لجأ تنظيم «داعش» مجدداً إلى السيارات المفخخة وسط أنباء عن استخدامه غازاً ساماً، ذلك بعد تعرضه لنكسات كبيرة بخسارته مدينتي تدمر والقريتين في معاركه مع قوات النظام السوري في حمص وعدداً من القرى أمام مقاتلي المعارضة في ريف حلب شمالاً، إضافة إلى مقتل عدد من قادته بغارات من التحالف الدولي بقيادة أميركا. وتهدف قوات النظام، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إلى طرد التنظيم المتشدد من كامل محافظة حمص والتقدم في منطقة بادية الشام وصولاً إلى الحدود السورية - العراقية. ولا يسيطر التنظيم راهناً سوى على بعض القرى والبلدات المتناثرة في محافظة حمص أهمها بلدة السخنة التي انسحب إليها إثر خسارة تدمر. ومنذ السيطرة على تدمر، تتعرض السخنة التي تقع إلى شمال الشرق منها لقصف سوري وروسي مكثف، وتدور حالياً اشتباكات في محيطها. ومن شأن السيطرة على السخنة أن تفتح الطريق أمام الجيش النظامي للتوجه نحو محافظة دير الزور (شرق) الواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش». وبالإضافة إلى الخسائر الميدانية، قتل خلال آذار (مارس) في قصف جوي كل من عبد الرحمن القادولي المكنى بحجي إمام وكان يعد الرجل الثاني في تنظيم «داعش» و «عمر الشيشاني» أحد أهم قيادييه العسكريين، و «أبو الهيجاء التونسي» الذي كان في طريقه للإشراف على معارك ريف حلب الشمالي الشرقي ضد الأكراد. وأفاد «المرصد» بمقتل محمد اللافي مدير المكتب الإعلامي للتنظيم في محافظة دير الزور، في غارة جوية. وتابع: «يتم العمل على استنزاف قيادة تنظيم داعش»، مضيفاً: «من الواضح أن هناك تنسيقاً روسياً - أميركياً» على صعيد التصدي له. وبالإضافة إلى الجيش النظامي والمقاتلين الأكراد، يخوض تنظيم «داغش» معارك مع فصائل إسلامية مدعومة من تركيا. وتمكنت تلك الفصائل منذ منتصف شهر آذار (مارس)، وفق «المرصد السوري» من السيطرة على منطقة واسعة تشمل 12 كيلومتراً من الحدود مع تركيا و14 قرية وبلدة أهمها دوديان. قال مقاتلون و «المرصد» إن مقاتلي المعارضة السورية يقتربون من بلدة واقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش» قرب الحدود التركية الثلثاء بعد استعادة عدد من القرى في المنطقة من التنظيم. وجماعات المعارضة التي شاركت في الهجوم بينها فصائل تقاتل تحت لواء «الجيش السوري الحر» الذي تم تزويده بأسلحة ودعم آخر عبر تركيا. وتتقدم قوات المعارضة تجاه بلدة الراعي الواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش». ومن شأن تقدم المقاتلين في شكل مستقر قرب الحدود التركية أن يقوض آخر موطئ قدم ل «داعش» في منطقة تقول الولاياتالمتحدة إنها تشكل أولوية في المعركة ضد التنظيم. وقالت مصادر من المقاتلين - الذين وجدوا صعوبة في السابق في تحقيق مكاسب مستقرة أمام تنظيم «داعش» في المنطقة- إنهم حشدوا عدة آلاف من المقاتلين للهجوم. وتشكل تحالف من الجماعات المسلحة من أجل شن الهجوم ويتضمن جماعتي «السلطان مراد» و «فيلق الشام». وقال أبو ياسر وهو قيادي في «فيلق الشام»: «المعارك مستمرة... استطعنا بتكاتف الفصائل تحرير عدة قرى بشكل سريع من عصابات داعش وبإذن الله سنطهر ريف حلب الشمالي من رجسهم». وذكر «المرصد» أن الجماعات المسلحة سيطرت على 16 قرية على الأقل في منطقة ظل تنظيم «داعش» مسيطراً عليها قرابة عامين. وتضاءلت المساحة التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» عند الحدود التركية العام الماضي بسبب مقاتلي «وحدات حماية الشعب الكردية» السورية المتحالفة مع الولاياتالمتحدة والتي انتزعت أراضي من التنظيم إلى الشرق. لكن «وحدات حماية الشعب» والمسلحين غارقون في صراعهم الخاص ولا سيما قرب مدينة حلب. وتشعر تركيا وهي راع رئيسي للجماعات التي تقاتل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد بالقلق من مكاسب وحدات حماية الشعب قرب الحدود السورية - التركية. