(خدمة الحاج شرف لنا) شعار رفعته المملكة؛ منذ أن آلت لها أمور الحرمين الشريفين؛ وقد ترجمته لواقع عملي مُبهر لا يقبل الجدل؛ فشعار الخدمة ينبئك عن حقيقته؛ ما هو كائن في أرض المشاعر؛ من مشاريع جبارة وخدمات وتسهيلات؛ وما زالت مستمرة في التخطيط والتطوير؛ جعل من الحج رحلة روحانية ميسرة؛ الشعار تعاقبت أجيال المملكة على حمل لوائه بكل فخر ومسؤولية؛ والهدف هو إسعاد الحاج وملامسة شيء من رضاه؛ ففي كل موسم حج جديد؛ تحشد المملكة جميع طاقاتها البشرية والمادية لإنجاح موسم الحج؛ وهو ما نراه حقيقة هذه الأيام؛ فحالة الاستنفار القصوى لجميع الأجهزة الحكومية؛ بإشراف مباشر ومتابعة دائمة من أعلى سلطة بالمملكة؛ كل هذا من أجل تقديم خدمة تليق بضيوف الرحمن؛ بحيث يؤدون مناسكهم بيسر وسهولة؛ في أمن وطمأنينة؛ وهذا في الحقيقة هو هاجس كل مسؤول سعودي؛ فالجميع لديهم شعور بحجم التحدي الذي يواجههم كل عام؛ فإدارة الحشود المليونية في بقعة واحدة؛ وتحركها في زمن محدود، وما يصاحبه من مخاطر؛ ليس بالأمر الهين؛ لكن المملكة تكوّن لديها طوال سبعة عقود؛ تجربة وخبرة واسعة؛ مما ساعد في إدارة المملكة لشؤون الحج بكل اقتدار؛ هذه الكفاءة في تنظيم التجمعات البشرية؛ وهذا النجاح المتواصل في إدارة الحشود؛ وصل صداهما إلى خارج المحيط العربي والإسلامي؛ فجاءت الإشادة من ممثلة الأممالمتحدة على مستوى العالم بجنوب أفريقيا الدكتورة (سلايا نويا)؛ التي تحدثت أمام المؤتمر الدولي لطب الحشود والتجمعات البشرية؛ فقالت حرفيا: (إن دول العالم بما فيها جنوب أفريقيا وخلال استضافتها لكأس العالم استفادت من الخبرة السعودية والسبب بسيط، أنه لا توجد دولة تدير وتنظم هذه الحشود وبهذا المستوى وبصفة سنوية إلا المملكة العربية السعودية)؛ والحق ما شهدت به (سلايا)، فالتفويج المليوني باختلاف لغات الحجاج وثقافاتهم؛ في جغرافية صعبة وبانسيابية وفي أجواء صحية آمنة؛ لهو ضرب من الخيال؛ منح المملكة بعدا عالميا جعلها تُصدر خبرتها خارج حدودها؛ وجعلت العالم يسعى للاستفادة من هذه التجربة الحصرية للمملكة!! رغم الاستعدادات والجهود الكبيرة المبذولة؛ إلا أن هناك منغصا كبيرا ما زال يكرر نفسه سنويا بنفس الطريقة؛ فتسلل الأعداد الكبيرة من الحجاج للمشاعر بدون تصريح؛ عن طريق المتاجرين بالحج؛ والمتجاوزين للأنظمة والقوانين؛ هو التحدي الدائم للمسؤولين وهو مصدر قلقهم؛ لما يسببه من إرباك لخطة الحج المتبعة؛ وقد يكون سببا مباشرا لفشلها؛ ورغم أن الجهات الأمنية تستبق كل موسم حج؛ بزخم توعوي كبير؛ تساهم به جميع الوسائل الإعلامية؛ في توعية الحجاج بمخالفات الحج وتحذرهم من العقوبات المترتبة عليها؛ وهذا من ناحية توعوية وأما من ناحية ميدانية؛ فقد شُكلت لجان موسمية تنعقد على مدار الساعة؛ مهمتها إصدار العقوبات الفورية ضد مخالفي أنظمة الحج؛ في الواقع جميعها جهود مقدّرة؛ ومحاولات جادة للحد من ظاهرة تهريب الحجاج؛ إلا أنه للأسف الظاهرة ما زالت مستمرة؛ وكل الإجراءات والعقوبات الحالية؛ لم تلغ تهريب الحجاج ولم تخفض حتى نسبته للحد الأدنى؛ لذلك لن نصل بالإجراءات الحالية؛ للقضاء على الظاهرة ما لم يتم إحكام السيطرة على محيط مكةالمكرمة؛ وحتى نمنع النسبة الأكبر من تهريب الحجاج؛ يجب أن نركز على المسارات القادمة من محافظة الطائف؛ فجل التهريب يأتي من تلك الجهة؛ وحتى نُحكم السيطرة على هذه الجهة؛ يجب تنفيذ الشبك المحيط بمركز تفتيش (البهيتة)؛ واستكمال الحاجز الخرساني؛ مع بتطبيق المواصفات اللازمة للسياج؛ مع التواجد الأمني المكثف وهذا كفيل بالحد من ظاهرة التسلل بدون تصريح!!