غلب الهزال على حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 فيما يخص المسائل الجوهرية، ولا سيما العلوم والسياسات. وفي محاولة لتوضيح الأمور للناخبين الأمريكيين الذين يعيرون اهتماما للعلوم، أعد الدكتور أليكس بيريزو، المحرر المؤسس لموقع Real Clear Science للأخبار العلمية وزميل أول العلوم الطبية الحيوية في المجلس الأمريكي للعلوم والصحة، رسما بيانيا يصنف المرشحين المرجحين للحزبين الجمهوري والديمقراطي فيما يخص أهم القضايا العلمية. واضعا في الاعتبار ثلاثة محاذير مهمة: أولا: تعمد بيريزو تبسيط الرسم البياني، إذ يستند نظامنا التصنيفي بوجه عام إلى ما إذا كان المرشح يؤيد أم لا يؤيد وجهات النظر العلمية السائدة حيال الموضوعات العلمية و/أو أي سياسات ذات صلة من شأن المجتمع العلمي أن يؤيدها. وفسر الباحث بيريزو قراراته التصنيفية فيما يخص النقاط الممنوحة أسفل الرسم البياني مباشرة. (ملحوظة: تدل علامة (صح) على أن المرشح يؤيد وجهات النظر و/أو السياسات العلمية السائدة التي يميل إليها المجتمع العلمي). ثانيا: برهن كل من دونالد ترامب وهيلاري كلينتون على أنهما، في أحسن الأحوال، لا يلتزمان جانب الحقيقة دائما، فكلاهما أصدر بيانات متناقضة، وفي حالة كلينتون نجد أنها أيدت سياسات متناقضة وهي في منصبها الرسمي، ومن ثم فإن أحكام بيريزو التقديرية تشتمل على قدر من التكهنات وعدم الموضوعية. ثالثا وربما الأهم أن هناك أسبابا كثيرة غير العلم تدفع الناخب الأمريكي إلى التصويت لمصلحة مرشح بعينه أو عدم التصويت له، وبالتالي يرى الباحث بيريزو عدم ضرورة اعتبار هذا التحليل تجييرا لمرشح أو لآخر. اللقاحات في مناظرة جرت في الانتخابات الأولية، ردد دونالد ترامب خرافة كُشف زيفها منذ زمن بعيد وهي أن اللقاحات تتسبب في الإصابة بالتوحد. وعلى الرغم من أن هيلاري أدلت بتعليق مماثل أثناء حملة 2008، إلا أنها وعت حقيقة ما قالته وأعلنت في تغريدة لها على «تويتر» عن تأييدها القاطع للقاحات، فقالت: «العلم واضح: الأرض كروية والسماء زرقاء واللقاحات مفيدة. هيا بنا نحمي جميع أطفالنا. الجدات يعرفن أكثر». تغير المناخ التوافق الحالي في الآراء على نحو ما يبينه التقرير التقييمي الخامس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، هو أن البشر مسؤولون عن أكثر من نصف الزيادة في درجة حرارة الأرض. غير أن ترامب لا يصدق أن البشر يلعبون دورا ذا شأن في تغير المناخ، ووصف الاحتباس الحراري بأنه كذبة. ومن ناحية أخرى نجد أن كلينتون تؤيد الرأي العلمي إزاء تغير المناخ (على الرغم من الاختلاف مع بعض مواقفها الفردية حيال السياسات). الطاقة على الرغم من أن بعض وجهات نظر ترامب فيما يتعلق بالطاقة غير متسقة نوعا ما، فإنه يؤمن بعقلانية بأن كلا من الغاز الطبيعي والطاقة النووية ينبغي أن يكونا جزءا من معادلة الطاقة الأمريكية. وعلى الرغم من أن سجل الحزب الديمقراطي في مجال الطاقة ليس بالسجل الطيب، تبدو كلينتون مؤيدة على استحياء للتصديع الهيدروليكي، وتدعم التكنولوجيا النووية المتقدمة. الكائنات المحورة وراثيا: لم يقل ترامب الكثير عن الكائنات المحورة وراثيا، لكن ما نشره على حسابه على «تويتر» مثير للقلق، برأي تيريزو. فعندما أحرز بِن كارسون مركزا متقدما في استطلاعات الرأي في أيوا، غرد ترامب قائلا: «بِن كارسون متقدم الآن في استطلاعات الرأي في أيوا. كثرة مونسانتو [شركة إنتاج بذور محورة وراثيا] في الذرة تتسبب في مشكلات في المخ؟» أما كلينتون فلا تتخذ موقفا حاسما حيال الكائنات المحورة وراثيا، فنجدها تؤيدها حينا، لكن في أحيان أخرى تعرقل تشريعا يحظر وضع بطاقات إلزامية تميز هذه المنتجات. وبالتالي لا يجوز اعتبارها مؤيدا يُعتمد عليه لتكنولوجيا التحوير الوراثي. «ناسا» وبرامج الفضاء من الصعب أن نحكم على ما سيفعله ترامب فيما يخص تمويل وكالة «ناسا» وبرامج الفضاء. ومثلما قال الباحث بيريزو وهانك كامبيل في صحيفة «يو إس أيه توداي» الأمريكية، سيكون من السهل جدا أن نتصور ترامب يدعم مشاريع كبرى كبناء مستعمرة فوق سطح القمر. ومن ناحية أخرى فهو يعتقد أن على الولاياتالمتحدة أن تصلح بنيتها التحتية المتهالكة قبل أن نستهل مشروعات كبيرة كالذهاب إلى المريخ، وهذا ليس بالشيء المجافي للمنطق. وتؤيد كلينتون برنامج الفضاء. الطب قائم على الأدلة يؤيد كلا المرشحين الطب البديل ومختلف صور الشعوذة. فوفقا لما ذكره موقع «ديلي بيست» الأخباري الأمريكي، روج ترامب لاختبار بول يُزعم أنه قادر على المساعدة في تصميم نظام فيتامينات ذي طابع شخصي، وهو ما وصفه أحد أطباء هارفارد بأنه «احتيال». والتمست كلينتون النصح من ممارسي العلاج البديل بشأن إصلاح نظام الرعاية الصحية. البحوث الطبية الحيوية باستثناء وصف المعاهد الوطنية لشؤون الصحة بأنها «مريعة»، لم يقل ترامب إلا القليل عن التمويل البحثي المقدم للعلوم الطبية الحيوية. وفيما يخص بحوث الخلايا الجذعية الجنينية، قال ترامب في تصريح لصحيفة «دي موين ريجستر» الأمريكية: «أود أن أحدثك في هذه النقطة مرة أخرى». وعلى النقيض من ذلك نجد أن كلينتون تؤيد تأييدا لا لبس فيه زيادة التمويل المقدم إلى المعاهد الوطنية لشؤون الصحة والمؤسسة الوطنية للعلوم، وقد أيدت أيضا بحوث الخلايا الجذعية. ٭ باحث علوم سياسية