برنامج نطاقات تم تصميمه كمقياس لمعدلات السعودة في منشآت القطاع الخاص واعتباره المحرك الأساسي لتطبيق «السعودة»، وذكرت سابقاً أن البرنامج كان يعتمد على الجانب الكمي متجاهلاً الجانب النوعي في توظيف الأيدي العاملة المحلية، ووجهة نظري أن البرنامج يميل إلى عملية تقسيمية فقط لاغير دون تحقيق الفائدة المرجوة من تعريف السعودة الحقيقي وهو «تطوير الأيدي العاملة المحلية لتحل بدلاً من الأيدي العاملة الأجنبية»، وبمعنى آخر تم استخدام البرنامج كأداة للدفع بالتوظيف بأكبر قدر ممكن فقط لا غير وكمتطلب لإنهاء الإجراءات. قبل فترة أعلنت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عن قرارها بتطبيق برنامج «نطاقات الموزون» على منشآت القطاع الخاص قبل نهاية السنة الميلادية، والذي من خلاله عملت الوزارة بالاهتمام في الجانب النوعي في عمليات التوظيف بالإضافة إلى الجانب الكمي من خلال تطبيق خمسة معايير رئيسية في البرنامج وهي «نسبة السعوديين من القوى العاملة بالمنشأة، نسبة النساء السعوديات في القوى العاملة بالمنشأة، متوسط أجور السعوديين بالمنشأة، متوسط الاستدامة الوظيفية للسعوديين، ونسبة السعوديين في المناصب القيادية الأعلى أجراً في المنشأة»، ونلاحظ من خلال هذا التوجه أن البرنامج سيكون مفتاحا اساسيا في تحقيق العديد من أهداف رؤية المملكة 2030. يختلف العديد على نجاح برنامج نطاقات الحالي، والواقع حسب الأرقام بأن البرنامج نجح «كمياً» دون النظر إلى نوعية الوظائف لأنه ساهم في توظيف أعداد ليست بقليلة مقارنة بمعدلات التوظيف قبل تطبيقه، ولو قامت الوزارة بتطبيق «نطاقات الموزون» في ذاك الوقت لكان الوضع مغايرا بشكل كبير عن الوضع الحالي، ولكن السبب الرئيسي لعدم تطبيق ذلك من وجهة نظري أن الإحصائيات كان من الصعب الحصول عليها في ذاك الوقت إلكترونياً، ولو رجعنا للعديد من الدراسات المختصة في تحليل الموارد البشرية فسنجد أن هناك عوامل عديدة لها تأثير في عملية نجاح التوظيف واستقرار الموظفين بالقطاع الخاص، وهناك عاملان يشكلان نسبة لا تقل عن 80% من التأثير وهما (الأجر، وبيئة العمل)، ومن خلال إطلاق برنامج «نطاقات الموزون» سيكون شعار المرحلة التالية «نوعية موظفيك هم الأساس». أهم تأثير سيكون في تطبيق هذا البرنامج هو التغيير الجذري الذي سيحصل في طريقة توظيف الأيدي العاملة السعودية، وطريقة تطوير بيئة العمل الداخلية لجعل المنشآت جاذبة لاستمرار العمل فيها وجاذبة في استقطاب الأيدي العاملة السعودية، فبعد تطبيق البرنامج سيكون الوضع مغايرا لما هو عليه الآن في برنامج نطاقات الحالي، وهناك مساران ستعمل عليهما منشآت القطاع الخاص التي سيتم تطبيق البرنامج عليها حتى لا تخسر موظفيها وخاصة «المواهب»، فالمسار الأول سيكون في مراجعة وتحسين الأجور الداخلية مقارنة بالمنافسين في سوق العمل، والمسار الثاني سيكون بالاهتمام في التوظيف النوعي والتدريب الداخلي لتطوير موظفيها السعوديين، وعلى يقين بأن العديد من المنشآت ستعمل على تجهيز الصفوف الثانية بشكل مستمر وذلك بسبب قوة التنافس التي ستنشأ في توظيف الأيدي العاملة السعودية في سوق العمل. تطبيق برنامج «نطاقات الموزون»، سيكون داعما وليس الأساس في توسيع القاعدة الوظيفية والتي تندرج مسؤوليتها تحت هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، وبعد تطبيقه سيكون هناك تنافس كبير بالاهتمام في التوظيف النوعي للأيدي العاملة السعودية، وسيكون هناك نقلة نوعية في تطوير تطبيقات الموارد البشرية الداخلية في القطاع الخاص والتي نعاني من تجاهل كبير لها مما تسبب ذلك في كثير من الفوضى الإدارية والمادية لمنشآت القطاع. خلاصة الحديث، «نطاقات الموزون» ستخلق تنافساً قويًاً في سوق العمل على الأيدي العاملة المحلية وتطويرها، وأخيراً ستعمل المنشآت «نوعياً» قبل «كمياً» لأن المرحلة القادمة هي مرحلة بيد المنشآت لا بيد غيرها.