تلقي المعارك العنيفة التي تشهدها محافظة حلب في شمال سوريا بظلالها على المفاوضات غير المباشرة الجارية في جنيف وخصوصا بعدما اجبرت عشرات الآلاف على النزوح من منازلهم. ويتزامن التصعيد العسكري وتأزم الوضع الإنساني في حلب مع اليوم الثالث من جولة المفاوضات في جنيف، حيث التقى موفد الاممالمتحدة الى سوريا (ستافان دي ميستورا) امس وفد النظام السوري. وتدور في محافظة حلب اشتباكات على جبهات عدة تصاعدت حدتها منذ بداية الاسبوع الحالي، إذ تخوض قوات النظام معارك ضد جبهة النصرة والفصائل المقاتلة المتحالفة معها في ريف حلب الجنوبي والمناطق الواقعة شمال مدينة حلب. كما تدور معارك بين تنظيم داعش وقوات النظام قرب خناصر في ريف حلب الجنوبي الشرقي، واخرى تمكن خلالها التنظيم المتطرف من التقدم على حساب الفصائل المقاتلة قرب الحدود التركية في اقصى ريف حلب الشمالي. ووثق المرصد السوري لحقوق الانسان الجمعة مقتل 210 عناصر منذ الاحد الماضي على جبهات حلب كافة، وهم 82 عنصرا من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها و94 مقاتلا في جبهة النصرة والفصائل المتحالفة معها، فضلا عن 34 عنصرا من تنظيم داعش. وتعد معارك حلب الحالية الاكثر عنفا منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف الاعمال القتالية في سوريا في 27 فبراير الماضي. وبرغم ان الاتفاق يستثني جبهة النصرة وتنظيم داعش، الا ان انخراط جبهة النصرة في تحالفات عدة مع فصائل مقاتلة ومشاركة الفصائل في المعارك، من شأنه ان يهدد الهدنة. واسفرت تلك المعارك وخصوصا تقدم المتشددين بالقرب من الحدود مع تركيا عن موجة نزوح جديدة في حلب. وأفادت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الجمعة بأن ثلاثين الف شخص على الاقل «نزحوا خلال ال 48 ساعة الماضية» هربا من المعارك التي تشهدها محافظة حلب ودعت تركيا الى فتح حدودها امامهم. وبحسب المنظمة، «أجبر زحف داعش في 13 و14 ابريل ما لا يقل عن نصف سكان مخيمات اللاجئين شرق اعزاز (في محافظة حلب) قرب الحدود التركية البالغ عددهم 60 الف نسمة على الفرار»، وذلك نقلا عن مسؤولين في هذه المخيمات وعاملين انسانيين في تركيا. من جهة اخرى، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان وطبيب في مدينة حمص إن الغارات الجوية التي يشنها جيش النظام قصفت مواقع تسيطر عليها قوات المعارضة شمالي المدينة لليوم الثاني على التوالي مما أجبر السلطات على إلغاء صلاة الجمعة للمرة الأولى خلال نصف عام. وذكر المرصد أن مدينة الرستن في شمال المحافظة تعرضت لعدة غارات كما تعرضت للقصف أيضا عدة بلدات وقرى قريبة وألقت طائرات الهليكوبتر براميل متفجرة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وقال الطبيب محمد الشمسي من حمص إن رجلا وطفلا قتلا في الرستن. وقال إن الضربات قصفت نفس المنطقة التي استهدفتها الطائرات الروسية يوم 30 سبتمبر وهو أول يوم في حملتها في سوريا. وقال المرصد السوري الذي يتخذ من لندن مقرا له إنه يعتقد أن الطائرات السورية لا الروسية هي التي نفذت الضربات الجوية على حمص الجمعة.