المجد لا يعرف تاريخا أو وقتا أو حدودا، وربما يزداد توهجا بمرور سنوات عمر الشخص. هذا السيناريو المثير هو الذي حدث تماماً في حياة الأسطورة الملاكم الأمريكي المسلم الراحل محمد علي كلاي، الذي غادرنا يوم السبت الماضي، عن عمر يناهز 74 عاما. محمد علي كلاي لم يكن مجرد رياضي صاحب أرقام قياسية عالمية، بل كان حالة خاصة جداً باعتبار أن تحوله من المسيحية إلى الإسلام في عام 1964 صاحبه ضجة كبيرة جداً على الصعيدين السياسي والإعلامي على مستوى الولاياتالمتحدةالأمريكية والعالم ككل، باعتباره بطل العالم للملاكمة وأحد الرموز المهمة، وقد انعكس تحوله الديني على قراره التاريخي عام 1966 حين رفض يومها خطوة الانضمام إلى الجيش الأمريكي الذي شارك في الحرب على فيتنام. ودفع محمد علي كلاي ثمن هذا القرار التاريخي عام 1967 حيث تمت إحالته إلى السجن وإلغاء رخصة الملاكمة وتجريده من لقب بطولة العالم في الوزن الثقيل والتي كان يحمل لقبها على مدى 3 سنوات، ولكن المفارقة هي أن كل هذه الصعوبات لم تثن الراحل محمد علي كلاي عن الاستمرار في مسيرته كلاعب، حيث سرعان ما عاد إلى اللعبة مجدداً بموجب قرار صادر من المحكمة بعد 4 سنوات من الإيقاف وحاز على لقب بطولة العالم عام 1974 قبل أن يفقده لاحقاً 1978 ويعاود الحصول عليه مرة أخرى بعد 6 شهور فقط ولعل كل هذه التقلبات والتحديات في مسيرة حياة محمد علي كلاي المهنية كلاعب تؤكد قيمة ومعدن هذا النجم الرياضي اللامع الذي اعتزل عام 1981. وتظهر أيضاً قيمة هذا الإنسان الحقيقية بوضوح عند استعراض أبرز التصريحات والأقوال المأثورة عنه، حيث قال عن الثقة بالنفس «أنا الأفضل.. كنت أقولها حتى قبل أن أعلم أني كذلك»، وقال عن الصداقة: «هي أصعب شيء يمكن تفسيره بالعالم، إنها ليست أمراً تتعلمه في المدرسة ولكن إن لم تتعلم معنى الصداقة الحقيقية فإنك لم تتعلم شيئا في حياتك»، وقال عن الإصرار «لقد كرهت كل لحظة من التدريب ولكني كنت أقول لا تستسلم اتعب الآن ثم عش بطلاً باقي حياتك»، وقال عن الإرادة: «الأبطال لا يصنعون في صالات التدريب، الأبطال يصنعون من أشياء عميقة في داخلهم هي الإرادة والحلم والرؤية». كلمة أخيرة: الفلسفة العميقة والفكر المستنير جزء رئيس من أيقونة النجاح، لا يوجد شخص ناجح عبر التاريخ يحمل عقلا فارغا.