تكُر سُبحة قتلى قادة «حزب الله» في سوريا الواحد تلو الآخر، من عماد مغنية قبل ثماني سنوات وصولاً الى القائد الفعلي للذراع العسكرية للحزب وأحد المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 مصطفى بدر الدين الملقب ب«ذو الفقار». من الذي استهدف بدرالدين؟ هل هي فعلاً إسرائيل. ام النظام السوري أراد تقديم أوراق اعتماده للولايات المتحدة الاميركية؟ ام أنه «قتيل معركة» مع الفئات المسلحة على الاراضي السورية؟ أم أن تطور الحوار الإيراني الأمريكي فرض رفع الغطاء السياسي عن بدرالدين؟ احتمالات كثيرة تدور في الأذهان عن هوية القاتل، ولم اختار «حزب الله» هذا التوقيت لإعلان النبأ، فهل أراد شدّ عصب الشيعة في لبنان بعد صفعة نتائج انتخابات البقاع، مما جعله يستعين بخبر بوزن مقتل «ذو الفقار» للضغط على أنصاره للالتزام ب«التكليف الشرعي» في انتخابات بلدية الجنوب، ليؤكد أن شعبيته لم تتراجع ولا يزال يمثل أكثرية الطائفة الشيعية في لبنان، فهل هذا يعني ان الامين العام ل«حزب الله» حسن نصرالله يعيش حالة من الافلاس السياسي والشعبي لهذه الدرجة؟! شخصية مستهدفة يقول الصحافي والمحلل السياسي علي الامين في تصريح ل«اليوم»: «لا شك في ان بدر الدين شخصية مستهدفة، أي أنه موضوع على اللائحة الأمريكية، ومتهم بجريمة اغتيال الرئيس الحريري، كما انه مستهدف من موقعه كقيادي عسكري بارز في حزب الله من قبل إسرائيل، الى جانب خوضه المواجهة في سوريا مع أطراف متعددة، بمعنى ان هناك خصومة في سوريا، وبالتالي فإن دائرة الأعداء له هي دائرة واسعة، فهكذا شخصية هي محل استهداف، ويبقى ان توقيت هذا الاغتيال من الامكان ادراجه ضمن إطار اللحظة التي تمت فيها القدرة على استهدافه، وفي الوقت ذاته قد يكون هذا الاغتيال في لحظة مفصلا سياسيا في الازمة السورية لأنه أحد الاحتمالات، كون هنالك مروحة من الاحتمالات التي يمكن ادراجها ضمن سياق من الذي استهدف مصطفى بدر الدين». وأضاف: «قتله في سوريا يطرح العديد من التساؤلات، فهل للنظام السوري دور في هذه العملية كما قيل في موضوع عماد مغنية قبل ثماني سنوات عندما اغتيل في سوريا، هل هناك جهات تخترق»حزب الله«من قبل إسرائيل ونفذت هذه العملية لاسيما انها تبدو وكأنها اغتيال، فالمعلومات التي رشحت في بيانات حزب الله ترجح فكرة الاغتيال الشخصي، بمعنى ما قيل عن تفجير وغارة إسرائيلية، خلص بالنهاية الى ان الذي قتل هو مصطفى بدرالدين وجرح معه بعض الأشخاص، ما يشير الى احتمال الاغتيال الشخصي أكثر مما هو استهداف لمجموعة كانت موجودة». وزاد: «ليس بإمكاننا الذهاب الى احتمال تصفية حسابات داخل الحزب، لكن ما يمكننا قوله في المعنى السياسي العام والاستراتيجي، ان هنالك مرحلة من الحوار الأميركي الايراني وهنالك تطور في هذه العلاقة، وفيما يشير الى ان ثمة مرحلة جديدة في الاولويات الاستراتجية الايرانية، ربما تتطلب التخلص من بعض الاشخاص، هنا لا أتهم إيران بالتنفيذ ولكن قد يكون هناك شيء من