الخطر الذي شكله التحايل في صناعة التمويل التجاري الذي تبلغ قيمته 4 تريليونات دولار يدفع البنوك لبدء استكشاف تكنولوجيا سجلات الحسابات الموزعة مثل تلك التي تدعم بيتكوين. ستاندرد تشارترد، البنك الذي خسر ما يقرب من 200 مليون دولار نتيجة عملية تحايل في ميناء تشينغداو في الصين قبل عامين، يتعاون مع DBS المجموعة القابضة، بهدف تطوير سجل حسابات إلكتروني للفواتير التي تستخدم منصة موازية لقاعدة البيانات الموزعة، المستخدَمة في معاملات بيتكوين. البنوك مثل بنك اوف امريكا وإتش إس بي سي تقول إنها تبحث عن قاعدة بيانات موزعة لتمويل التجارة والتطبيقات المصرفية الأخرى. يقول أنصار قاعدة البيانات الموزعة: إن هذه التكنولوجيا سوف تغير وجه الأعمال المصرفية، مما يساعد البنوك على خفض مليارات الدولارات في التكاليف. التمويل التجاري، الدعامة الأساسية للأعمال المصرفية منذ قرون، يمكن أن يصبح نقطة الصفر لاعتماد قاعدة البيانات الموزعة، لأنها تعِد بالتخلص من الفواتير الورقية والاحتيال الذي يرافقها - إذا كان بإمكان البنوك أن تجتمع معا حول منصة مشتركة. قال هنري بالاني، الرئيس العالمي للشؤون الاستراتيجية في آكويتي، التي توفر تقنية لمراقبة غسل الأموال القائمة على التجارة «بالنسبة لتطبيقات قاعدة البيانات الموزعة ينبغي النظر في الفواتير على أنها أحد أبرز المرشحين هنا، نظرا لاحتمالية التزوير العالية». البنوك عادة لا تنشر الخسائر التي تتكبدها نتيجة التحايل والغش التجاري، على الرغم من أن ما يقرب من 20 في المائة من البنوك في مسح أجري عام 2015 من قبل غرفة التجارة الدولية ذكرت زيادة في ادعاءات الاحتيال. في حالة تشينغداو، هناك ادعاءات بأن الشركات التي يسيطر عليها رجل الأعمال السنغافوري الصيني المولد استخدمت الفواتير لنفس مخزونات المعادن عدة مرات للتحايل على البنوك بمئات الملايين من الدولارات. خفض ستاندرد تشارترد قيمة أصول السلع بمقدار 193 مليون دولار في عام 2014 بسبب الحادث. وفي مثال آخر، أشارت التقديرات في عام 2008 إلى أن مؤامرة الاحتيال عبر الأطلسي التي تستخدم طلبات شراء وهمية وفواتير وهمية للحصول على قروض لشحنات المعادن أنها كلفت المصارف، بما في ذلك جيه بي مورجان تشيس، ما يقرب من 700 مليون دولار. وقال لوم يين فونغ، أحد المديرين التنفيذيين في DBS والذي أشرف على تحالف سجل الحسابات مع ستاندرد تشارترد: «حيث انه لا توجد منصة مشتركة لدى البنوك لعرض المعاملات التي يتم تمويلها من قبل بنوك أخرى بسبب مخاوف السرية، هناك احتمال أن الزبائن يستفيدون من فجوة تبادل المعلومات هذه للحصول على تمويل من بنوك متعددة باستخدام نفس الفاتورة». قامت البنوك بإجراء تجربة في أواخر العام الماضي - التي أطلق عليها اسم «العمليات التجارية المأمونة» - التي استخدمت سجل حسابات مشتركة لما يصل إلى 60 فاتورة وهمية، وفقا لجوتام جاين، الرئيس العالمي في ستاندرد تشارترد للرقمية ووصول العملاء للمعاملات المصرفية. كانت البيانات الواردة في إحدى الفواتير تستخدَم لتوليد قيمة رقمية جماعية مخزنة على سجل الحسابات، وهذه البيانات سوف تظهر إذا حاول بنك آخر تسجيل نفس التفاصيل بشكل منفصل، وفقا لجاين. وقال كل من إتش إس بي سي وبنك أوف أمريكا في رسائل بريد إلكتروني منفصلة: إنهما تشاركا في عدد من مشاريع قاعدة البيانات الموزعة بما في ذلك تطبيقات التمويل التجاري. وقال سيتي جروب في الوقت نفسه: إنه في «المراحل الأولى من الاستكشاف» لتقييم كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساعد في الخزانة والتجارة. ولم يقدم أي من البنوك أي تفاصيل. وعلى الرغم من الحوافز، قاعدة البيانات الموزعة لن تكون قادرة على حل مشكلة الاحتيال إلا إذا وافقت البنوك على الاتحاد معا من أجل استخدام السجل المركزي، وذلك وفقا لنام ليو سون، الشريك المدير للخدمات المالية في إرنست ويونغ آسيان. وقال ليو: «هناك دائما ثقافة تنافسية وتحديات في البنوك التي تعمل معا على مشاريع واسعة النطاق أو التي تنطوي على أكثر من مجموعة صغيرة من البنوك». وأضاف: «لكن هناك أدلة، على أن هذا الوضع يتغير مع التعطيل الرقمي الحالي في هذه الصناعة، الأمر الذي يقنع كثيرا من البنوك بالتعاون». المشكلة في أي تعاون على سجل الحسابات الموزع هي جعل المشاركين يوافقون على معايير مشتركة في اعتماد نفس منصة الفواتير. على سبيل المثال، كما قال جين من ستاندرد تشارترد ووفقا لبالاني في آكويتي، إن عدد حقول البيانات من أي فاتورة سيتم استخدامها لتوليد القيمة الرقمية الجماعية لقاعدة البيانات الموزعة ستتطلب التفاوض مع البنوك المختلفة. كذلك فإن البنوك تحتاج أيضا معايير مشتركة لإرسال الرسائل. قال أوين جيلف، المدير الإداري العالمي ومقره لندن في أكسنتشر لممارسة أسواق رأس المال: «إن التحديات ترتبط بالاتفاق على عملية مشتركة والتأكد من أن نظام التشغيل الموحد يمكن اعتماده للجميع». وأضاف: «أعتقد أنه مثل وضع سبعة أشخاص يتحدثون سبع لغات مختلفة في غرفة واحدة في محاولة لتسوية المشكلة، وفي هذه الحالة المشكلة هي: كيف سيتم تسوية نقل التمويل التجاري». من المفيد أن يكون واحد من أكبر المدافعين عن الدفاتر الرقمية في القطاع المصرفي هو مصرفي سابق معروف. بلايث ماسترز، الذي كان يدير في الماضي أعمال السلع في جيه بي مورجان تشيس وساعد في ابتكار عقود التأمين المتبادل ضد إعسار السندات، هو الآن الرئيس التنفيذي لشركة «الأصول الرقمية القابضة»، والتي تسعى إلى الترويج لاستخدام قاعدة البيانات الموزعة في القطاع المالي. قال ماسترز: «نحن بحاجة إلى شركاء ملتزمين. التمويل التجاري هو عابر للحدود، والبنوك التي تقبل فعلا هذه التكنولوجيا سوف تكون قادرة على الاستفادة بغض النظر عن بلد المنشأ».