يعد المسجد أفضل المراكز لتربية النفوس على النظام والأخلاق الحميدة نظرا لأهميته في حياة المسلم ودوره العظيم في الإسلام، وكونه أشرف البقاع على وجه الأرض؛ حيث يذكر فيه اسم الله جل وعلا ليل نهار وصباح مساء، ويحضره رجال لا يغفلون عن طاعته سبحانه وتعالى مما يجعلنا جميعا نحترم جميع الخصوصيات، وفي هذا الشأن تحدث عدد من المسؤولين عن أهمية التزام الإمام بالوقت المحدد مما يعد ذلك قدوة للمصلين مما يزيد احترام الناس له. قال الشيخ احمد بن محمد الجراح مدير الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة الجبيل: إن إقامة الصلاة من اختصاص الإمام وقد جاء في الحديث (المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة) قال ابن قدامة في المغني: ولا يقيم حتى يأذن له الإمام، فإن بلالًا كان يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي حديث زياد بن الحارث الصدائي، أنه قال: فجعلت أقول للنبي صلى الله عليه وسلم أقيم؟. وروى أبوحفص، بإسناده عن علي قال: المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة، وأضاف قائلا: هنالك وقت محدد للانتظار بين الأذان والإقامة حددته الوزارة للصلوات- الفجر 25 دقيقة- الظهر 15 دقيقة- العصر 15 دقيقة- المغرب 10 دقائق- العشاء 20 دقيقة وعندما يحصل تأخير من الإمام عن موعد الإقامة بشكل مؤثر بشكل دائم وليس عرضيا فإنه يرفع أمره إلى جهة الاختصاص إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد ليتحقق من الأمر ثم يُلزم بالتقيد بنظام الوزارة. وحول أهمية قرب السكن، قال الجراح: لا شك أن قرب سكن الإمام من المسجد أو سكنه في السكن التابع للمسجد إن وجد له أثره الإيجابي على انتظام الإمام وعدم تأخره، إذ انه حين يكون سكنه بعيدا عن المسجد ربما حبسه الطريق لكن ومع ذلك فليس مبررا كون سكنه بعيدا أن يتأخر عن موعد الإقامة بشكل دائم لأن تأخر الإمام عن الإقامة يسبب ربكة في المسجد وربما أثر على مصالح البعض أو ارتباطاتهم أو مواعيدهم والمراقب عليه واجب كبير في ملاحظة مثل هذا الأمر والرفع للإدارة مباشرة ليتم اتخاذ اللازم بما يقتضيه النظام. وبالنسبة لالتزام الإمام بالمواعيد قال: «يعتبر الإمام قدوة للمصلين ويؤمهم في أعظم شعائر دينهم فإن انضباطه ومواظبته مؤشر إيجابي يزيد من احترام الناس له وإن كان العكس فإنه يكون عاملا سلبيا مؤثرا ومع ذلك كله فإمام المسجد عليه واجب كبير يجب أن يبذل قصارى جهده في القيام به وهو بشر تعرض له من الظروف ما يعرض لغيره فيجب أن يتعاون الجميع». الانضباط سبب حب الناس وقال الكاتب طارق البوعينين: الإمامة في الإسلام صغرى وكبرى، فالكبرى هي إمامة ولي أمر المسلمين وأما الصغرى فهي إمامة المسجد، وقد قرنت الصغرى بالكبرى لأهميتها ولكون الإمام الأعظم هو من يتولى الإمامتين، فإمامة المسجد منها تنطلق شؤون وترتيبات الإمامة العظمى لذا كان ما يترتب عليها من انضباط والتزام أكبر مؤثر في انتظام شؤون وسياسة الدولة، واضاف البوعينين: إن نظرة الناس للإمام هي نظرة القدوة في الالتزام والخلق والحكمة وإن مما يتمثل فيه الانضباط هو في الصلاة حضورا وإقامة وأداء، فلا يستقيم النداء للصلاة في غير وقتها كونها ذات أوقات معلومة. مشيرا الى انه في مجتمعنا يلحظ أن بعض الناس لا ينزعجون كثيرا بسبب تأخير الأذان لدقائق بينما يحصل التذمر في تأخير الإقامة ولو دقيقة ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأجر المترتب على انتظار الصلاة دل على أن هذا الأجر نتيجة المشقة