رحبت المملكة العربية السعودية أمس الأول الثلاثاء، بقرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإزالة اسم «التحالف العربي من أجل استعادة الشرعية في اليمن»، من قائمة الجهات المسؤولة عن العنف ضد المدنيين. وأكدت المملكة على لسان مندوبها لدى الأممالمتحدة عبدالله المعلمي أمام مجلس الأمن بشأن جلسة المناقشة المفتوحة عن «الأطفال في النزاع المسلح»؛ إيمانها أن على الأممالمتحدة أن تمارس دوراً بحيادية وموضوعية وشفافية وألا تكتفي بالمصادر غير الموثوقة كأساس لتقاريرها أو بياناتها، وأن يكون الهدف الأساسي من هذه التقارير هو السعي إلى تحسين الظروف والأحوال التي يواجهها الأطفال في النزاعات المسلحة، بحسب (واس). وأشار المعلمي إلى أن السعودية «استجابت لنداء الاستغاثة الذي أطلقه الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي والشعب اليمني لحمايته من الانقلاب الذي قام به المتمردون». وأضاف: إنه «وفقاً للمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة، تم تشكيل قوات التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن، وتوفير جميع الإمكانات الضرورية لإنجاح مهمتها الرئيسية لحماية المدنيين بمن فيهم الأطفال». قلق المملكة وإدانتها للانتهاكات ضد الأطفال ولم تخف المملكة قلقها من تصاعد الانتهاكات، وعن ذلك قال عبد الله بن يحيى المعلمي سفير المملكة لدى الأممالمتحدة في خطابه: «نحتفي اليوم بمرور عشرين عاماً منذ إطلاق تقرير جراسا ماشيل» حول أثر النزاعات المسلحة على الأطفال، وبالرغم من العمل المتواصل لضمان حماية الأطفال منذ إدراج هذا البند على أجندة مجلس الأمن، وعلى الرغم من تحقيق بعض الإنجازات مثل «حملة أطفال لا جنود» وغيرها من المبادرات المهمة إلا أن الأطفال لا يزالون في مقدمة ضحايا النزاعات المسلحة. وأضاف: إن وفد بلادي يعبر عن بالغ القلق إزاء تصاعد وتيرة الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب ضد الأطفال، وإننا ندين بأشد العبارات ما ورد في تقرير الأمين العام حول قيام الجماعات المسلحة من غير الدول مثل «حركة الشباب»، و«بوكو حرام»، و«داعش»، بالإضافة إلى المليشيات الطائفية مثل حزب لله وقوات الحشد الشعبي من قتل الأطفال وتشويههم وتجنيدهم واستغلالهم، واختطافهم وحرمانهم من الحرية، وتعريضهم لجرائم العنف الجنسي، كما أن تفاقم مسألة النازحين بسبب النزاع تسببت في تعريض الأطفال لانتهاكات إنسانية جسيمة كما هو الحال في سوريا وجنوب السودان. وبيّن المعلمي أن وفد المملكة يؤكد على أن الحل الأمثل لتوفير الحماية الضرورية للأطفال هو توفير البيئة المناسبة للسلام المستدام، ومنع نشوب النزاعات، ووضع حد لها، بما في ذلك إنهاء الاحتلال بجميع مظاهره، والالتزام الكامل بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويأتي الأطفال الفلسطينيون في مقدمة ضحايا إسرائيل التي ما زالت ماضية في احتلالها العسكري، وممارساتها الإرهابية والعدوانية وحصارها الخانق، وانتهاكاتها الخطيرة ضد القانون الدولي، دون خوف من معاقبة أو محاسبة، مشيراً إلى أن إسرائيل مستمرة في استخدام القوة المفرطة ضد الأطفال، بما في ذلك الإعدامات الميدانية قتلا بالرصاص، ومستمرة باحتجاز المعتقلين الفلسطينيين من الأطفال، والتعريض بهم وتعذيبهم واستغلالهم، ومحاكمتهم عسكرياً دون سن المسؤولية الجنائية، ومستمرة في هدم المنازل، والقيام بعمليات الإخلاء والتهجير القسري، والاعتداءات على المستشفيات والمدارس، فضلاً عما يقوم بها المستوطنون