في نهاية الثمانينيات ذهبت مع مجموعة من الوكالات الإعلامية للعراق، كانت الحرب مع إيران على مشارف النهايات، كنت طالبا في السياسة، وكنت معنيا بمعرفة إيران أكثر من السابق، التقينا مع مسؤول كبير في دائرة التوجيه المعنوي، وسرد جانبا من الأسباب والدوافع للحرب مع إيران، بعضها إيرانية جاءت جزءا من صفقة الطلاق مع شاه إيران، وترتيب السياسات لصالح الخميني الذي استفاد من القوى اليسارية (الشيوعية) وانقلب عليهم نهاية المطاف، حيث اعدم ما لا يقل عن 900 من قيادات حزب توده الإيراني، فقد كان الاتحاد السوفيتي متوجسا من إيران محمد رضا بهلوي، فقد كانت قوة استعداد أمريكية متقدمة لمواجهته في صدام مستقبلي، ولهذا لم يجد السوفييت بدا من النشاط الشيوعي، عندها لم تجد الاستخبارات الأمريكية والغربية من دعم التيار الديني في إيران، والطلب من العراق ترحيل الخميني إلى باريس. وشرح لنا أحد القادة طبيعة الجغرافيا الإيرانية، والطبيعة الاجتماعية والقومية والاثنية في إيران، ومراكز القوة والضعف، وأشار إلى أن قوة إيران ليست في السلاح أو المجتمع أو في النخب النوعية، وانما قوة إيران في دور المؤسسة الدينية وممارستها عمليات التجهيل الديني والتاريخي، وبث خطاب الحقد والكراهية باتجاه العرب، وحلمها بتصدير الثورة، وانهم في ساحات المعارك، ألقوا القبض على العديد من البشر، من يظنون أنهم معصومون من الموت، وانهم يستطيعون خداع الوحدات العسكرية، وبعد تحليل هذه النوعيات اكتشفنا حجم الخداع والتضليل وغسيل العقول والأدمغة، وفي ذات الوقت انحسار التعليم، وانتشار المخدرات، وقال إن ايران ليست من القوة بمكان لمواجهة العراق لولا الدعم الخارجي. وأضاف إن الصلف والعناد الإيراني تهشماً على حدود العراق، وان الفرس تاريخيا قوم خديعة ولؤم ولا ينفع معهم إلا القوة والحزم واللغة المباشرة. ختمنا هذا اللقاء، بالذهاب الى أحد السجون العراقية التي يقبع بها قياديون في الجيش الإيراني، وكان بينهم وزير النفط الإيراني محمدجواد تندكويان، والذي اعتقلته وحدات الاستطلاع في الجيش العراقي لدى قيامه بزيارة الاحواز للاطلاع على المنشآت النفطية، حيث منعته وحدات الجيش الإيراني من الدخول والاقتراب، مما اضطره لقطع زيارته والعودة إلى طهران، حيث تم اعتقاله وأسره خلف وحدات الجيش الإيراني، ونقله إلى الطرف العراقي ولم يعلم الوزير وبعض مساعديه انهم أصبحوا في قبضة الجيش العراقي إلا بعد أيام، حيث تستر العراقيون عن الخبر، في البداية، كي تخرج ايران وتبتدع قصة وفاة وزير النفط الإيراني، وليعلن العراق، أسره لوزير النفط الايراني، ويقدم مقتطفات من أقواله، يؤكد أنه جرى اسره من قبل وحدات الجيش العراقي، بينما اشاعت ايران أن السبب وراء إعلانها مقتل الوزير هو للضغط على الجانب العراقي للاعتراف بأسره. وفي البصرة، نقلنا إلى منطقة قيادة خلفية للجيش العراقي، واطلعنا على أسلحة إيرانية استولت عليها القوات العراقية، وكانت غالبيتها أسلحة أمريكية وإسرائيلية، واطنان من الوثائق جرى تحميلها من الدوائر الأمنية الإيرانية، وفيها كشوفات كبيرة وبالأسماء لمتعاونين مع ايران في بعض الدول العربية، وتوجيهات