مرت الساعات السويسرية بوضع سيئ للغاية هذا العام. كانت هذه الصناعة، التي تولد أكثر من 20 مليار دولار من الصادرات، قد طالتها الآلام من جميع الجهات - إلى حد كبير بسبب ظروف خارجة إلى حد كبير عن إرادتها، ولكن من الواضح بشكل متزايد أن الانخفاض سيستمر ما لم تغير هذه الصناعة الطريقة التي تصمم وتسوق فيها منتجاتها. وفي يناير حتى يونيو، انخفضت صادرات الساعات السويسرية بنسبة 11.9 في المائة من حيث عدد الوحدات و 10.7 في المائة من حيث القيمة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقد كان التراجع يتسارع كل شهر. وفي يونيو، كانت المبيعات تتراجع في كل منطقة، وفي كل فئة من فئات الأسعار، وفي كل نوع من أنواع الساعات. الأمر بدا كما لو أن قوى السوق قد تضافرت ضد هذه الصناعة. كان الفرنك السويسري القوي يضغط بشكل نزولي على المبيعات منذ يناير 2015. ونتيجة لحملة مكافحة الفساد في الصين أصبح البيروقراطيون أكثر حذرا بشأن قبول الساعات السويسرية كهدايا. لكن على أية حال هناك تحول في الذوق بين الصينيين الأغنياء كثيري السفر: بدلا من الاصطفاف أمام المحلات الفاخرة في هونج كونج أصبحوا، مثل أقرانهم الغربيين، أكثر اهتماما في الدفع مقابل الحصول على الخبرات بدلا من الدفع مقابل الحصول على العلامات التجارية والبريق. كانت شركات التجزئة الآسيوية للساعات والمجوهرات غارقة في المخزون - ووفقا لبيانات جمعتها بلومبيرج تبلغ قيمة السلع غير المباعة الآن أكثر من 60 في المائة من الرسملة السوقية لشركات التجزئة الكبيرة. إلى جانب ذلك، كان الرنمينبي آخذا في الضعف، لذلك كان المسافرون الصينيون يشترون بشكل أقل أينما ذهبوا. تضررت مبيعات الشركات الاوروبية بسبب التباطؤ في نمو السياحة في أعقاب الهجمات الإرهابية الأخيرة. فرنسا، التي تعتبر واحدة من أكبر الأسواق للساعات السويسرية، إلى حد ما بفضل عدد السياح الكبير فيها، شهدت في الواقع انخفاضا في عدد السياح الوافدين. اليابان أيضا تعاني من مشكلة السياحة، إلى حد ما بسبب قوة الين. وهناك عامل سلبي آخر هو أسعار الذهب، الذي ارتفع بشكل جنوني بنسبة 25 في المائة منذ بداية العام، ليطال الضرر من ذلك مبيعات الساعات الثمينة: تراجعت بنسبة 31 في المائة على أساس سنوي في يونيو. وقد خفضت الشركات المنتجة للساعات الذكية في جميع أنحاء الغرب وآسيا من حصتها في السوق من الساعات السويسرية ذات الفئات المنخفضة الأسعار. والهاتف الذكي جهاز جيد في معرفة الوقت كالساعة تماما. وقد قامت مجموعة سواتش، أكبر صانع للساعات السويسرية، بالإفصاح عن نتائج نصف السنة المخيبة للآمال - انخفاض في المبيعات على اساس سنوى بنسبة 11.3 في المائة، التي تعتبر تقريبا متماشية مع السوق، وانخفاض يبلغ 53.6 في المائة في الأرباح التشغيلية. وأشارت الشركة إلى أن الرياح المعاكسة للعملات الأجنبية و «الاستغلال المتدني للإنتاج» تعتبر أسبابا لهذا، وهذا الأخير دال على تراكم المخزون. وتحاول كل من شركات التجزئة والشركات المصنعة للساعات مقاومة ذلك بالخصومات، ولكن التخمة ليست في سبيلها إلى الاختفاء. معظم هذه الظروف المعاكسة ليست لها علاقة مع الصناعة نفسها. لا يوجد شيء يمكن