الإرهابيون من قتل وتشويه. المملكة تواجه الجميع بالحقائق وطالبت المملكة عبر سفيرها لدى الأممالمتحدة مجلس الأمن بتحميل حكومة الاحتلال الإسرائيلية مسؤولية ارتكابه لانتهاكات جسيمة وإلزامه بإطلاق الأسرى والمعتقلين وخاصة الأطفال، والوقف الفوري لعمليات القتل والتشويه والخطف والاستغلال، واتخاذ إجراءات فورية لإنهاء الاحتلال وفقاً لمبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية، والعودة إلى حدود 1967م ودعم قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. وأوضح السفير المعلمي أن المملكة العربية السعودية تعرب عن قلقها البالغ من استمرار معاناة الأطفال في سوريا، وباستمرار انتهاكات قوات النظام اليومية، بتعريضهم أرواح الأطفال للزهق، وتشويه أجسادهم، وتدمير مدنهم، وباستمرار وتزايد القصف الجوي العشوائي، وغير المتناسب، بما في ذلك استخدام البراميل المتفجرة، واستهداف المدارس والمستشفيات والأطقم الطبية، مشيرا إلى أن المملكة تندد وبشدة بما تقوم به قوات الباسيج الإيرانية من حملات لتجنيد الأطفال والزج بهم في القتال في سوريا، وتعزيز وجود قوات الحرس الثوري الإيراني الأجنبية في سوريا ومليشيات حزب لله الإرهابي وغيرها من المليشيات الطائفية، ومشاركتها في العمليات الإجرامية التي تقوم بها قوات النظام السوري ضد الأطفال والمساهمة في قتلهم وتشويههم، بالإضافة إلى احتجاز الجهات الأمنية للأطفال وتعريضهم للتعذيب الذي يصل إلى حد الموت في بعض الحالات، إضافة لاستخدام الحصار من قبل قوات الأسد كأسلوب من أساليب الحرب، وأضاف المعلمي: إن حلب اليوم مهددة بمجزرة وبتطهير عرقي من قبل النظام السوري وميليشياته. وقال المعلمي: «حلب التي يعتصم أطفالها على ركام المنازل المدمرة احتجاجا على اهمال الجهات الدولية لهم والإخفاق في حمايتهم وتعريضهم لخطر الموت، حلب التي يستصرخكم أطفالها وشيوخها ونساؤها، حلب التي إن شهدت ما يهدد به النظام السوري من مذابح فسيكون ذلك بصمة عار على ضمير الإنسانية وعلى سجل مجلس الأمن، إننا نناشد مجلس الأمن تقديم الحماية الفورية للمدنيين والأطفال في حلب وسائر المدن السورية، ونناشد مكتب الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية أن يقوم بدوره الموكل إليه في تيسير إيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري، عوضاً عن التهجير القسري للأطفال وعوائلهم». المملكة لبت نداء شعب اليمن لحمايته وضمن كلمته أمام مجلس الأمن، أشار المعلمي إلى أن المملكة استجابت لنداء الاستغاثة الذي أطلقه الرئيس عبدربه منصور هادي والشعب اليمني لحمايته من الانقلاب الذي قام به المتمردون من مليشيات الحوثي والقوات التابعة للمخلوع صالح، ووفقاً للمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأممالمتحدة، تم تشكيل قوات التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن، وتوفير جميع الإمكانات الضرورية لإنجاح مهمتها الرئيسية لحماية المدنيين بمن فيهم الأطفال، والعودة إلى عملية الانتقال السياسية بإشراف الأممالمتحدة وفقاً لمبادرة مجلس التعاون ومخرجات الحوار الوطني وآلياتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن، كما ساندت السعودية جهود مبعوث الأممالمتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد والمشاورات في الكويت، وما تم اعتماده وتجاوب الوفد الحكومي المفاوض، مبينا مماطلة الطرف الآخر. وطالبت المملكة وعبر سفيرها مجلس الأمن بإدانة هذا الموقف، والعمل على إلزام الطرف المتمرد بما