كان حكام المباريات بمثابة الأبطال المجهولين في منافسات دور المجموعات ببطولة كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم (يورو 2016م) المقامة حاليا بفرنسا، حيث لم يشهد الدور الأول سوى عدد ضئيل من القرارات التحكيمية المثيرة للجدل كما نجحوا ببراعة في اتخاذ قرارات صعبة كانت صحيحة إلى جانب الهدوء في التعامل مع المواقف رغم المشكلات التي شهدتها المدرجات. فعادة ما تقترن بطولات كأس أوروبا وكأس العالم بحالات من الجدل تتمحور بشكل رئيسي حول الحكام، خاصة في المباريات الأولى، حيث يعاني الحكام من بعض التوتر حالهم كحال اللاعبين، في ظل مطالبتهم من قبل مسؤولي البطولات بضبط جوانب معينة على أرضية الملعب، ولكن الدور الأول من منافسات يورو 2016م جاء مختلفا. فقد شهدت البطولة حتى الآن حالتي طرد فقط، كما حازت القرارات التحكيمية على تأييد أغلب المراقبين. وحصل النمساوي ألكسندر دراجوفيتش على البطاقة الصفراء الثانية وطرد خلال المباراة التي خسرها منتخب بلاده أمام نظيره المجري صفر / 2 في الجولة الأولى من مباريات المجموعة السادسة، ولم يسفر القرار عن غضب كبير سواء من جانب المشجعين النمساويين أو في الصحافة أو مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت حالة الطرد الثانية من نصيب الألباني لوريك سانا حيث حصل على البطاقة الصفراء الثانية بعد ما استخدم يده لمنع أحد لاعبي سويسرا من الانفراد بالحارس إثر هجمة سريعة خلال مباراة الفريقين في الجولة الأولى من مباريات المجموعة الأولى. وقال جياني دي بياسي المدير الفني لمنتخب ألبانيا حينذاك: «للأسف، كان طردا عادلا». واعتادت جماهير كرة القدم على سماع المدربين واللاعبين يشكون الحكام، لذلك فالإشادة بهم تبدو أمرا مفاجئا وغير مألوف. ورغم الحالات العديدة للصراع على الكرة بين اللاعبين بشيء من الخشونة، كان الحكام يدركون عدم وجود عنف متعمد ويتفهمون مدى تأثير شراسة المنافسة على إيقاع اللعب والتدخلات. ونال حكام مباراة إنجلترا وويلز إشادة خاصة، حيث بدا جيمي فاردي وكأنه في وضع تسلل قبل تسديد الكرة التي سجل منها التعادل لإنجلترا وانطلق النجم الويلزي جاريث بيل نحو حامل الراية محتجا، لكن اتضح بعدها أن الكرة التي مررها دانييل ستوريدج ارتطمت برأس آشلي ويليامز مدافع ويلز ولم ترتطم بلاعب إنجليزي، وبذلك لم يكن من المفترض اعتبار فاردي متسللا. وكان الهدف المتأخر لستوريدج الذي منح إنجلترا الفوز 2 / 1 على ويلز قد خطف الأضواء من الدور البارز الذي لعبه حامل الراية في احتساب هدف التعادل الصحيح للمنتخب الإنجليزي. وكان النقاد الرياضيون بالقنوات التليفزيونية البريطانية أبدوا انزعاجهم فقط لعدم رؤيتهم للمسة ويليامز للكرة. لكن المهاجم الإنجليزي السابق ألان شيرار قال: «يجب أن أبدي بالغ تقديري للحكام». كذلك من المعتاد أن تثير طلبات الحصول على ضربات الجزاء أو احتسابها حالات من الجدل، وقد شعرت الجماهير الأيرلندية بأن منتخبها كان يستحق ضربة جزاء على الأقل في مباراة الفريق أمام نظيره الإيطالي أمس الأول الأربعاء الماضي، ولكن الأمر ربما يكون قد نسي بعد فوز أيرلندا 1 / صفر في المباراة، وبشكل عام يحاول الحكام التمسك بالثبات عندما يتعلق الأمر بضربات الجزاء. وعملت تكنولوجيا خط المرمى بشكل جيد في البطولة، وقد تألق الحكام أيضا في جانب آخر وهو التعامل مع المشكلات الجماهيرية التي وقعت في مباريات بالبطولة الحالية، فقد أطلقت الألعاب النارية باتجاه أرضية الملعب خلال عدد من المباريات وقد أصيب بسببها أحد أفراد الأمن خلال مباراة كرواتيا والتشيك. وحينذاك، أوقف الحكم الإنجليزي مارك كلاتنبرج اللعب وتأكد أولا أن اللاعبين باتوا بعيدين عن الخطر، ثم أشار باستئناف اللعب، دون أي ارتباك بعد إزالة الألعاب النارية الملقاة على أرضية الملعب. وقال جراهام بول الحكم السابق ببطولات كأس العالم وكأس أوروبا في تصريحات لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية: «لقد ضمن بالفعل حضوره في المباريات الأخيرة للبطولة من خلال مثل هذا الهدوء والنضج في الأداء». وأضاف: «ربما يحقق ثلاثية تحكيمية استثنائية حيث أدار نهائي كل من كأس الاتحاد الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا في مايو، وربما يدير هذا الحكم المميز نهائي البطولة الأوروبية في العاشر من يوليو».