قبل فترة وجيزة، كيفن درام الذي يعمل لدى مجلة الأم جونز - وهو كاتب ذكي جدًا وملمّ بالقضايا الاقتصادية والسياسية - يطرح السؤال الكبير: لماذا يعتبر التمويل مهيمنًا للغاية في الاقتصاد الأمريكي؟ كيف حدث هذا؟ التمويل ليس احتكارًا. في الواقع، إنه واحد من أكثر الصناعات تأثرًا بالعولمة، واتسامًا بالسلاسة، والقدرة التنافسية على هذا الكوكب. لماذا لم يتم منذ فترة طويلة تخفيض أرباحه إلى الصفر أو ما يقرب من ذلك؟ أستطيع أن أفهم التغيرات الصغيرة التي تحدث في بعض الأحيان في الوقت الذي تتغير فيه الأسواق - التزامات الديون المضمونة والأدوات الاستثمارية تصبح هي الموضة الرائجة لفترة من الوقت، لذلك الخبراء في التزامات الديون المضمونة والأدوات الاستثمارية حققوا مكاسب ضخمة، ولكن ماذا عن هذه الصناعة ككل؟ كيف تمكنت من التمسك بهذه المكاسب الضخمة على مدى هذه الفترة الطويلة للغاية؟ أعتقد أننا نعرف إجابة جزئية - أو إجابات جزئية - عن هذا السؤال. أولًا، من المهم أن نشير إلى أنه عندما تنمو صناعة معينة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، فإن هذا لا يعني دائما أنه أكثر ربحية من قبل. الربحية يحتمل أن تتقلص مع نمو هذه الصناعة. ولكن في حالة التمويل، ليس هذا ما حدث. نسبة الشريحة المالية من إجمالي الاقتصاد بلغت ذروتها عند أكثر من 8 في المائة في العقد الأول من القرن الحالي. هناك شيء نعرفه وهو أن التمويل كان دائما صناعة مربحة جدا. في الستينيات، عندما كان التمويل يُشكل أقل من 5 بالمائة من النشاط الاقتصادي، كان يجني ما نسبته 10 بالمائة إلى 15 بالمائة من الأرباح، حتى وإن كان خاضعا للأنظمة بشكل أكثر إحكامًا مما هو عليه الآن. وهذا يعني أن جزءًا من الإجابة عن سؤال درام - مصدر الربحية المفرطة للتمويل - ربما تكمن في طبيعة الصناعة نفسها، أو كيف يمكننا قياسها، وليس في الأحداث الأخيرة. ولكن هذا لا يمكن إلا أن يكون جزءًا من الحل. هناك أيضا سؤالان آخران. أولا، لماذا ينمو التمويل بهذه النسبة العالية من الناتج منذ عام 1980؟ وثانيا، كيف استطاع التمويل أن يبقي نفسه مربحا للغاية حتى مع تضخم حجمه؟ دعونا نبدأ مع السؤال لماذا توسع التمويل كثيرا في السنوات الأخيرة. يمكننا الحصول على بعض الأدلة على هذا من خلال النظر في أجزاء المالية التي توسعت. تفحص خبيرا الاقتصاد المالي روبن جرينوود وديفيد تشارفستين هذا بالعودة إلى عام 2013، ووجدا أن التسارع منذ عام 1980جاء من مصدرين هما: 1- الرسوم والأتعاب على إدارة الأصول، و2- الإقراض للأسر. الرسوم على إدارة الأصول هي تكاليف الوسيط التي يتقاضاها جميع أنواع اللاعبين في صناعة التمويل من أجل تحريك الأموال في جوانب الاقتصاد. وهذه الرسوم تتقاضاها شركات التمويل في العادة على شكل نسبة مئوية من الأصول التي تتم إدارتها. وقد ارتفع مقدار الثروة في الاقتصاد الأمريكي منذ عام 1980 - فكر فقط في الارتفاعات في سوق الإسكان وسوق الأسهم على طول تلك الفترة - ما يعني أن الوسطاء في صناعة التمويل كانوا يأخذون رسومهم بالنسبة المئوية من مجموعة من الأصول أكبر بكثير من قبل. وقد زاد ذلك من حصة التمويل من الدخل القومي. بدأ الناس أيضا بوضع المزيد من أموالهم في أسواق الأصول - حيث يتقاضى مديرو الأموال رسوما بنسب مئوية من الأصول - بدلا من إبقائها في البنوك أو السندات الحكومية، التي لا تتقاضى شيئا عليها.