كانت خدمة الحجيج شرفاً في الجاهلية فكيف بهذا الشرف في الإسلام؟! خاصة وأن الله تكرم بفضله ونعمته علينا حكومة وشعباً بأن نحظى بهذا الشرف وأن تكون المملكة حاضنة للمقدسات الإسلامية في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، والمشاعر المقدسة. فمنذ أن تأسست هذه الدولة وهي تبذل جهوداً جبارة في خدمة المقدسات الإسلامية وإقامة المشروعات العملاقة التي تكلف المليارات من الريالات وهدفها هو راحة ضيوف الرحمن من مختلف جنسياتهم وانتماءاتهم المذهبية، وأن يؤدوا مناسكهم بيسر وسهولة واطمئنان. شرف خدمة الحجاج تقابله مسؤولية ضخمة وكبيرة، فكلما تضاعفت أعداد الحجاج تضاعف تبعاً لها المستوى الاقتصادي، والأمني، والصحي، والخدمات بأنواعها وتسخير كل الإمكانات؛ للحفاظ على سلامة الحجاج في الحرمين الشريفين، وفي مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة وعلى مختلف الطرق المؤدية لها من لحظة قدومهم وحتى عودتهم سالمين -بمشيئة الله تعالى- جهد مأجور قبل أن يكون مشكوراً. التوسعة المباركة والمشاريع العملاقة لا تتوقف ولا تنتهي، والاهتمام النادر بالمشاعر المقدسة والاستعدادات طوال العام مذهل، ففي كل عام يشهد الحجيج تطوراً جديداً في الخدمات؛ للتسهيل عليهم، وقطار المشاعر المقدسة يدخل هذا العام الخدمة بكامل طاقته الاستيعابية، زد على ذلك الخدمات الالكترونية الحديثة وتسخيرها لخدمة ضيوف الرحمن، فانتشار استخدام حجاج بيت الله الحرام تطبيقات الهواتف الذكية وغيرها من وسائل التكنولوجيا سهل أداء المناسك. كما ظهر لأول مرة استخدام السوار الإلكتروني الذي يساعد الجهات الرسمية السعودية على إدارة الحشود تفاديا لفقد الحجاج خصوصا كبار السن في ظل حدوث الازدحام. وأسورة أخرى تكون بها خدمات أكثر بحيث تعرّف عن الأماكن التي يمر بها الحاج ويتم من خلالها معرفة أعداد الحجاج المتواجدين في داخل المسجد وكذلك في منشأة الجمرات إضافة إلى بعض الشوارع حتى يتم التمكن من إدارة الحشود بطريقة منظمة وتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن، وفي وادي مكة للتقنية، طوّر شباب سعوديون أجهزة حساسة تعمل من خلال نظام «القارن» أو ما يُعرف ب «البلوتوث» لمساعدة الحجاج في أداء مناسكهم من خلال تطبيق يحمل اسم «المقصد». وهناك تطبيق آخر يُتيح للحاج التعرف على كثافة الحركة في مناطق أداء المناسك لتفادي الازدحام وبيان أوقات الذروة. ولم يقتصر استخدام التكنولوجيا على الهواتف الذكية لإرشاد الحجاج فحسب، بل ثمة أفكار أخرى منها المظلات الذكية التي تضم مروحة تعمل بالطاقة الشمسية ومخزن طاقة لشحن الهواتف الذكية، إضافة إلى خاصية تحديد الموقع، ناهيك عن الخدمات البشرية، فأبناؤنا وبناتنا جنود مجندة لخدمة الحجيج في كل مجال سواء أكان أمنياً أو طبياً أو إرشادياً وفي كل الخدمات. مجهودات بارزة مذهلة، من يصدق ملايين من الحجاج يجتمعون في مساحات ضيقة في وقت واحد ومكان واحد يؤدون مناسكهم بكل طمأنينة وانسيابية وأمان بالرغم من اختلاف ثقافاتهم وعاداتهم ولغاتهم؟! انجازات وخدمات كثيرة لا تعد ولا تحصى تتحدث عن نفسها بالفعل والعمل، وهذه التلفزة على مدار الساعة تنقل كل هذه الانجازات بالصوت والصورة والعالم يشاهد!! والرب يشهد «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك». مجهود مشكور مأجور والقافلة تسير ولن تقف إن شاء الله مادامت الحياة وإلى نهاية الوجود وإن نبحت وتنبح ال (...) الضالة المضلة. فلتخسأ الأبواق الحاقدة المطالبة بتدويل الحج، فالمملكة برهنت منذ تأسيسها أن لديها الكفاءة والقدرات لإدارة الحج وتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن. أهنئ نفسي والقيادة الحكيمة والشعب المخلص بنجاح موسم هذا العام المميز ووصول جميع الحجاج لمشعر عرفات بكل يسر وطمأنينة وإكمال مناسك حجهم، وما ذلك إلاّ بفضل الله سبحانه ثم بفضل الجهود المبذولة والمتابعة الدقيقة المستمرة.. أدام الله عز هذا الوطن وقيادته وشعبه.