ثمة تكاملية في الدولة السعودية، واحترام وتقدير للتراتبية، وتبادل للادوار، وامراء ومسؤولون وخبراء على قدر كبير من الاهمية، وفي الايام الماضية لاحظنا الزيارات المكوكية التي قام بها ولي العهد الاميرمحمد بن نايف، الى الاممالمتحدة، ولقاءه قادة الدول والرؤساء، ورؤساء المؤسسات الامنية الامريكية، وبعدها كانت زيارته الى تركيا التي أكدت وعززت علاقة المملكة الاستراتيجية مع انقرة، مثلما كانت زيارات ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان الى امريكا ولقاؤه المسؤولين ورؤساء كبريات الشركات الامريكية واستعراضه الرؤية السعودية 2030، وكذلك زيارته الى اليابان وتوقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية، وحضوره قمة العشرين في الصين ولقاء القادة والزعماء واستعرض خطة السعودية المستقبلية، لدولة ذات اقتصاد عالمي متين وقوي تسعى اليه الشركات العالمية. أمير المهمات الخاصة، الامير محمد بن نايف، تنظر اليه مؤسسات صنع القرار السياسي والامني، بأنه خبرة كبيرة وقامة معروفة في مكافحة الارهاب، وفي تعزيز الامن والاستقرار السعودي، ومساهم رئيس في صناعة الامن والاستقرار الاقليمي والدولي، في ظرف بالغ الحساسية، ترتفع فيه درجة التحديات الامنية، حيث جاءت تأكيدات سموه في لقائه الأمراء وأصحاب الفضيلة والمشايخ وكبار مسؤولي وزارة الداخلية وقادة القطاعات الأمنية بان ما تشهده السعودية من استقرار أمني على مستوى المنطقة والعالم جاء بفضل جهود خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتكاتف أبناء الوطن وتلاحمهم ووقوفهم صفا واحدا أمام التغيرات التي تشهدها المنطقة، واشادة سموه بجهود رجال الأمن وتضحياتهم في الحفاظ على أمن الوطن ومكتسباته، مؤكدا جاهزية رجال الأمن لمواجهة جميع التحديات التي يستهدف فيها أمن المملكة واستقرارها. ولي العهد أكد في انقرة أن «السعودية دولة مستهدفة، وان الاستهداف واضح لا يختلف عليه اثنان ولا نستطيع أن نقول لهم لا تستهدفونا لكن المهم أن نحصن أنفسنا قدر الإمكان» ولعل العقيدة الامنية والسياسية، لولي العهد تميل دائما الى الحصانة الداخلية، لان نجاحنا في السياسة الخارجية والدولية يعتمد على قدرتنا في تعزيز الامن والاستقرار الداخلي، وقد تمكنت المملكة ان ترسي قواعد حقيقية لهذا الامن، وان تجعل المواطن والوطن السعودي بمأمن من الاخطار والتحديات الخارجية، وهذا لا يعني بأن لا نضاعف درجات التحصين، ولعل اللحمة والوحدة الداخلية الصخرة التي تتكسر عليها اية محاولات تهدف الاضرار بأمننا واستقرارنا الوطني. في زيارة سموه الى تركيا كانت الانظار والتحليلات تتابع هذه الزيارة، خاصة وان تركيا قريبة من الازمة السورية، وشريك مؤثر في معادلة القوة الاقليمية، وللمملكة اصدقاء في سوريا الوطن والمعارضة السياسية، ولها علاقات واقليم كردستان العراق، وهناك ايرانوروسيا والمملكة تتابع ما يجري في العراق من استعدادات لتحرير مدينة الموصل وهي شريك رئيس في محاربة الارهاب، وبالتالي فان المملكة متواجدة وقوة اسناد عالية ولديها خبرات ومشاركات عملية في مكافحة الارهاب واجتثاثه. المملكة وفي ذات الوقت وعلى ضفاف الخليج العربي كانت تجري تدريبات ومناورات بحرية غير عادية، اثارت هواجس ايران رغم طابعها التدريبي، دفع بها لاصدار تحذيرات متعددة تحذر من مغبة الدخول في مياه ايران الاقليمية، في الوقت الذي تواجه فيه المملكة الانقلابيين على شرعية اليمن والذين استخدموا الدم اليمني واستغلوه برخص للاساءة للمملكة، فقد استنكر المجتمع الدولي ومنظماته