يشتد الخناق على «حزب الله» سياسياً وأمنياً وعسكرياً على الصعيدين العربي والدولي، في الوقت الذي لا يزال فيه المرشحان الأوفران حظاً للرئاسة اللبنانية، رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية متمسكين بتحالفهما مع الحزب. فلقد أسفر تورط «حزب الله» في حروب الآخرين عن رسم صورة سوداء للواقع اللبناني عموماً وللواقع الرئاسي خصوصاً حتى جعلت المأزق الرئاسي اللبناني أكثر تشدداً، باختصار، الرئاسة في قبضة «حزب الله» وهو غارق في سوريا ومرتهن لولاية الفقيه، فعلى ماذا يستند عون وفرنجية للرهان على «حزب الله» الورقة الخاسرة حالياً، ام أن أسره للرئاسة بأوامر من إيران تجعلهما يستمران بتحالفهما معه، ما مصير الرئاسة ومن هو الأوفر حظاً أم أننا سنشهد قريباً ظهور مرشح ثالث يخطف الأضواء؟. «حزب الله» بين إرضاء إيران وبين التشدد والتأزم اعتبر المحلل السياسي الياس الزغبي في تصريح ل«اليوم» ان ما يحصل ل«حزب الله» بعد تورطه الدموي في الحرب السورية وفي المعضلات العربية الأخرى من العراق إلى اليمن إلى سواهما، جعل وضع «حزب الله» دقيقاً جداً على المستوى الداخلي اللبناني أولاً ثم على المستوى العربي، فضلاً عن صورته السوداء في المجتمع الدولي وتحديداً في الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر قانونها الرقابة المالية والتضييق المالي على موارد«حزب الله»، مشدداً على ان تورط «حزب الله» في هذه الحروب جعله في مأزق فعلي، هذا المأزق انعكس سياسياً على الداخل اللبناني وهذه مسألة طبيعية، ف«حزب الله» من خلال تحالفاته وتحديداً المرشحين المحسوبين عليه، العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، يجد نفسه في حالة حرجة جداً لذلك لا يستطيع الإقدام على تسهيل انتخاب رئيس لجمهورية لبنان وهذا ما بدا واضحاً في كل أدائه خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، بعدما تبلور أن هناك مرشحين فقط من صلبه أو من فريقه القريب. وقال الزغبي «هذه الصورة السوداء التي توجت كل تورط «حزب الله» في حروب الآخرين جعلت المأزق الرئاسي اللبناني أكثر تشدداً وأكثر دقة لذلك نرى أن القمة العربية في نواكشوط حين تجدد مرة تلو المرة أن «حزب الله» منظمة إرهابية وتدين بشكل صريح وحاسم التدخل الايراني العسكري والمالي والمذهبي في الدول العربية، كل هذا يجعل «حزب الله» في الموقع الأضعف ويجعل حليفيه المرشحين في مأزق فعلي لا يمكن الخروج منه الا بالبحث عن طرف ثالث للرئاسة. أضاف: «لذلك فإن «حزب الله» هو الآن من جهة شديد الانغلاق والتأزم ومن جهة أخرى يرضي القرار الايراني بالإبقاء على الفراغ الرئاسي والشغور الرئاسي في لبنان، لكي لا يأتي أي رئيس يكون رأساً للشرعية اللبنانية بمن في ذلك حليفا «حزب الله» أي ميشال عون وسليمان فرنجية، هو يرفض بطلب من إيران وخضوعاً للسياسة الايرانية والمشروع الإيراني، المجيء بأي رئيس في هذه المرحلة حتى ولو كان عون أو فرنجية لأن وجود رئيس شرعي على رأس السلطة اللبنانية يأخذ كثيراً من دوره وعلاقاته ويعيد ربط لبنان شاء أم أبى بالشرعية العربية والدولية، فلا يبقى لبنان كما هو الآن محرجاً عبر رئيس الحكومة تمام سلام في القمم والاجتماعات العربية، لا بل يخرج لبنان من حرجه لأنه يصبح جزءاً لا يتجزأ من الشرعيتين العربية والدولية، وهذا الأمر لا يريده لا «حزب الله» ولا إيران وهذا ما يفسر بالتمام والتحديد استمرار الفراغ والشغور الرئاسي الى أمد غير منظور. ورأى المحلل السياسي أن «الحديث عن مرشح ثالث ك«شامل روكز» وغيره، نوع من النكتة السياسية غير قابلة للتصريف»، مؤكداً ان هذه المسألة ليست مطروحة سوى في الدردشات الإعلامية والصحافية ليس أكثر، أما الحظوظ بين المرشحين المعروفين فرنجية وعون فهي متساوية باتجاه السلبية وليس الإيجابية، أي انهما يتجهان على خطين متوازيين نحو السلبية أي نحو الابتعاد عن الكرسي الرئاسي لأن هناك مأزقاً لا يمكن تجاوزه بالنسبة