في العراق سطع نجم واحد من أفخر منتجات الحرس الثوري الإيراني، اسمه أبو عزرائيل، يتفنن في التمثيل بجثث الموتى وشيهم بالنار وتقطيع أوصالهم بالسيوف، ويتفاخر بهذه الفظاعات، مثلما يفعل الدواعش، ويعلن أنه، بذلك، يلبي آمال الولي الفقيه مرشد إيران علي خامنئي. (ملاحظة مهمة: خامنئي مرشد صفوي، مثل خليفة داعش، وليس مرشدًا شيعيًا، يتبرأ منه ملايين من الشيعة، ولا يقرون بولايته حتى داخل إيران، ويملأ الشيعة سجون إيران وسجون ميليشياتها). ويفترض أن أبا عزرائيل وأمثاله من ميليشيات الحشد الصفوي، شريحة متطرفة ضالة، مثل دواعش البغدادي، وجدت فرصة لنفث سمومها وسلوكياتها المنحرفة، لكن الأخطر أن أبا عزرائيل، ليس فردًا وحيدًا مهووسًا بالقتل والانتقام المرضي ولا معزولا، بل هو خريج مدرسة ومنتج ثقافة جعلت من الدين سلعة ترويجية للأهواء والاختراعات وغطاء للسياسة الإجرامية الانتقامية، إذ يثبت كل يوم أن أبا عزرائيل، ليس أكثر تطرفا ولا ضلالا ولا شهوة للانتقام من مرشد إيران علي خامنئي وحسن روحاني (الذي يسميه الصفويون في إيران رئيسا، فيما هو فعليا كبير موظفين فحسب). حسنا، خامنئي متشبع بثقافة متطرفة انتقامية وحشية، من منتجاتها أبو عزرائيل والبطاط والخفاجي وأبو مهدي المهندس وغيرهم آلاف من الذين يلتزمون بتعليمات خامنئي وثقافته، ويستلهمون روحه، ويتباهون بقتل الناس على الهوية. الإعلام الأمريكي قدم روحاني على أنه معتدل، وزعيم إصلاحي مسئول، وانتظرنا أن يظهر الاعتدال، لكن روحاني يوم أمس وفي مناسبات سابقة ظهر بصورة طبق الأصل من أبي عزرائيل وخامنئي، لا اعتدال ولا إصلاح ولا ما يحزنون، فيما كان يفترض أن يتمايز - ولو شكليا - عن خامنئي، الذي تعودنا منه على تصريحات مسيئة وألفاظا متدنية لا تليق بزعيم أمة كريمة مثل الأمة الفارسية المبدعة، بل ويروج أكاذيب، مثل: إنه يعادي أمريكا والصهيونية وهو الحارس الأمين لمصالح واشنطن. وكبار مسئوليه يتفاخرون بمساعدة أمريكا في احتلالها للعراق، واتباعه العراقيون لا يجدون معيناً لهم في ممارساتهم الطائفية الخرقاء إلا أمريكا. وحشد سليماني في العراق الآن يعمل بتنسيق كامل مع أمريكا. وبموافقة أمريكية، تمكنت إيران من جلب عشرات الآلاف من ميليشياتها إلى سوريا. وبموافقة أمريكية، يعطل حزب الله مؤسسات الدولة اللبنانية. ومن أجل عيون المرشد، انسحبت واشنطن من تأييد الثورة السورية. ويقدم جون كيري رعاية أبوية خاصة للحوثيين. والأهم أن أمريكا، التي يزعم خامنئي، صوتياً، أنها الشيطان الأكبر، هي، وليس غيرها، التي حققت الحلم التاريخي للصفوية وسلمت العراق للمرشد ومنحته صك ولاية على العراق. وبعد كل هذا يقول المرشد إنه ضد أمريكا..! ليتنا ضد أمريكا بشرط أن تخدمنا واشنطن مثلما خدمت إيران، ويهدينا الخامنئي ذات الخدمات السخية التي قدمها لأمريكا وإسرائيل..! في مسألة واحدة لم يستطع المرشد أن يناور فيها أو يخدع الناس، هي شعارات العداء لأمريكا في إيران، فقد اضطر المرشد لإزالة الشعارات من شوارع طهران، لأن أمريكا يبدو هددت «سماحته» بسحب امتيازات التفضيل، وقطع الوصل وإنهاء الحب الأمريكي؛ إن استمرت الشعارات معروضة. فأزال خامنئي الشعارات، لكنه استمر يخدر الإيرانيين بالزعم أنه ضد أمريكا. خامنئي وروحاني يوم أمس هاجما المملكة، وقالا: إنها حرمت المؤمنين الإيرانيين من الحج، والحقيقة أن المملكة رفضت شروطا إيرانية جديدة تحول الحج إلى ميدان تدريب و«تهييس» للحرس الثوري، يتغنى بشتم الصحابة والطعن في عرض الرسول (صلى الله عليه وسلم) ويحيي أهازيج للخامنئي والخميني، ويختطف الحج من مليار ونصف المليار مسلم ليكون ملكا لمجموعة صفوية حزبية غوغائية صغيرة تختزن ثأرا ضد الإسلام نفسه وتتعبد بكره العرب (سنة وشيعة)، وهذا ما جعل مرشد إيران يرفض اتفاقية وقعتها والتزمت بها كل الدول الإسلامية. واستقبلت المملكة مسلمين شيعة من العالم العربي ومن كل أنحاء العالم، ولكن خامنئي يريد حجًا خاصًا يفصله على مقاساته وأهوائه واختراعاته.