رفع الغطاء حصل، وأتى أحد آخر ونفذ الاغتيال، هذا من ضمن الاحتمالات التي من الممكن أن تورد في الاذهان، ولكن ليس بإمكاننا الغرق في هذا الاحتمال دون النظر الى الاحتمالات الاخرى، فقد يكون النظام السوري يقدم أوراق اعتماد جديدة للأمريكان وغيرهم، بأنه قادر على تنفيذ مهمات مطلوبة منه بهذا المستوى». وشدد الامين على ان مقتل بدر الدين هو «استهداف لقيادي عسكري اساسي لدى حزب الله من الذين ساهموا في تأسيس هذا الحزب، ومن الذين شاركوا في العديد من المهمات التي استهدفت مصالح اقليمية ودولية، ومثال على ذلك ما حصل في الكويت، فضلاً عن الاتهام الذي ادرجته المحكمة الدولية بشأن اغتيال الرئيس الحريري». انفجار غير واضح المعالم من جانبه، رأى المحلل السياسي المعارض لقمان سليم في تصريح للصحيفة: ان «الملاحظة الاولى التي لا يمكن القفز فوقها هي أن هذا القتل مرة أخرى يحدث في دمشق، ربما الجغرافيا قد تكون مفتاحا أساسيا، ويحدث هذا القتل بظروف غامضة جداً، ظروف أشبه باغتيال عماد مغنية عام 2008»، وأوضح: «أي انفجار غير واضح المعالم، هوانفجار لقيط لا أب له، ليس معروفاً مصدره من الجو أو الارض ومن أين، وهذا يجعلنا نصل الى استنتاج بسيط جداً، ألا وهو أن أحد الذين يملكون مفاتيح الوصول الى بدر الدين قرروا في لحظة من اللحظات ان هذا الرجل لم يعد هناك حاجة للإبقاء عليه، ولربما يكون هذا الطرف هو الطرف القاتل، أو من سرب المعلومة التي أتاحت القتل، وبالتالي نصل الى الخلاصة انه من الصعب جداً أن نفترض بأن حذف هذا الرجل من المعادلة ليس جزءاً من صفقات أكبر قد يكون الروسي أو الايراني او النظام السوري متورطين بها، ولكن لا شك أن تأشيرة حصول هذا القتل لا يمكن إعطاؤها الا من قبل طرف أساسي وكبير، وهذا قتل سياسي بهذا المعنى وليس قتلا أمنيا فقط». وقال سليم: «اذا بنينا على مجموعة الحوادث السابقة، لا نجد حالات عديدة كذب فيها حزب الله بتواريخ القتل، لربما حدث القتل قبل جمعة او يومين، واعتقد ان تاريخ القتل ليس أمراً مهماً، بل الاهم هو تاريخ الاعلان عن القتل وافتراض حزب الله بأن اليوم هو يوم مناسب في لحظة نجد فيها ان الحزب بحاجة الى تجييش ليس فقط على مستوى الانتخابات البلدية والذي هو مستوى سخيف، ولكن الذي يظهر فيه ان الكباش مع السلطة اللبنانية ومن خلفها الكباش مع الاميركيين بشأن العقوبات المالية يصل الى مستوى عال من الحدة، يبدو لي ان الاعلان عن الاغتيال هو جزء من استراتيجية هجوم مضاد يقوم به حزب الله في الداخل اللبناني». وعما اذا كانت سبحة قتل المتهمين في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري كرت، اوضح سليم ان «القرار بشطب بدر الدين لا يمكن الا ان يؤخذ الا على مستوى عال جداً نرى ان الآخرين المتهمين باغتيال الحريري ليسوا على هذا المستوى، وبالتالي لا يمكن المقارنة بينهم وبين بدرالدين، ولكن لا شك في ان اغتيال بدرالدين يطرح أسئلة كبيرة حول من له مصلحة في تتفيه المحكمة الدولية؟».