السياسيون الإيرانيون أذكياء ويتحلون بالصبر والحنكة، لكنهم، حينما يحشرون بالزاوية، تتلاشى الحكمة ويغيب الذكاء، وتحضر شهوة الانتقام، ويبدأون يطفقون ويغدقون الافتراءات بال«مكاييل». بهرام قاسمي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، وهو خليفة السفيرة مرضية أفخم التي عينت في باكستان، أطلق أمس واحدا من ال«صواريخ» التي تلجأ البروبغندا الغوغائية الإيرانية لإطلاقها، في حالات التشنيع. قال قاسمي، أمس الأول، طبقاً لوكالة أنباء فارس الإيرانية، إن اتهامات البحرينلإيران بأن طهران تدرب إرهابيين «كاذبة» و«لا أساس لها».. وطلب من الحكومة البحرينية «الاتعاظ من عدم جدوى مثل هذه الإجراءات». طبعا سوف نصدق قاسمي وظريف وكبير الموظفين حسن روحاني الذي يسمونه، تجاوزاً، رئيساً، والمرشد آية الله علي خامنئي «الخليفة» والمتصرف الأعلى وملك «الجمهورية» الإيرانية، لو أنهم أثبتوا أن الحرس الثوري يدرب البحرينيين، في إيرانوالعراقولبنان، على زراعة الزهور والتوعية الصحية، وترشيد المياه، وإغاثة الملهوف وتقوى الله، وإدارة الوقت وحسن الخلق، والأساليب الإدارية المثلى للاقتصاد وتربية الأطفال، والتعاملات السامية مع الآخرين، وأن قاسم سليماني يسهر الليالي في العراق لإصلاح ذات بين العراقيين، ويجمعهم على البر والتقوى، واتقاء شرور الفرقة والفتن. الحقيقة أن كبار مسئولي إيران، وعلى رأسهم المرشد، «مدمنون» على التصريحات العدوانية ضد الشعوب العربية، بل ضد العالمين، مثلما يدمن الحرس الثوري و«تلاميذ المرشد» الخليجيون والباكستانيون والافغان والعراقيونواللبنانيون واليمنيون، ثقافة الدم وكره الدنيا، وفي ذلك هو و«داعش» صنوان، ويتفقان حتى على اختيار نوعية الضحايا والتدمير وحتى جغرافيا الموت، التي يحددانها، في الوطن العربي، وفي الخليج، بصورة جوهرية. ولا يختلف «المرشد» الصفوي في طهران عن «الخليفة» الخارجي في الرقة، كلاهما عملة طائفية، وذهنية ثقافة كره وخلقهما الله لعنة لبني الإنسان. بمعنى أنه لو صمت بهرام قاسمي لكان أجدى له وأسلم، بدلاً من أن يتكلم فيضطر الدنيا كلها للتفكه وتذكر مساحة الحرائق التي تشعلها إيران في العالم، وبرك الدماء التي يتبارك بها الحرس الثوري ومرشده، من إدلب حتى تعز. وإذا كان قاسمي يطالب البحرين ب«الاتعاظ» فإن ذلك يطرح سؤالاً: لماذا لا تتعظ طهران نفسها من تكرار الأكاذيب ونفي الوقائع والجرائم المستمرة التي ترتكبها ليس في البحرين وحدها، وإنما في أغلب جغرافية الوطن العربي. تنفي إيران تدخلها في لبنان، ويؤكد حسن نصرالله أنه جندي إيران في الأرض، وأن شحمه ولحمه وعضلاته بفضل إيران وبركات المرشد. تنفي إيران أنها تتدخل في اليمن، ثم يعترف حوثيون أن إيران قد ورطتهم في معركة خاسرة ليست لهم، ويظهر فيلم طويل لأحد أعضاء حزب الله يدرب الحوثيين على مهارة تفجير الديناميت في شوارع الرياض. تنفي طهران أنها تدعم السياسات الطائفية، والفضائيات التابعة لها تتحدث ليلياً عن فضائل قتل «النواصب» وغنائم أرضهم، وحشدها في العراق يهدم المساجد في المدن العراقية ويخطف المواطنين ويغتالهم. تدعي إيران أن ليس لها أطماع، وكبار مسئوليها يصرحون علناً أنهم فخورون أن تخضع لهم أربع عواصم عربية. علم المرشد الإيرانيين إدمان شعار «الموت لأمريكا وإسرائيل»، ثم تولع المرشد بحب أمريكا، وأحرق الشعارات ومنعها من شوارع طهران، ويتلهف المسئولون الإيرانيون لرضا كيري وود أوباما، وتبادلهم واشنطن أوباما ولهاً بوله وحباً بحب.