زيارة نائب رئيس صندوق النقد الدولي ديفيد لبتون لطهران الأسبوع الماضي تمثل حدثا مهما للمصارف الدولية، التي تنوي إرجاع علاقاتها المصرفية مع مصارف طهران. إلا أن ما أكد عليه السيد ديفيد جاء مخيبا للمصارف الإيرانية. السيد ديفيد أكد ومن طهران على أنه إذا أرادت طهران استئناف العلاقات المصرفية مع المصارف في العالم، فلا بد أن تتبنى المعايير الدولية في مكافحة غسيل الأموال والجريمة المنظمة وتمويل الإرهاب، كما أن عليها أن تحل مشكلة القروض المتعثرة التي تعتبر طهران من أكثر دول العالم نسبة للقروض المتعثرة. كما أكد أن قرار المصارف الدولية في اعادة العلاقة مع مصارف طهران سيعتمد على تقييمها الذاتي وليس على تأكيدات المسؤولين الحكوميين. بالعربي الفصيح، السيد ديفيد لبتون يطالب بتغيير النظام الإيراني برمته حتى يصلح اقتصاد ومصارف إيران، أو على الأقل هذا ما فهمته منه شخصيا. فكيف تتبنى مصارف طهران مكافحة الجريمة وغسيل الأموال وتمرير عمليات الإرهابيين والحكومة في طهران هي من يسعى ويخطط ويدبر لذلك. أما القروض المصرفية المتعثرة والتي تعتبر مصارف طهران من أسوأ الدول في ذلك، فليس سوى انعكاس لتنفذ الفاسدين وسوء تنظيم الواقع الاقتصادي المتردي والمنهك برمته. واقع عانى الشعب الإيراني من نتائجه، حتى أصبحت الهجرة إلى الخارج حلم الشباب وتطلعهم وغايتهم المنشودة. ما تحدث به السيد ديفيد ليس سوى تأكيد على أن المصارف الإيرانية غير مرحب بها دوليا في ظل نظام الملالي الذي يرفض التعايش السلمي مع العالم برمته. نظام لا يعرف سوى الدسائس وإثارة الفتن وتسويق الخرافات بطريقة مقززة لا تنم سوى عن وضاعة وتردي عقول الملالي من أكبر ملا فيهم وحتى اصغرهم، وكلهم صغار. المصارف الإيرانية لم تكن في يوم من الأيام جزءا من التنمية والإقراض وحفظ المال وغير ذلك من الأمور التي تنخرط بها المصارف السوية، اقول: لم تكن المصارف الإيرانية ومنذ بداية عهد الخميني إلى يومنا هذا سوى أوكار استخبارات للحرس الثوري، ومستنقع فاسد لتمويل الإرهاب في العالم، وغسيل أموال قذرة يبرع الملالي في تجميعه وتنميته. والتحقيقات التي أجريت في السنوات الثلاث الماضية تؤكد ذلك بقطعية مطلقة. تغيير سلوك مصارف طهران مهمة لا يمكن لها أن ترى النور في ظل حكم الملالي؛ لأن الإرهاب والفساد وغسل الأموال جزء لا يتجزأ من سياسة النظام الداخلية والخارجية. أما المصارف الأوروبية فلن تعود لعلاقاتها مع طهران تحت أي ظرف، وما تعرضت له من غرامات عصف بملاءتها المالية كفيل بضمان ذلك على المدى المنظور. المشكلة ليست في تبني طهران معايير دولية، المشكلة في أساس منشأ النظام، والذي لا يمكن له الاستمرار في ظل سياسة سوية. ويوما بعد يوم، لا يقترب الشر إلا إلى نهايته.