من مجلس المرحوم الحاج سعيد مقابي بالقطيف، انطلقت باكورة ندوات السنة الجديدة لمنتدى الثلاثاء الثقافي، حلق بنا الأستاذ جعفر الشايب راعي المنتدى وسرد قصة المنتدى التي استمرت 16 عاما، أقام خلالها 359 ندوة إضافة إلى العشرات من المعارض وبرامج التكريم، هذا التاريخ الناصع للمنتدى، أهله للحصول على جائزة وزارة الثقافة والإعلام عام 2010م، وجائزة «شايو» لحقوق الإنسان من بعثة الاتحاد الأوروبي بالمملكة. المئات حضروا الندوة للاستماع إلى الأستاذ عبدالله جمعة، أحد أبرز القيادات الإدارية بالمملكة، الذي أدار شركة أرامكو على مدى 14 عامًا بنجاح واقتدار، وكسب خلالها حب موظفي الشركة، هذه القدرة الإدارية أهلته ليكون محاضرا على مستوى العالم، فقد دُعي وما زال لتقديم العديد من المحاضرات في مختلف البلدان. ويمكن أن نشير إلى أبرز ما جاء في تلك الندوة باختصار، حيث أشار الأستاذ عبدالله جمعة إلى الدور البارز الذي قامت به أرامكو إبان حرب الخليج الأولى، عندما أصاب الهلع الكثير من الموظفين الأجانب وغادروا البلاد، عندها تعاملت الشركة مع الأمر الواقع وجلبت الشباب السعودي من مراكز التدريب، واستطاعوا أن يقوموا بدورهم على أكمل وجه، وتمكنت الشركة أن تعوض نقص البترول العراقي والكويتي معا، فإعطاء الثقة إلى جيل الشباب والاعتماد عليهم يفرز نتائج تفوق التوقعات، إلا أنه أشار أيضا إلى أن حالة الهلع والخوف لم يتم التعامل معها بشكل جيد، وهو درس قيم في ضرورة استخدام ما أطلق عليه «المهارات الناعمة» وهي التعامل مع البشر، وضرورة أن يستحوذ على اهتمام الإدارة، وهي من أصعب المهام، وأشار إلى أهمية التواضع لدى القائد والاستماع الجيد لمنسوبي المؤسسة وفريق العمل، فان لديهم دائما الكثير ليعطوه، وأكد على أهمية إتاحة المجال للمشاركين في الاجتماعات؛ لإبداء رأيهم بحرية، على أن يكون رأي رئيس الاجتماع في الأخير، وأشاد بحملة الابتكار التي أطلقتها الشركة حيث أعطت ما يقارب ال 10000 ابتكار خلال 6 سنوات في مجالات مختلفة، وقد تم تطبيق الكثير منها في مجال العمل أو حصلت على براءة اختراع. كما أكد عبدالله جمعة على ضرورة عدم الاسترخاء في العمل؛ لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى كوارث، بل على الإداري أن يكون يقظا باستمرار، كما أكد على أهمية التعلم من الأخطاء، مشيرا إلى أن القرارات الجيدة التي تم اتخاذها كانت نتيجة لقرارات سيئة اتُخذت سابقا، كما أشار إلى ضرورة استشراف وقراءة المستقبل، فالقيادة ينبغي لها أن تُدرك وتستوعب المتغيرات وأن يكون لها القدرة على فهم الظروف المستقبلية واستيعابها، مستشهدا بالتوجه المبكر للتعاون مع الصين ودول شرق آسيا. وعند سؤاله عن أوقات التقاعد، كيف يقضيها، أكد على ضرورة الاهتمام بالقراءة والاطلاع، وضمن تعليقه على إنشاء مركز الملك عبدالعزيز الحضاري، ذكر أن إحدى مقالات الكاتب السوداني جعفر عباس في جريدة اليوم، وإشادته بمكتبة أرامكو، كانت بداية فكرة المركز الحضاري، والذي من المفترض أن يتم افتتاحه قريبا، كما أشاد الأستاذ عبدالله جمعة بتجربة توظيف الشابات باعتبارها تجربة ناجحة، وشجع الجهات الأخرى على الأخذ بها، مشيدا بتفوق الشابات على الشباب في مجال الدراسة والعمل. ندوة قيمة وثرية استمرت أكثر من الوقت المقرر لها، واستمتع بها الحضور، أيما استمتاع.