وتعليمات تصدر عن جهات استخباراتية إيرانية، لبناء وحدات وميليشيات منظمة تحت عباءات طائفية، ومخططات إستراتيجية؛ للسيطرة على الدول العربية، وقيادة عمليات التخريب والفوضى، وضرب المنشآت الحيوية، حيث كانت هذه المنشآت تشكل عقدة للإيرانيين، كونها كانت تظهر معالم القوة الاقتصادية والتنمية في الدول المجاورة، وكانت مهمة نظام الخميني الجديد في إيران، إعادة انتاج الحقد الفارسي ضد الدول العربية، ولكن في اطار إسلامي مغاير، يكون عبر تقسيم الإسلام إلى سنة وشيعة، وتعزيز الصراعات بينهما، وتغيير منطق الصراع في المنطقة من صراع سياسي إلى ديني، وتحطيم القيم الدينية السليمة في المنطقة العربية. وعقب انتهاء الجولة والعودة إلى بغداد، جلسنا إلى متخصص في الدراسات الإيرانية في كلية البكر للدراسات العسكرية، ليؤكد لنا وفي نهاية عام 1987، أن نظام الخميني لا يمت للإسلام بصلة، وانه نظام فارسي اتخذ الدين سبيلا لتحقيق أهداف جديدة في المنطقة، وليس في إيران وحدها، وان الاتصالات الإيرانية الغربية، والاتصالات مع إسرائيل لم تنقطع، وان التغيير في إيران حدث فقط في المؤسسة العسكرية، ومؤسسة الرئاسة الإيرانية، واعطاء شكل ديني للدولة، وأن لا تغيير في الأهداف السياسية، بين نظام الشاه ونظام الخميني، وان لدينا شكوكا كبيرة بأنه لولا قيام العراق بالرد على المغامرات الإيرانية ووأدها في بدايات نظامه السياسي، لأصبحنا كدول عربية تحت السيطرة والنفوذ الايراني، لكنهم استهانوا واستعلوا ولكنهم بالمحصلة تجرعوا السم وقبل الخميني منكسرا قبول وقف اطلاق النار. عاصفة الحزم امتداد لحروب أخرى لم تجرؤ إيران على المواجهة المباشرة مع المملكة، وكنا في لقاءات عديدة مع الإيرانيين نستشعر حقدهم على المملكة، ونلمس أن القوة الروحية والمرجعية للمملكة، هما ما تخشاه إيران دائما، ولهذا عمدت وبشكل منظم إلى استهداف صورة المملكة، وربطها بالإرهاب، بينما سيثبت التاريخ والحقائق أن إيران كانت أكبر داعم لتنظيمي القاعدة وداعش، وان داعش ليس سوى مجموعة القاعدة التي ارتضت التعاون والتعامل مع الإيرانيين، وافرازات الاستخبارات السورية، وصفقات السجون في هذه الدول، ولهذا ولو عملنا على تشريح الخطاب الإيراني على التحديد من عاصفة الحزم لاكتشفنا التالي: لماذا عاصفة الحزم؟ كانت إيران تتابع على الدوام التحرك السياسي للمملكة، والمتغيرات كافة، وكانت تعمل على جس نبض الحكم في مناطق مختلفة، حاولت تعظيم خسائر المملكة بعد أحداث 11 سبتمبر، وجعل المملكة متهمة دائما، وفي عام 2003 حاولت أن تجعل العراق أرضا لتصدير الفوضى في المنطقة، وكان حديث علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني ،أن بلاده أصبحت «إمبراطورية عاصمتها بغداد»، داعيا مواطنيه والسياسيين في بلاده إلى التفكير «قوميا» للهيمنة على الشرق الأوسط. ويضيف إن «إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»، معتبرا أن كل منطقة الشرق الأوسط إيرانية، قائلا «سندافع عن كل شعوب المنطقة، لأننا نعتبرهم جزءا من إيران، وسنقف بوجه التطرف الإسلامي والتكفير والإلحاد والعثمانيين الجدد والوهابيين والغرب والصهيونية». كما