الاختبار ضيف ثقيل يحل على الأسر مرتين كل عام، ومهما كانت المحاولات لتخفيف درجة القلق تجاهه، إلا أن اسمه يظل مخيفاً ومقلقاً، ليس له بحد ذاته، ولكن بسبب ما يحدثه من قلق على مستقبل الأبناء، فتعلن حالة الطوارئ في المنازل، قبل أسبوع تقريباً وذلك بحثّ الأبناء بنين وبنات على المراجعات، والاستعداد الجيد للاختبار، وأكثر ما يقلق هو العادة الاختبارية بأن مادة الرياضيات تكون في اليوم الأول للاختبار. وبغض النظر عن طبيعة الاختبارات، دعونا نرى الفارق بين اختبارات الأمس واليوم، وأيهما أكثر فرقاً لدى الطالب والأسرة، حتماً انه توجد فروق ذات دلالة على أن اختبارات الأمس أكثر حرصاً، واستعداداً، وعمقاً، وقلقاً من اختبارات اليوم. كانت حياتنا البسيطة فيما مضى تحتم علينا الجد والاجتهاد للحصول على الشهادة والوظيفة، كنا نراجع دروسنا قبل أسبوع أو أسبوعين، ونختبر في الكتاب كاملاً من (القرطاعة للقرطاعة)، دون حذف، أو تحديد، وكان آباؤنا وأمهاتنا أميين لا يعرفون القراءة والكتابة، لكنهم كانوا أكثر حرصاً وتوجيهاً لنا لنيل العلم، وكانت بيوتنا غير مضاءة بالكهرباء، نذاكر على نور السرج والفوانيس، ثم بدخول الكهرباء لجأ الطلاب عند ظهور إنارة الشوارع للمذاكرة تحت أعمدة إنارتها، لم تخترع البراشيم بعد، من هو في جيلنا يذكر ذلك، وأكثر، ولكنها لمحات عن حال اختبارات الأمس، بحكم الكثير من المتغيرات التي حدثت في الحياة المعاصرة فإن جيل اليوم يعيش ثورة معلوماتية وتقنية، وإعلاما جديدا، وتطور النظام التعليمي، وتغير نظام الحياة اليومي، والنظرة للحياة، وللعمل، والمستقبل، فالطالب لم يعد ذلك الطالب، والأسرة لم تعد تلك الأسرة، والبيئة التعليمية لم تعد كذلك أيضاً، ظروف ألقت بظلالها على استعداد وتهيؤ الطالب للاختبارات. ترى أيهما أكثر وقعاً، اختبارات الأمس أم اليوم؟ بالنسبة لي لا أشعر الآن بأجواء الاختبارات التي كنت قد عشتها مع أبنائي، لقد تحرر المنزل من المرابطة، والثكنة العسكرية، فلقد أنهى الأبناء تعليمهم العام والجامعي، وافتقدتُ تلك الأجواء القلقة، وكذلك بالنسبة لعملي السابق معلماً ومشرفاً تربوياً، وغيري كثير، ومهما كان الأمر تعد الاختبارات واقعاً يملأ الحياة في الأمس واليوم وفي المستقبل، ولها مذاقها الخاص رغم قلقها الذي يثيرنا. اسأل الله العلي القدير أن يوفق ابناءنا الطلاب وبناتنا الطالبات في اختباراتهم، وأن يعين أسرهم، وأن يوفق القائمين على التعليم، والاختبارات ويعينهم في أداء مهامهم، حرصاً على جيل ينتظره الوطن.