شاءَ الله سبحانة وتعالى أن أكون ضمن حجاج بيت الله الحرام لهذا العام محرماً لاثنتين من قريباتي، وكان الحج وفق التعليمات والأنظمة التي أقرها ولي الأمر لغرض تقديم خدمة أفضل وأشمل لوفود الرحمن، حيث إنه لا حج إلا بتصريح، وكنت ومن معي ضمن حملة للحج التي وفت وكفت وقامت بالواجب وفق ما تضمنه العقد الخاص بذلك. وكان الفاصل بين آخر حجة، وهذه الحجة لعام 1435ه قرابة عشر سنوات فأكثر، فشهدت بعيني تلك العناية والرعاية الفائقة والتي تشمل الحرم المكي الشريف والمشاعر المقدسة التي في تطور مذهل حتى تستوعب الملايين ممن يفدون إلى مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج كل عام. هذه العناية والرعاية التي يوليها ولاة الأمر - حفظهم الله - كل اهتمامهم، وقد بدأت منذ تأسيس هذا الكيان على يد جلالة الملك عبد العزيز - طيّب الله ثراه - حيث أمّن طريق الحجاج فوصلوا إلى مكة والمشاعر بكل أمن وأمان تحفهم رعاية الله، بعد أن كان يتعرض الحجيج للسلب والنهب قبل تأمين ذلك من قِبل المؤسس - غفر الله له -، ثم استمرت هذه العناية والرعاية في عهد الملك سعود حيث تم توسعة أولية للحرمين الشريفين وما زالت باقية إلى وقتنا الحاضر، وكذلك استمرت العناية والرعاية في عهد جلالة الملك خالد وجلالة الملك فيصل وخادم الحرمين الملك فهد - رحمهم الله جميعاً -. ثم توالت واستمرت العناية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - شملت هذه الرعاية والعناية الجمرات والحرم المكي الشريف وما زالت، كذلك شملت إنشاء قطار الحرمين الشريفين والاهتمام بمياه زمزم، وذلك ضمن مشروع الملك عبد الله للاهتمام والعناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وكذلك الاهتمام والعناية بجميع الخدمات التي تيسر لوفود الرحمن أداء نسكهم والقيام بأركان وواجبات الحج وأداء مناسك العمرة بكل راحة واطمئنان، وشملت تلك الخدمات الصحية والبلدية والاتصالات وتوفير المواد الغذائية والإرشاد والتوجية وتوعية الحجاج بكل ما يحقق أداء العمرة والحج، وذلك من خلال جهود وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، سواء في المشاعر المقدسة أو منافذ المملكة الجوية والبرية والبحرية، حيث يتم توعية الحجاج بكل ما يحتاجونه من معرفة أحكام الحج والعمرة، بما يضمن لهم أداء نسكهم وفق شريعة الإسلام السمحة، ولا ننسى دور الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يتواجد أعضاؤها داخل المشاعر وفي الحرمين الشريفين، وذلك بتوعية الحجاج وإرشادهم خشية أن يقعوا في أمور تخل في أدائهم لمناسك الحج والعمرة. إضافة إلى ما تقدمه فرق الكشافة السعودية من خدمة عناية ورعاية وإرشاد خلال أداء الحجاج لمناسكهم. ولا ننسى الإعلام (المرئي والمقروء والمسموع) في المساهمة في الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن توعية وإرشاد لضيوف الرحمن، وهم يؤدون مناسك الحج والعمرة، ولأخص بذلك جريدة الجزيرة التي تخصص عدداً من صفحاتها طيلة موسم الحج بتغطية إعلامية متميزة وضيوف الرحمن يؤدون نسكهم في مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة.. يُتوّج كل ذلك الرعاية الأمنية منقطعة النظير والتي يبذل من خلالها رجال الأمن جهوداً مشكورة في توفير الجو الآمن الذي يتيح لهذه الحشود الكبيرة أداء نسكها بكل أمن وأمان، وفي هذا العام شارك قرابة (73000) من رجال الأمن ما بين ضابط وجندي، وذلك من كافة القطاعات العسكرية حيث بفضل الله ثم بمتابعة وإشراف مباشر من صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا ورجال الأمن المعنيين بكل ما يهم الحج أمنياً في كل موقع يقصده ضيوف الرحمن، وهم يؤدون نسكهم. كل ذلك جعل الحج آمناً مطمئناً في مشهد منقطع النظير ويسعد كل مواطن يحقق المواطنة ويجسّدها إلى واقع ملموس، فقُبلة على جبين كل رجل أمن أدى واجبه في خدمة ضيوف الرحمن تمثّل ذلك في حسن التعامل والرغبة الأكيدة لدى رجال الأمن بشكل عام في خدمة حجاج بيت الله. كيف لا نقدّر وندعو لرجال أمننا (العيون الساهرة) الذين يبذلون الغالي والنفيس في الحفاظ على أمن الوطن في كل جزء من الوطن الحبيب. لقد شهدت بنفسي السرور والغبطة على محيا ضيوف الرحمن، وهم يتنقلون بين تلك المشاعر في منى وفي عرفات الله وفي مزدلفة وفي الحرم الشريف، وكلهم أمل بالله أن يقبل حجهم ويغفر ذنبهم ويعيدهم إلى بلادهم سالمين غانمين رافعين أكف الضراعة بأن يجزل الأجر والمثوبة - جل وعلا - لولاة الأمر في هذا الوطن الغالي على ما تم تهيئته من خدمات فوق المتصور، كلها تتيح لضيوف الرحمن أداء نسكهم بيسر وسهولة، والشكر موصول أيضاً لكل من قدم خدمة لضيوف الرحمن سواء على المستوى الحكومي أو الشعبي، وكم يسعد ويفتخر ويعتز أبناء هذا الوطن (المملكة العربية السعودية) بخدمة ضيوف الرحمن من حين أن يصلوا إلى منافذ المملكة البرية والبحرية والجوية. كل هذه الخدمات والتيسير الذي يُقدم خلال كل موسم حج، إنما ينكرها صاحب قلب مريض أو صاحب هوى وسوء وجاحد للجميل.. جاء ذلك في خطبة سماحة مفتي عام المملكة - حفظه الله -. فجزى الله ولاة أمرنا خير الجزاء، وأجزل لهم الأجر والمثوبة على اهتمامهم وعنايتهم بالحرمين الشريفين في مكةالمكرمة وطيبة الطيبة والمشاعر المقدسة بشكل عام. سلمت وطني الحبيب، وسلم قادتك الأشاوس من آل سعود، وحفظك الله أيها الوطن ومن يستظل بظلك من كل سوء ومكروه.. اللهم آمين.