الحاصلة من الانتظار ومن المعلوم أن الأجر على قدر المشقة، وقد كان الصحابة ينتظرون العشاء الآخرة فمنهم من ينعس ومنهم من تلحقه المشقة فكان صلى الله عليه وسلم يراعي حالهم ويبكر في الصلاة ويقول والله إنها لوقتها لولا ان أشق على أمتي، فانظر كيف ان المشقة تجلب التيسير، بل حتى في إطالة القراءة كما في القصة المشهورة لما أطال معاذ رضي الله عنه القراءة. واضاف ابو العينين قائلا: في ازماننا تم تحديد اوقات الإقامة تيسيرا للناس ولئلا تلحقهم المشقة، كما انه في تحديد هذه الأوقات انتظام لحياة الناس ومواعيدهم، الا ان ما ينقص هذا التنظيم هو تكرار تأخير بعض الأئمة اما نتيجة عدم استشعارهم أهمية الالتزام أو عدم وجود من ينيبه الإمام للصلاة، موضحا ان بعد المسكن هو مما عالجته الأوقاف بتوفير مساكن الأئمة المجاورة للمسجد، فكلما كان الإمام اكثر التزاما وانضباطا كان تهافت الناس عليه محبة ورغبة في الصلاة كما أن في تأخير الإمام بلا سبب تنفيرا للمصلين، وإن على جماعة المسجد تنبيه الإمام بالحكمة مرارا فإن لم يلتزم لزم رفع أمره الى الأوقاف تحقيقا للمصلحة ومراعاة لحال المصلين. أثر مهم في جماعة المسجد وتحدث الشيخ الدكتور احمد الطيران المحاضر في كلية الملك فهد البحرية عن هذا الموضوع وقال: الإقامة من شعائر الدين، وهي من فروض الكفاية، متعلقة بالصلوات الخمس، ويفضل أن يتولاها من أذن ويشرع أن يقيم في المكان الذي أذن فيه والأصل ألا يقيم إلا بإشارة الإمام لأنه أملك بالإقامة ويشرع أن يكون الإمام قريبا من المأمومين ومن ذلك ما رواه مسلم (أن بلالا كان لا يقيم حتى يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم) وحديث (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني) قال أهل العلم ان بلالا كان يرقب خروج النبي صلى الله عليه وسلم وكان الصحابة إذا رأوه قاموا وكلما كان الإمام يحضر مبكرا ويراه المأمومون وهو يؤدي ما تيسر له من النوافل كان له الأثر البالغ في جماعة مسجده أما أن يلحظ الجماعة أن إمامهم فقط يأمر بالإقامة ويصلي ثم ينطلق وهكذا فهذا أمر غير مستحسن. وأضاف قائلا: يعلل بعض الأئمة تأخرهم او تقدمهم السريع المخل لإقامة الصلاة بعذر إتاحة الفرصة للجماعة ان تحضر وهم، أي الأئمة، اعلم الناس ان المصلين هم من يجب ان ينتظر الصلاة وليس الصلاة التي تنتظرهم. لذا فإن التوسط في امر الإقامة هو المطلوب والأقرب للصواب. وقال الشيخ الطيار: ولا شك في أن دور الإمام كقدوة أمر مسلم شرعا وواقعا. ولذا كان الإمام هو الخليفة. وفسر بعضهم (أقرؤهم) بمعنى أعلمهم بكتاب الله تعالى؛ حتى لا يقتدي الناس بجاهل يضلهم وحديث (الإمام راع...) يشمل إمام الصلاة. ومن أهم جوانب رعايته أن يكون قدوة لهم في الخير، ولا يكون مستندا لهم في تقصير، حتى في أسرته؛ فإن العيون عليه أوسع من غيره. ومن هنا كان على الإمام التماس جوانب القدوة الصالحة في خاصته فيبرزها، ويحذر من ضدها. ومن ذلك: حسن أداء الصلاة، والسنن الرواتب، والجلوس في المسجد للذكر. وحضور مجالس العلم. وإحضار أولاده للصلاة مبكرين. والحشمة في بيته وأسرته. وحسن الخلق والمعاملة لجيرانه وإخوانه المسلمين، يسلم عليهم كبارا وصغارا، ويبتسم لهم، ويعفو عن جهلهم، ويحضر مناسباتهم، ويعزي، ويهنئ.. مختتما حديثه قائلا: ولا شك أن تصرف الإمام له آثار على المصلين وفي أسرهم. سواء في جانب الصلاة، أو في جانب الأخلاق، أو في جانب التربية والدعوة، أو في الاستقامة والالتزام بوجه عام ومحبة الدين وأهله. مصلون خلال أداء صلاة الجمعة