توافق عليه المجتمع الدولي متمثلاً في قرار مجلس الأمن 2216 ومبادرة مجلس التعاون وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني. وقال السفير المعلمي: «عند الحديث عن ضحايا النزاع من المدنيين في اليمن ينبغي أن نستذكر أن مليشيات الحوثي المتمردة قد قامت بتحويل العديد من المدارس والمستشفيات إلى ثكنات عسكرية مستخدمة الآلاف من الدروع البشرية، وقامت بزرع عشرات الآلاف من الألغام متسببة في قتل الأطفال وتشريدهم وترويع المدنيين، كما قامت بالهجوم على حدودنا، متسببة في مقتل أكثر من 500 مدني، ونزوح الآلاف من السكان، وتدمير أكثر من 1700 منزل، و 75 مبنى حكومياً بما في ذلك المستشفيات والمرافق الصحية». وزاد المعلمي بقوله: «تسببت هذه الهجمات المتكررة في تعطيل الدراسة وإغلاق المدارس مما عرقل عملية التعليم للآلاف من الطلبة. ومنذ اتفاق وقف الأعمال القتالية في 10 أبريل 2016م قامت ميليشيات الحوثي وحلفاؤها بأكثر من 1700 خرق ضد حدود المملكة وأراضيها، وأطلقت أكثر من 20 صاروخاً باليستياً، مما تسبب في سقوط العديد من الضحايا من المدنيين». المملكة والحلفاء ملتزمون بمبادئ القانون الدولي وأكد السفير المعلمي أن المملكة تدين وبشدة تجنيد الأطفال واستغلالهم من قبل ميليشيات الحوثي المتمردة، كاشفا أن التحالف أعاد بداية يونيو الماضي جميع الأطفال المجندين من قبل الميليشيات، ممن عثر عليهم وبحوزتهم سلاح على طول الحدود، وتم تسليمهم بدون شروط إلى الحكومة اليمنية لجمع شملهم بأسرهم بعد مساعدتهم معنويا وماليا؛ بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر واليونيسيف. وأكد سفير المملكة أن قوات التحالف لا تحتجز أي طفل من الأطفال المجندين في اليمن وهي ملتزمة بقواعد ومبادئ القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وأوضح تبني المملكة العربية السعودية للقرار 2286 (2016) الذي يدعو لمحاسبة من يستهدف المدنيين والمرافق الصحية وجميع من يعملون في مجال الرعاية الصحية أثناء النزاعات. وأشار المعلمي إلى أنه وبناء على هذه الالتزامات، فقد اعتمدت قوات التحالف قواعد اشتباك واضحة لحماية المدنيين، تتضمن الالتزام الصارم بمبدأي التناسب والتمييز، كما يَعْمَل التحالف على أساس افتراض أن جميع المناطق في اليمن مدنية حتى يثبت العكس، ويحظر استخدام الأسلحة العشوائية والمحظورة، ويستوجب توفير الحماية لجميع المدنيين بما في ذلك الطواقم الطبية وطواقم وسائل الإعلام، وضمان إخلائهم من مناطق العمليات. وبين سفير المملكة أن جميع عمليات قوات التحالف في اليمن تخضع لمراجعة دورية، بما فيها تعيين الأهداف العسكرية لتجنب وقوع أي ضرر مدنية، مشيراً إلى أن المملكة تؤمن إيماناً قاطعا بأن الأطفال يأتون أولاً، فلا يوجد مبرر لاستهداف المدنيين، وخاصة الأطفال في النزاعات العسكرية وتؤمن بأن مكان الأطفال هو على مقاعد الدراسة وليس في جبهات القتال، وأن لهم الحق في الحياة والتعليم بعيداً عن دوي الرصاص والقنابل، وأن المملكة ملتزمة التزاماً بحماية المدنيين والأطفال، وتولي بالغ العناية والاهتمام لأي مزاعم بأي انتهاكات ضد المدنيين، مشيرا لقيام المملكة وقوات التحالف، في شهر فبراير الماضي بإنشاء الفريق المشترك لتقويم الحوادث، للتحقيق في جميع الادعاءات المتعلقة بسقوط ضحايا من المدنيين، بالتنسيق مع اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وسيتم إعلام الأممالمتحدة بنتائج هذه التحقيقات في أقرب وقت ممكن. المملكة تبني ولا تهدم وهي أكبر داعمي العمليات