الى ترشيحهما، فهناك إشكاليات داخلية في لبنان ليس بالأمر السهل تجاوزها، ولا يستهينن أحد بموقف تيار «المستقبل» وموقف حزب «الكتائب» وموقف نواب مستقلين، فلا يكفي أن يقول «حزب الله» أنا أريد ميشال عون أو سليمان فرنجية رئيساً لكي يأتي رئيساً، فهناك أيضاً موقف الرئيس نبيه بري المتأرجح دائماً ما بين هذا الحليف وهذا الحليف وهو بذلك يغطي مأزق وحرج «حزب الله». وتابع: «فإن دور الرئيس بري الآن في الملف الرئاسي هو تغطية حرج حزب الله، تارة يتجه نحو اليمين باتجاه فرنجية وتارة نحو اليسار يلمح الى هذا ويشير الى ذاك، ولكن كل هذا الحراك لا يعني أن المسألة باتت محسومة وقريبة وإيران ترتاح الى حالة الفراغ الرئاسي لأنها لم تحسم بعد ولم يحسم لها بعد في المجتمع الدولي نصيبها في الكعكة الإقليمية في المغانم الإقليمية بعد هذه الحروب». انتخاب رئيس يجب أن يكون وفقاً للشروط الدستورية وأكد المستشار الاعلامي للرئيس العماد ميشال سليمان بشارة خيرالله في تصريح ل«اليوم» انه «لا يزال يراهن على لبننة الاستحقاق الرئاسي، أي العودة الى المجلس النيابي والعودة الى الدستور اللبناني»، مشدداً على أن «كل الكلام عن تعيين رئيس الجمهورية خارج مجلس النواب والتصديق على التعيين داخل المجلس يمس بالمؤسسات الدستورية كافة وتحديداً مجلس النواب». وقال: «تكررت دعوات رئيس المجلس نبيه بري لجلسات انتخاب رئيس ولم تمر جلسة إلا وشاركت كتلته النيابية فيها، فهو يقوم بدوره وحليفاه يريدان تعيين الرئيس ثم القدوم الى المجلس شكلياً لإتمام مراسيم الانتخاب وكأنها بروتوكول تأسيسي جديد». وأكد خيرالله أن «وصول أي مرشح لرئاسة الجمهورية يجب أن يحصل وفقاً للشروط الدستورية وليس بشروط عشائرية أو حزبية، للحزب دور في الحياة السياسية ان ينتخب رئيسا ولكن ليس أن يصنع رئيسا في الخارج ويتم التصديق عليه في مجلس النواب». اضاف: «يبدو أننا دخلنا الى المؤتمر التأسيسي قبل حصوله من خلال تغيير آلية انتخاب الرئيس وتغيير هذه الآلية هي أخطر ما يمكن أن نعيشه». ورأى أن «الاوفر حظاً للرئاسة هو من يلتزم سياسة تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، فلا يمكن زج لبنان في سياسة المحاور، لأن لبنان لا يستقيم الا بتحييده عن سياسة المحاور». وطالب بأن «تكون جميع خيارات الأحزاب لبنانية وتعتمد المجلس النيابي، فحزب الله مكون موجود في الحكومة ومجلس النواب وهو مؤيد من شريحة كبرى من اللبنانيين، لهذا عليه أن يمارس هذا الدور اي ممارسة الدور البرلماني اي انه يمثل على الارض ويمثل في مجلس النواب ونطالبه بالنزول الى مجلس النواب وعدم تعطيل الانتخابات». جازماً ان من يتحمل مسؤولية تعطيل المؤسسات الدستورية هو من يرفض الخضوع إلى المبدأ الدستوري الديموقراطي. وحول المرشح الذي يراه لقاء الجمهورية مناسباً للبلاد، قال خيرالله: «الرئيس ميشال سليمان آمن بالديموقراطية ومارسها عن حقّ، منذ توليه المناصب الرفيعة في الجيش وصولاً إلى قيادته للجيش اللبناني حين وصلت الديموقراطية إلى رأس قمتها في التظاهرات المليونية برعاية الجيش وقيادة سليمان ولم يحصل ضربة كف، فحافظ على الأمن وعزز الروح الديموقراطية ليصبح الجيش بقيادته نجم التظاهرات. كما أعطى أفضل أمثولة عن الديموقراطية خلال ممارسته الحكم كرئيس للجمهورية، اسألوا رؤساء الحكومات (السنيورة الحريري ميقاتي سلام) عن ديمقراطية الرئيس سليمان التي أنهاها برفضه أي شكل من أشكال التمديد، حيث طعن بالتمديد للمجلس النيابي ثم احتكم لقرار المجلس الدستوري، كما رفض التمديد لنفسه، وما لقاء الجمهورية إلا مثال على صورته ومثاله. لأجل هذا كله: مرشحنا إلى رئاسة الجمهورية، من يلتزم الدستور مرجعاً ويعمل على تحييد لبنان عن آتون الصراعات الدائرة في محيطه». واستغرب خيرالله «خلو بيان الجامعة العربية لأول مرة، من دعم لبنان على ما يتعرض له من محن وعدم الإشارة إلى «إعلان بعبدا» الذي لم تعرف الدبلوماسية اللبنانية الافادة منه.