مع العد التنازلي للاختبارات النهائية في المدينةالمنورة، تسود حالة من القلق والهواجس في ردهات البيوت، ويعيش الطلاب والطالبات في سباق مع الزمن، لقطف ثمرة نهاية العام والسهر حتى ساعات متأخرة من الليل لمراجعة دروسهم، وفي وسط هذه المعمعة فإن الخبراء ينصحون الطلاب بعدم اللجوء إلى المنبهات والعقاقير، خاصة هذه الأخيرة التي تقود إلى فخ الإدمان. وفي هذا السياق حذرت المستشارة الأسرية والمعلمة رانية أشرف العيتاني من استخدام المنبهات والعقاقير التي دائما ما تنتهي بعواقب وخيمة، وأكدت على أهمية توعية الطلاب والطالبات من قبل الأسرة ومتابعتهم خلال هذه الأيام التي ينشط فيها مروجو العقاقير وتوضيح أهمية عدم النجاح ألف مرة في سياق الامتحانات من أن يسقط الطالب أو الطالبة في هاوية تعاطي الحبوب لأن الفشل في الامتحانات يعقبه النجاح لكن السير في طريق الحبوب لا عودة منه. وتابعت أن الأسر ينبغي منها تهيئة الجو المناسب لأبنائها، وعدم مطالبتهم بتحقيق درجات عالية بالضغط عليهم حتى لا يقعوا في فخ الممنوعات. وطالبت العيتاني بتجنب إعلان حالة الطوارئ والاستنفار في المنزل، مشيرة إلى أنها تؤدي إلى سلوكيات عواقبها وخيمة وبدلا من ذلك على الأسر أخذ الأمور بأريحية وجعلها أكثر من عادية، لافتة إلى ضرورة تقديم الوجبات الصحية مثل المشويات والإكثار من الخضار والبروتينات على أن يكون تناول القهوة والشاي وغيرها من المنبهات في حدود المعقول التي تتمثل في حدود فنجانين في اليوم الواحد، وهي المعدل المسموح به لكل شخص، كما نصحت بأخذ قسط كاف من النوم والراحة، لإعطاء الدماغ فرصة لاستيعاب وفهم وحفظ كمية المعلومات أثناء المذاكرة. من جهته شدد نايف محمد الحربي أستاذ الصحة النفسية المشارك بجامعة طيبة على أهمية متابعة الأبناء اثناء الاختبارات، حيث تكثر عملية بيع المنشطات والحبوب التى تعتبر مفتاح الطريق لكثير من المروجين وفصل الحربي كثيرا من الجوانب المتعلقة في التعامل الخاص للاسرة مع أبنائهم خلال هذة الفترة، موضحا أن أسباب قلق الاختبار كثيرة ومتداخلة منها الخبرات السابقة للطالب في الامتحان مثل الإخفاق في اختبار أو مواجهة اختبار صعب. كما يلعب جو الاختبار دورا في نشوء القلق لدى الطلاب. وحول أعراض قلق الاختبار قال الدكتور الحربي: يؤدي القلق إلى ضعف كبير في أداء الطالبة أو الطالب وضعف الثقة في نفوسهم، كما أن القلق ربما يتسبب في غيابهم عن اداء الاختبارات رغم مذاكرة الطالب أو الطالبة واستعدادهم لدخول المعمعة. وتابع الدكتور الحربي أن القلق يزداد كلما اقترب موعد الاختبار ما يؤدي إلى انخفاض الأداء التحصيلى رغم الإعداد المسبق والجيد للاختبار. وعن دور الأسرة وأعضاء هيئة التدريس في الحد من قلق الاختبار قال: على الأسر أن تهون من سيناريو الاختبارات لدى الأبناء قدر الإمكان وعدم تهويله وعدم جعله كأنه مسألة حياة أو موت وإكساب الطلاب والطالبات بعض المهارات الحياتية ومهارات إدارة الذات مثل مهارة إدارة الوقت وتنظيمه ومهارة الدراسة الفعالة وأسلوب حل المشكلات وتزويدهم ببعض الإرشادات المساعدة في التعامل مع الاختبار وتعديل الأفكار اللاعقلانية لديهم حول الاختبارات مثل: الاختبار يحدد المصير في الحياة، وإكسابهم مهارات التفكير الايجابي والعقلاني وتعليمهم التفاؤل بالحياة بشكل عام والاختبارات بشكل خاص، فضلا عن تعويد الأبناء على بعض استراتيجيات