الإنسانية وقال السفير المعلمي: «في اليمن كانت المملكة في طليعة الملتزمين بدعم جهود إعادة الإعمار في اليمن، حيث ساهمت خلال الفترة ما بين 2010م وحتى 2015م، بمبلغ 3.25 مليار دولار، تم منها تخصيص 1.75 مليار دولار للصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية والإغاثة، وتعتبر من أكبر داعمي العلميات الإنسانية في اليمن، وقام مركز الملك سلمان للإغاثة والعمليات الإنسانية منذ تأسيسه في 13 مايو 2015م بتقديم مساعدات إنسانية لليمن تجاوزت 440 مليون دولار، بجانب الدعم الطبي والمالي في جيبوتي والأردن والسودان للاجئين اليمنيين، مشيرا إلى استقبال المملكة أكثر من مليون يمني، وقبول المقيمين فيها بالمدارس والجامعات السعودية، وتقديم الرعاية الطبية للآلاف من اليمنيين المصابين في المملكة والأردن والسودان واليمن، وتوفير الدعم التربوي والنفسي للمتضررين من الألغام، بما في ذلك الأطفال». وأكد المعلمي في ختام الكلمة «أن وفد المملكة يحيي الدور الذي تقوم به الأممالمتحدة وأجهزتها في حماية المدنيين في النزاعات المسلحة والأطفال خصوصا، وإيمانه بأن الأممالمتحدة يجب أن تتمكن من أداء دورها الإنساني الحيوي الفعال بعيداً عن الضغوط ودون أي محاولة للتأثير على قراراتها، حيث إن المملكة العربية السعودية كانت وستظل دائما سباقة إلى دعم الأممالمتحدة وأجهزتها ومنظماتها، ولكننا نؤمن أيضاً بأن على الأممالمتحدة أن تمارس دورها بحيادية وموضوعية وشفافية وأن تسير مسافة الميل الإضافي للحصول على ما تحتاج إليه من معلومات وألا تكتفي بالمصادر غير الموثوقة كأساس لتقاريرها أو بياناتها، وأن يكون الهدف الأساسي من هذه التقارير هو السعي إلى تحسين الظروف والأحوال التي يواجهها الأطفال في النزاعات المسلحة، وأظهر المعلمي أسف المملكة لنقص المعلومات الذي أدى إلى إدراج اسم التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن في قائمة الدول والجهات المسؤولة عن العنف ضد المدنيين دون وجه حق، وحيا القرار الشجاع الذي اتخذه الأمين العام لإزالة اسم التحالف من القائمة، ونرحب بقراره بتثبيت الإزالة والاستمرار في التشاور والمراجعة، موضحا بتقديم المملكة دعوة سابقة للأمم المتحدة لإيفاد أحد مسؤوليها لزيارة قيادة قوات التحالف، وقال: دعوتنا ما زالت قائمة». قطر: التحالف حريص على حماية المدنيين وفي نفس السياق أوضحت دولة قطر الدور الذي يؤديه التحالف الدولي في دعمه لشرعية اليمن وحرصه على الالتزام بحماية المدنيين، بجانب توفيره للإمدادات الإنسانية، وإيلاء اهتمام خاص للأطفال، وفق ما تمليه عليه التزاماته بموجب القانون الدولي الإنساني والدين الإسلامي. وجاء في البيان القطري أمام مجلس الأمن، أن الشريعة الإسلامية سبقت جميع التشريعات بوضعها لأحكام وقواعد تحمي الأطفال من ويلات النزاعات المسلحة، وأشار البيان إلى إدراك العاملين في ميدان القانون الدولي الإنساني بأن ما ورد في الشريعة الإسلامية من أحكام تلتقي وتنسجم تمامًا مع ما وضع في القانون الإنساني الدولي، والصكوك الدولية الخاصة بحماية الأطفال أثناء هذه النزاعات، وهو ما أكدته اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دراساتها وأدبياتها. وعن الانتهاكات التي يعاني منها أطفال فلسطينالمحتلةوسوريا، أعربت قطر عن قلقها وأكدت أن معاناتهم ستستمر وسيتواصل وقوع الضحايا منهم، ما لم يتمكن المجتمع الدولي من التوصل لحل لهذه النزاعات، مطالبة مجلس الأمن بجعل حماية الأطفال في قائمة أولوياته خلال النظر في هذه القضايا.