمل على عودة المهجرين الفلسطينيين والاعتراف بسيادة المسلمين على القدس الشريف، والآمال معقودة على الإدارة الأمريكية الجديدة للقيام بدور إيجابي حيال تلك القضية وبقية قضايا المنطقة العربية التي ما زال تعليقها يهدد الأمن والسلم الدوليين. تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة يستلزم حلا عادلا ومنصفا لدولها، وهذا ما تنشده المملكة في الرئاسة الأمريكية الجديدة، لاسيما أن الرئيس الأمريكي المنتخب أعلن فور فوزه في الانتخابات تعزيز علاقاته مع سائر دول العالم بما فيها دول منطقة الشرق الأوسط، وكلها ترنو إلى تحقيق الأمن والسلام في ربوعها ونزع فتائل الحروب التي ما زالت تهدد سيادتها، والعمل على إخماد ألسنة الفتن والاضطرابات المائجة في بؤر النزاع فيها. إضافة إلى أهمية دعم العلاقات بين المملكة والولاياتالمتحدة فإن من الضرورة بمكان أن يقدم الرئيس المنتخب لأقوى دولة في العالم على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتسوية النزاعات القائمة في كثير من بؤر النزاع في العالم، وهي مهمة منوطة في العادة بالدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدة صاحبة القرارات والمبادرات المصيرية التي تصب في روافد السلم والأمن، وتصب في قنوات المصالح المشتركة بين الولاياتالمتحدة وكافة دول العالم.