الاسترخاء والسماح لهم بممارستها قبل وقت الاختبار بفترة قصيرة ويمكن إرشادهم إلى ممارستها في ساحة المدرسة قبل الدخول إلى الامتحان. ومنها تمارين التنفس العميق، حيث تقوم الطالبة أو الطالب بأخذ كمية من الهواء عن طريق الأنف ونفخ منطقة البطن بالهواء وليس الصدر وحبس الهواء في منطقة البطن لمدة خمس ثوان وإخراجه ببطء من الفم وتكرار هذا التمرين خمس مرات أو أكثر في اليوم الواحد. واستطرد الحربي أن الأمر يتطلب تعليم الطلاب بعض الأدعية التي يمكن لهم قراءتها قبل الاختبار، التي تسهم في إبعاد الأفكار والتوقعات السلبية المتعلقة بالاختبار عن الذهن في فترة ما قبل الاختبار مثل «اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا»، كما أن على الطلاب والطالبات ترتيب أسئلة الامتحان تنازلياً والبدء بالأسئلة السهلة وانتهاء بالأسئلة الصعبة لأن هذا يزيد من ثقة الطالبة أو الطالب ويقلل من قلقه كلما أجاب على سؤال من أسئلة الاختبار، ما يسهل تركيزهم على الأسئلة الصعبة أو متوسطة الصعوبة في نهاية الاختبار. كما دعا الدكتور الحربي أعضاء هيئة التدريس في الجامعات إلى التركيز على أسبوع المراجعة للمواد الدراسية قبل موعد الاختبارات مع تشجيع الطلاب وتحفيزهم على الدراسة ومراجعة مركز الإرشاد الجامعي إذا لم تستطع الطالبة أو الطالب التغلب على قلق الاختبار. وعن العادات غير الصحية في الاستذكار التي تؤدي إلى ارتفاع قلق الاختبار قال: الطلاب الذين يرتفع معدل القلق لديهم نجد ان لديهم عادات استذكار غير صحية مثل تأخير المذاكرة الجادة إلى ليلة الاختبار والاعتماد على مجرد الحفظ وعدم ربط الأفكار والتفكير في الاضطرابات والمشكلات النفسية والاجتماعية وعدم معرفة القدرات الذاتية وعدم استخدام التلخيص وتحديد الأفكار الأساسية. وأضاف الدكتور الحربي أن معظم علماء النفس والتربية يؤكدون على أن درجة مناسبة من القلق تدفع الطلاب والطالبات نحو التعلم فالقلق المعتدل يدفعهم إلى الاستذكار والاجتهاد وهو ما يسمى «القلق الدافع» بينما القلق الزائد يؤدي إلى حالة من الانفكاك المعرفي والارتباك كما أن انعدام القلق يؤدي إلى ضآلة الإنجاز، فقد أكدت الدراسات العلمية أن قلق الاختبارات يشكل طاقة شعورية ولا شعورية للإنجازات العقلية التي تتيح تشكيل بصيرة الفرد وأهدافه أو قد يكون عائقاً للعملية العقلية الأكاديمية في ضوء حدته و مستوياته، وبهذا قد يكون قلق الاختبار أحياناً عاملاً مهماً من بين العوامل المعيقة للإنجاز العقلي والأكاديمي بين الطالبات في مختلف مستوياتهم الدراسية. وعن مشكلة السرحان أثناء اداء الاختبارات قال: السرحان يعتبر خللا بسيطا ينتاب وظيفة الانتباه، إذ ينشغل الطالب أو الطالبة بأمر من أمور الحياة بعيداً عن المذاكرة وقد يكون الأمر قد وقع في الماضي أو سوف يقع في المستقبل وكثيراً ما يسرح الطلاب والطالبات بسبب المشاجرات التي تحدث في المنزل بين الوالدين أو الإخوة أو بمقارنة أنفسهم بآخرين كالإخوة أو الأخوات أو الأقارب أو الصديقات في المدرسة. علاج السرحان الدكتور نايف الحربي يؤكد أنه يمكن علاج مشكلة السرحان بتفادي النزاعات والخلافات الأسرية وتحفيز الطلاب على المذاكرة وتقوية رغبتهم فيها بالتشجيع وليس بالإرهاب أو التخويف لأنهما يولدان القلق من المذاكرة الأمر الذي يسبب الهروب بالسرحان وبالتالي تأخر المستوى الدراسي ومن هنا يحدث قلق الاختبارات.