أن تفعله لوقف داعش وأتباعها من إرهاب فرنسا، ولا وسيلة لديها للتأثير على أسعار الذهب أو أسعار صرف العملات. شركات مثل سواتش وريشمون تنتظر إلى حين انتهاء العاصفة، وتبحث عن الأخبار الجيدة في بحر من اليأس. وتقول سواتش إنها قد شهدت نموا قويا في تجارة التجزئة في الصين والمملكة المتحدة في يوليو. ولكن الصناعة السويسرية لا يمكن أن تلقي بكامل اللوم على العوامل الخارجية. تعتبر تقلبات السلع والعملات والسياحة ضوضاء كثيرة إلى درجة أنها تُلهي شركات الساعات السويسرية عن المشكلة الكبيرة في صناعتها: هالة فخامة العالم القديم، التي تستند عليها ثقافة الإعلانات، لها جاذبية محدودة بشكل متزايد في عالم تحركه التكنولوجيا حيث جيل الشباب هو، للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، أكثر فقرا من والديه. تحاول الصناعة دعم مكانتها من خلال وسائل تقليدية للغاية. اعتبارا من يناير 2017، ستكون هناك حاجة لإنتاج 60 في المائة من قيمة الساعة في سويسرا من أجل أن تعتبر سويسرية الصنع. هل يعتبر مكان صنع الساعة أمرا مهما بالنسبة لجيل الألفية؟ يستند تسويق الساعات السويسرية تقليديا على الخبرة، وعلى خلق انطباع اصطناعي بالندرة، وعلى «إقناع عملاء العلامة التجارية بأنها لا تبالي باحتياجاتهم ورغباتهم»، كما يشير مات سنكلير من كلية التصميم لوبورو في ورقة حديثة: المصمم والحرفي أعلم الناس بذلك. هذا ربط محتمل لجيل الألفية، الذي يعجب بما هو يدوي الصنع، والأشياء الحرفية. لكن الساعات السويسرية لا تباع لهم بهذه الطريقة: الإعلان المصقول تقليدي جدا، ويركز كثيرا على شيء لامع على معصم أحد المشاهير وليس على الأشخاص الذين يصنعونها وتكنولوجيا المدرسة القديمة التي يستخدمونها. تحويل القيم الاستهلاكية يعني أن شيئا لامعا ومرموقا يعتبر أسهل في البيع عندما يكون ذا تقنية عالية. وكانت تجارب صناعة الساعات السويسرية الأولى مع الساعات الذكية ناجحة إلى حد ما. فالبيع المتواصل لساعة تاغ هوير الذكية (المتصلة بالإنترنت) بمبلغ 1500 دولار - أكثر بكثير من متوسط ساعة أبل - ولكن الطلب عليها يفوق الطاقة الإنتاجية للعلامة التجارية: من المتوقع أن LVMH، المجموعة الفرنسية للعلامات الفاخرة، التي تمتلك تاغ هوير، أن تصنع 60 ألف ساعة في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2016، في حين شهدت طلبا على 80 ألف ساعة. لكن عددا قليلا جدا من شركات صناعة الساعات السويسرية دخلت في معمعة الساعات الذكية، كما أن جهودها محدودة من حيث الحجم. من حيث الحجم، شركات صناعة الساعات السويسرية لم تحاول حتى أن تتنافس مع شركة آبل، والتي قد تكشف عن ساعة جديدة في سبتمبر وتشحن الملايين من الساعات كل ثلاثة أشهر - على الرغم من أن أبل وغيرها من الشركات الصانعة للأدوات التي يمكن ارتداؤها تتنافس مباشرة مع العروض الرخيصة للصناعة السويسرية. كانت شركات صناعة الساعات السويسرية مترددة للغاية في بناء صورة جديدة - أي صورة الحرفيين المتقدمين من الناحية التكنولوجية. ويمكن للمزيد من الإنتاج والتسويق والابتكار أن يوفر لهم التأمين ضد ظروف السوق غير المواتية مثل تلك التي تشهدها الشركات هذا العام.