لقد اهتم الاسلام بالوقت، وحث المسلمين على العناية به واغتنامه، فقد اقسم الله سبحانه وتعالى به في اوائل عدد من سور القرآن الكريم، منها قوله تعالى (والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى)، كما حثت السنة النبوية الشريفة ايضا على اغتنامه وعدم التفريط فيه، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: (اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك). كما عني السلف الصالح بالوقت وشددوا على عدم تضييعه، ويذكر الامام ابن الجوزي في كتابه (صيد الخاطر): «ينبغي للانسان ان يعرف شرف زمانه، وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة» وذكر ابن قيم الجوزية في كتابه (الفوائد) عشرة اشياء ضائعة لا ينتفع بها، وذكر منها: «وقت معطل عن استدراك فارط او اغتنام بر وقربة». وذكر ايضا ان اعظم هذه الاضاعات اضاعتان: اضاعة القلب واضاعة الوقت، فاضاعة القلب من ايثار الدنيا على الاخرة، واضاعة الوقت من طول الامل. لذا فان ادارة الوقت تعني انجاز الاعمال والأنشطة في الوقت المتاح بفاعلية، بما يحقق الاهداف المنشودة. ان ادارة الوقت تعني ادارة الذات نحو الاستثمار السليم للوقت الشخصي، او لوقت الدوام الرسمي في جميع المجالات والأنشطة بما يحقق الاهداف المرسومة، والتغلب او الحد من العوامل المؤدية الى هدره باتباع استراتيجيات التعامل معه باعتباره موردا نادرا ما مضى منه لا يعود ولا يعوض. لذا فمن لا يدر ذاته لايستطع أن يدير وقته. وبهذا يشير المفكر الاداري ماكنزي الى اننا لا نستطيع ان ندير الوقت، ان ما نستطيعه هو ادارة انفسنا في مواجهة الوقت، ويذكر المفكر الإداري ماكنزي ان بوسع اي انسان يبذل جهدا جادا أن يوفر ساعتين من وقته يوميا، اي عشر ساعات اسبوعيا، اي اربعين ساعة في الشهر، ويحصل بذلك على اسبوع اضافي كل شهر، اي اثني عشر اسبوعا كل عام بمعدل ثلاثة شهور من العمل الاضافي سنويا. ولتحقيق ذلك لابد من ادارة فعالة للوقت، ولتحقيق ادارة فعالة للوقت يتطلب التخطيط للوقت فكل دقيقة تنفق في التخطيط توفر ثلاث الى اربع دقائق في التنفيذ. ويستطيع الشخص أن يعتني بوقته، بالتخطيط ووضع الأهداف، وترتيب الأولويات واتباع عدد من الإستراتيجيات التي تضمن العناية بوقته، للأسف اننا نقضي معظم وقتنا على العاجل، ومن المهم عمل مصفوفة الوقت (جدول) للمهم والعاجل لتحديد الأولويات بين المهم العاجل وغير المهم العاجل، غير المهم وغير العاجل، ومهم غير العاجل.، ولكي يخطط الشخص لوقته لابد أن يعمل تحليلا لوقته بتدوين المهام التي قضاها خلال اليوم وكم استغرقت منه، ثم سيجد الوقت الكبير الذي صرفه في مهمة لا يستحق أن يصرف فيه، فمثلاً لو وجد وقته في الاستراحة أطول من وقته الذي يقضيه عند الأسرة، أو حتى أحياناً أطول من وقت العمل، إذاً هذا خلل، يجب معالجته. إن التخطيط للوقت مهم، لذا اكتب أهدافك، واعمل مصفوفة (جدول) الأولويات، وحدد جدولك اليومي، وتفحصه، وطبق قاعدة 20 / 80 أو قانون (باريتو) وهو أن 80 بالمائة من النتائج يمكن انجازها في 20 بالمائة من الوقت او الجهد. ونحن في هذا الشهر المبارك أحوج إلى إدارة وقت تناسب روحانية الشهر الفضيل، تبعاً لمناسبته التي خصه الله بها، (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)، فهو ليس شهر كسل، ونوم، ومتابعة مسلسلات، ودوريات واستراحات، إنما هو شهر عبادة، وتقرب إلى الله. إذا كانت إدارة الوقت في غير رمضان مهمة فهي في رمضان أهم، اغتناماً لأوقاته الفاضلة.