أعلنت المملكة لأول مرة الإطار العام لخطة التحول الوطني والتي لم تتوافر كافة تفاصيلها بعد خلال كتابة هذه السطور، مع هذا يمكن الإشارة إلى عدة ملامح لوثيقة الخطة التي تعد أول خطة استراتيجية وطنية معلنة منذ إعلان الرؤية الوطنية 2030م. الخطة اعتمدت على تحديد أهداف استراتيجية لكل جهة حكومية شملها البرنامج، ثم تعيين مبادرات واضحة لتحقيق هذه الأهداف، اتباعاً لأسلوب الربط بين الأهداف النظرية والتطبيق العملي، وترجمة الهدف الإستراتيجي إلى مبادرات واضحة يمكن متابعتها لتدعيم فرص تحقيق الهدف وصدقيته وهو أسلوب متبع في الإدارة الإستراتيجية الحديثة. مع هذا فإن هذه الخطوة وإعلانها على المستوى الوطني وترسيخ الشفافية من خلال الوعد بإعلان النتائج يمكن اعتباره سابقة في تاريخ العمل الحكومي في المملكة، تتعدى إطار الخطط التنموية الخمسية. أخذت الخطة أيضاً بآليات العمل الإستراتيجي القائم على تقسيم الخطة إلى مراحل زمنية محددة سلفاً لتتبع الإنجاز وتقييمه وتطويره، وحددت معايير قياس ليتم الرجوع إليها عند مقارنة النتائج بالمستهدفات، وإعادة تقييم العمل خلال مراحل الخطة ونهايتها. هذه الأهداف الإستراتيحية المتنوعة استندت إلى آلية تحديد الموقف والتي من الواضح أنها تحرت العمل على التحديات بما يتعدى النظر إلى الفرص، وعلى أي حال فإن الخطة لم تخرج عن إطار العمل الإستراتيجي، ووضعت معايير تقييم الأداء المرتبط بتحقيق هذه الأهداف بصورة كمية ليتم قياس النتائج في صورة «أرقام ونسب». أسلوب معايرة الخطة بمقاييس كمية للأداء يمكن تتبعها في كافة الأهداف الإستراتيجية لكل الوزارات، ومع هذا اعتمدت الخطة أسلوب الأوزان في تقييم الرضا أو تقييم العملاء لتحويل المدخلات النوعية «مثل الرضا، الطموح، الألم وغير ذلك» إلى كمية وهو أسلوب معتمد في تقييم الأداء في قطاع الخدمات من خلال قياس من خمس درجات في أغلب الأحيان. الأهداف النوعية الأخرى التي لا تُقاس بالأوزان تم تحويلها أيضاً إلى أرقام ونسب لتمكين رصد الأداء فيها، لكن الوثيقة لم تحدد آليات العمل واحتساب النسب، وزارة الإعلام مثلاً وضعت أهدافاً حول تحسين الصورة الذهنية حول المملكة، والوعي وغيرها، وتطبيق مثل هذه الأهداف عادة ما يتم من خلال إجراء بحوث قد تعتمد بحوث المناهج المزدوجة «الكمية النوعية» على نطاق الشريحة المستهدفة. وتنفيذ هذا القياس متوافر في بعض الدول المتقدمة من خلال مراكز للعلاقات العامة متخصصة في قراءة الرأي العام، لكن مثل هذه البحوث مكلفة وتتطلب مصداقية عالية في التنفيذ وإعادتها لفترات زمنية متقاربة لرصد التغير كما أنها لا تتوافر في أكثر دول العالم، على أي حال الوزارة لم توضح كيفية تطبيق المعيار. العديد من الوزارات ربطت معايير تقييم أدائها بشكل مباشر بترتيب المملكة أو تصنيفها الدولي معتمدةً بصورة كلية على التقييمات العالمية أو متوسطات عالمية معينة «مع أن كافة مؤشرات الأداء تُظهر مقارنة بين المعيار الإقليمي والمعيار العالمي». هذه الطريقة في تأسيس مؤشرات الأداء يمكن تفسيرها بأنها جرأة في الرهان على رصد التقدم على المستوى الدولي، إلا أنها تحمل مخاطر منها مثلاً أن التقدم في المؤشر هنا لن يرتبط بأداء المملكة فقط كمتغير واحد يخضع للقياس، وإنما يخضع لتطور أو عدم تطور دول العالم في هذا المعيار كمتغير آخر، أي إن المعيار جيد لكن قد تؤثر أحداث عالمية معينة في ترتيب المملكة سلباً أو إيجاباً بصورة تفوق ما يُفترض به. بعض المعايير نُشرت مظهرةً خط الأساس الذي يتم البناء عليه والمستهدف للعام 2020 ووحدة القياس وكل من المعيار الإقليمي والعالمي وبغض النظر عن كون المعيار الإقليمي أو العالمي يعني متوسط أداء معين أو مستهدفا معلنا، فإن عددا من المقاييس لا تزال تحت الدراسة ومع هذا تم تحديد مستهدفات لها. أخيراً هذا العمل الطموح يعد الأول من نوعه على المستوى الحكومي وبلا شك يحتاج إلى تعريف بتفاصيل أكثر في قادم الأيام لقراءته بصورة موضوعية مع تمنياتنا بأن تتحقق كافة الأهداف الإستراتيجية.