اعتبارا من غروب شمس أمس، تتاح الفرصة لمتابعة شريط (درب التبانة)، في سماء المملكة مصادفا اجواء صافية في الشرقية والوسطى، وتكشف اضواء المجرة وجود هذه الظاهرة عند بداية الليل، متوقعا ان يستمر المشهد الذي يوضح المنظر الجانبي لمجرتنا، حتى مطلع الاسبوع المقبل، مع امكانية الرصد نظرا لغياب القمر، فتكون السماء مظلمة بقية الليل، على ان يكون اختيارالموقع بعيدا عن اضواء المدن، فيما تكون العوامل الجوية حاليا مثالية، لرؤية شريط درب التبانة بالعين المجردة، الذي يتكرر في هذا الوقت من السنة، وبغض النظر عن مكان الراصد في الوطن العربي، فإنه يمكن المتابعة بسهولة، فتبدو المجرّة، كشريط ضبابي عبر قبة السماء، وبحسب الفلكيين فإنه مجال لمشاهدة الكثير من النجوم البعيدة، ومن الاجزاء المميزة في هذا الشريط، يمكن ايضا، رؤية المحور الذي تتركز فيه معظم نجوم هذه المجرة. وتحوى المجرّة الحلزونية (درب التبانة)، حوالي 400 مليار نجم ومنها الشمس، في حين تدور مجموعتنا على الحافة حول مركز المجرة، على بعد يقدر ب27 ألف سنة ضوئية، وتشاهد الليلة بالعين المجردة، جزءا من ملامح هذا النهر السماوي، الذي يظهر في شكل حزمة من النجوم، الذي يتكرر سنويا في أواخر الصيف، تزامنا مع امتداد المجرّة بين مجموعتي ذات الكرسي والملتهب في الشمال، عبر النصف الشرقي للسماء بما يعرف بمثلث الصيف، ثم يغطس درب التبانة نحو الأفق، فتحجب الغيوم الفضائية بين مثلث الصيف والقوس، رقعة مركزية واسعة من درب التبانة، ما يجعله يبدو منقسما إلى جدولين، وقرب برجي القوس والعقرب، يكون درب التبانة كثيفا ولامعا جدا، لأن هذا الاتجاه يدل على مركز المجرة، ودرب التبانة أكثر تألقا في بعض أقسامها ما هي عليه في أقسام أخرى، فالقسم الذي يحيط ب(كوكبة الدجاجة)، شديد اللمعان، ولكن القسم الأكثر اتساعا ولمعانا، يقع أبعد إلى الجنوب في كوكبة (رامي القوس). وترجع التسمية بمجرة درب التبانة أو طريق اللتبانة، لأن جزءا منها يُرى في الليالي الصافية كطريق أبيض من اللبن، يتمثل للرائي بسبب النور الأبيض الخافت الممتد في السماء، نتيجة الملايين من النجوم المضيئة، التي تبدو رغم أبعادها الشاسعة، كأنها متراصة متجاورة، ويقدر علماء الفلك أن المجرة تكونت بمشيئة الله، قبل مدة زمنية تقدر ب12-14 مليار عام، الذي تم تحديده باستخدام تقانة علم التسلسل الزمني الكوني، وتعد واحدة من ضمن المجرات الحلزونية الكبيرة، وهي في شكل القرص، وتدور حول نفسها كل نحو 250 مليون سنة، وتقع المجموعة الشمسية على أحد الأذرع التي تسمى ذراع الجبار، على بعد نحو ثلثي نصف قطر المجرة، كما تشتمل المجرة على عدة أذرعة أخرى، منها ذراع حامل رأس الغول، الذي يجاورنا مباشرة نحو حافة المجرة، ويتميز كل ذراع بكوكبة شديدة السطوع، ويمكن بسهولة رؤية مركز المجرة المنتفخ نسبيا ليلا، في وسط الطريق اللبني حيث إنها شديدة الضياء، رغم صعوبة تبين تفاصيلها الداخلية بسبب وجود غبار كثيف.