استهداف الحوثيين للاسواق الشعبية، وكذلك استهدافهم للسفينة الاماراتية، ومؤخرا للقطع البحرية الامريكية، والمدن السعودية وجاءت حادثة الانفجار في قاعة عزاء الرويشان في صنعاء لتكشف مدى غباء الانقلابيين ومحاولتهم اظهارالانفجار بانه نتيجة لقصف جوي عائد للتحالف العربي، غير ان المعلومات بدأت تتضح وتبين ان الانفجار مخطط له من قبل الانقلابيين لان انتفاضة شعبية كانت على وشك الانطلاق في ذلك اليوم، والمعلومات التي تسربت حول تأكيد قيادي حوثي بحدوث امر هام يوم الانفجار، اضافة الى استعجالهم تجريف مكان الانفجار للحيلولة دون التأكد من آثار الجريمة اعتقادا منهم بان ذلك يلغي الحقائق، حيث كانت قيادة التحالف واثقة من نفسها بانها ستجري تحقيقا فوريا بمشاركة امريكية. ان زيارة ولي العهد لتركيا تم النظر اليها بأنها زيارة متعددة الاهداف والاغراض، فقد ربط البعض بينها وزيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف قبيل يوم من زيارة سموه الى تركيا، حيث لا زالت ايران غير واثقة بالطرف الامريكي رغم التنازلات الكبيرة التي قدمتها، وايضا جاءت الزيارة قبيل ايام من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى اسطنبول ولقائه الرئيس التركي اردوغان، اضافة الى التحرك التركي الاسلامي لمواجهة «جاستا»، باعتبار تركيا رئيسا للقمة الاسلامية، كما ان تركيا كانت قد اشادت بموسم الحج لهذا العام، وكذلك دعمها للمملكة في رعاية الحرمين الشريفين وما توليه من جهد لخدمة الحجاج والمعتمرين، كما ان هذه الزيارة جاءت مع الاستعدادات لمعركة الموصل وبعد الموصل من ترتيبات سياسية تتعلق بحقوق العرب السنة، حيث بدا واضحا على خطاب الحكومة التركية، ان وجودها في بعيشيقة تم بطلب رسمي، وانها تتطلع للحفاظ على حقوق السنة الكرد والعرب والتركمان، وانها ترفض اية عمليات تهجير ديموغرافي للسكان الاصليين، وكذلك ترفض مشاركة الحشد الشعبي لدلالاته الطائفية. اللافت للانتباه كان الاحتفاء التركي بولي العهد، باعتباره الشخصية الثانية في الدولة السعودية، وتكريم سموه بقلادة مخصصة لقادة الدول في خرق واضح للبرتوكول الرئاسي التركي، مثلما ايضا خرقت الرئاسة البروتوكولات تقديرا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في مشاركته في مؤتمر قمة العشرين الذي عقد العام الماضي في تركيا، ولقاء الرئيس التركي الحميمي بولي ولي العهد في بكين، لكن هناك من لا يرغب بالعلاقة الاستراتيجية بين المملكة وتركيا، ويعتبرها ضد مصالحه، رغم ان المملكة كانت دائمة فاعل خير في تحسين العلاقات الدولية والاقليمية، وبدأت وسائل الاعلام هذه بنسج الاخبار التي ليست لها علاقة بالحقيقة، خاصة فيما يتعلق بالموقف السعودي من الانقلاب الفاشل في تركيا فالحقائق تؤكد ان الاتصالات السعودية التركية لم تنقطع منذ بداية الازمة. ويربط البعض بين هذه الزيارة وبيان الخارجية الروسية فيما يتعلق بتفجير قاعة العزاء في صنعاء فقد دعا الروس للتحقيق الفوري، ودعوا ايضا لحل الازمة اليمنية سلميا وفقا للقرارات الدولية ومرجعيات الحوار اليمني، الامر الذي اسقط في يد الانقلابيين، الذين طلبوا من عارف الزوكا مقابلة السفير الروسي في مسقط وحثه روسيا لاتخاذ موقف من الازمة اليمنية. رجل المهمات الخاصة، كان دائم التنسيق مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وتوجيهاته حيث تشير التحليلات بأن السعودية في عهد الملك سلمان، اصبحت دولة ذات مشروع عربي اسلامي وشخصية سياسية واضحة، وفاعلا رئيسا ومؤثرا في القضايا الاقليمية والدولية.