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أشار إلى أنه وجد خلال زيارته واشنطن تفهماً لاقتراح تركي بدعم حوالى 2400 مقاتل معارض لطرد «داعش» مقابل منع أميركا قيام دولة كردية شمال سورية قرب تركيا. وأمام هذه الخسائر التي لحقت به، لجأ «داعش» إلى وسائل جديدة. وأفادت «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) باستخدام «داعش» غاز الخردل في معاركه ضد الجيش النظامي في مدينة دير الزور في شرق البلاد. ونقلت «سانا» أن «إرهابيي داعش استهدفوا إحدى نقاط الجيش العربي السوري في محيط المطار (دير الزور العسكري) بقذائف تحمل غاز الخردل ما أدى إلى وقوع حالات اختناق تمت معالجتها على الفور». ويؤدي غاز الخردل إلى بروز نتوءات في الجلد وتورم في العيون وفقدان موقت للبصر. وقد استخدمه تنظيم «داعش» سابقاً في سورية والعراق، وفق ما أفاد مسؤولون أميركيون وناشطون سوريون. ويسيطر «داعش» على 60 في المئة من مدينة دير الزور ويحاول منذ العام 2014 الاستيلاء على مطارها العسكري إلى جنوب الشرق منها. ويحاصر المتطرفون حوالى 200 ألف نسمة في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري. وقتل سبعة مدنيين نتيجة قصف التنظيم بقذائف عدة لمناطق سيطرة قوات النظام في حيي الجورة والقصور في المدينة، وفق ما أفاد «المرصد» الاثنين. ويسيطر «داعش» على كامل محافظة دير الزور الاستراتيجية بالنسبة له لوقوعها بين الرقة، معقله في سورية، والحدود مع العراق. من جهته، قال «المرصد» أنه «ارتفع إلى 50 على الأقل عدد الضربات الجوية التي نفذتها طائرات حربية ومروحية روسية وسورية على مناطق في محيط مطار الضمير العسكري، والفوج 16 والأحياء الشمالية والشرقية لمدينة الضمير، منذ ما بعد منتصف ليل (أول من) أمس، ما أدى إلى دمار كبير في الأحياء الشرقية والشمالية من المدينة وأسفرت الغارات عن مقتل قائد لواء الصديق المقرب من تنظيم «داعش» ومقاتل آخر من اللواء وناشط إعلامي من اللواء، بالإضافة إلى استشهاد طبيب بيطري ومواطنة ورجل و4 من أطفاله الإناث وسقوط عشرات الجرحى، وسط استمرار القصف المكثف من قبل قوات النظام على مناطق في الأحياء الشرقية والشمالية، تترافق مع حركة نزوح من أهالي الأحياء آنفة الذكر، نحو الأحياء الغربية من المدينة». وجرت «اشتباكات عنيفة بين لواء الصديق ورجال الملاحم المقربة من التنظيم من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، في محيط مطار ضمير العسكري والفوج 16، حيث اندلعت الاشتباكات عقب هجوم نفذه لواء الصديق ورجال الملاحم وعناصر من التنظيم من عدة محاور، ترافقت مع تفجير ما لا يقل عن 5 عربات مفخخة في محيط مطار الضمير العسكري والفوج 16 فجر اليوم (أمس)، ما أدى إلى خسائر بشرية مؤكدة في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها»، بحسب «المرصد». كما دارت «اشتباكات في مدينة الضمير بين جيش الإسلام وفصائل إسلامية من طرف، ولواء الصديق ورجال الملاحم المقربة من تنظيم «داعش» من طرف آخر، ومعلومات عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين»، بحسب «المرصد» الذي أشار إلى «قصف طائرات حربية مناطق في بلدة بير القصب بريف دمشقالجنوبي الشرقي ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية». وعلى صعيد المعارك بين قوات النظام والمعارضة، قال «المرصد» إن قوات النظام «جددت قصفها بالأسطوانات المتفجرة وفتحها لنيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في قرية تيرمعلة بريف حمص الشمالي» وسط البلاد. وتابع: «لا تزال المعارك العنيفة متواصلة في محيط حي الشيخ مقصود بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة، وجبهة النصرة من جهة، ووحدات حماية الشعب الكردي من جهة أخرى في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، الخاضع لسيطرة الوحدات، حيث تترافق الاشتباكات مع قصف مكثف بعشرات القذائف وجرار الغاز المتفجرة على الحي، ما أسفر عن سقوط مزيد من الجرحى، وأضرار مادية ودمار في ممتلكات مواطنين». وأسفر القصف عن «مقتل 9 مواطنين بينهم طفلان على الأقل وسيدة مسنة بالإضافة إلى سقوط عشرات الجرحى، كما سقطت عدة قذائف أطلقتها الفصائل الإسلامية والمقاتلة على مناطق سيطرة قوات النظام في شارع النيل ومحور شيحان بمدينة حلب». وقتل ضابط برتبة ملازم من قوات النظام خلال اشتباكات مع الفصائل الإسلامية والمقاتلة في ريف اللاذقية الشمالي.