حاولت جس النبض السعودي داخليا وخارجيا في أكثر من واقعة، فبعد وفاة الأمير نايف -يرحمه الله- حاولت إيران جس نبض السياسة الأمنية السعودية الجديدة، وذلك من خلال اطلاق البعض لانتقادات ضد المملكة وأسلوب ادارة الحكم، حيث انبرى للقيام بهذا الدور نمر النمر، الذي تجاوز كافة الضوابط الأخلاقية والوطنية، باتجاه الشتم والسب وهي الطريقة الإيرانية في الابتعاد عن الجوانب الموضوعية التي لا يمكن للنمر أن يجادل فيها، من حيث الأمن والاستقرار والتنمية ولكنه نزح باتجاه التهكم الشخصي على الأمير الراحل، خلافا للقيم الإسلامية، الأمر الذي دفع بالمملكة لضبطه وايقافه، ومواجهته ،بقوة وحزم، ما أعطى إيران انطباعا مختلفا في ذلك العهد، وجاء قرار القصاص و46 إرهابيا، أيضا ضمن محاولة إيرانية كانت تتصور أن المملكة لا تجرؤ على اقامة حد القصاص في النمر، لأسباب متعلقة بإيران، وكانت الصدمة الإيرانية غير متوقعة، هذه المرة، كشفت بأن عهد الحزم والحسم، يعني تغيرا غير عادي في السياسة السعودية، ناهيك عن أن قرار عاصفة الحزم ذاته أربك مخططات إيران في المنطقة، وجعلها عاجزة عن القيام بأي مهمة أو دور في اليمن، ما دفع ببعض القيادات الحوثية للتوقف وتقييم قوة وفاعلية الدور الإيراني، واكتشفوا أن جزءا من الخطاب الإيراني كان موجها باتجاه جعلهم واستخدامهم كأداة ضغط، لتحسين شروط مفاوضاتها مع الغرب حول ملفها النووي. القوة والقيادة والحزم لم تملك إيران الوقت الكافي لتقييم بداية عهد خادم الحرمين الملك سلمان، ودوره الكبير في ترتيب غرفة القيادة والبيت السعودي، وكانت إيران تناور على فرض سياسة الأمر الواقع في اليمن، بعد الانقلاب على الشرعية، وعملت على استغلال الفترة من عام 2011-2014 لبناء واقع جديد ومختلف، ساهمت فيه بتعزيز علاقات التحالف والتعاون ما بين علي صالح، والحوثي، ومحاصرة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، وفرض نمط سياسي جديد، يكون فيه عبد الملك الحوثي بمثابة مرشد اليمن الجديد، ويكون فيه علي صالح القوة السياسية والعسكرية، وتم التجاوز عن المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار اليمني، والاعلان عن مجلس رئاسي، بعد حل البرلمان. إلا ان هذا الواقع لم يدم طويلا، حيث تمكن الرئيس اليمني من الفرار إلى عدن، طالبا من المملكة ودول الخليج المساعدة في استعادة الشرعية، وكان تكوين التحالف العربي أسرع تحالف سياسي وعسكري تم في العصر الحديث، حيث بدأت عاصفة الحزم في 26/3/2015، قبل يومين من انعقاد مؤتمر قمة شرم الشيخ. المحمدان وإيران في هذه الفترة كنا نتابع وبشكل دائم رصد الإعلام الإيراني، وكان الهجوم مكثفا وعملت إيران ما تستطيع للربط بين عاصفة الحزم وأمريكا وإسرائيل وبأنها مدعومة من هذه الدول، وتبين فيما بعد الاتصالات السرية التي أجراها الحوثي وقيادات إسرائيلية، اضطر فيها منح إسرائيل وثائق تاريخية ليهود اليمن، وتهريب 19 يهوديا إلى إسرائيل مقابل الحصول على شحنة من السلاح والتي لم تصل، وظلت وسائل الإعلام الإيرانية وقادة الحرس الثوري مصابين بالذعر، من القدرة الجوية في حصار اليمن برا وبحرا وجوا، وانكشفت إيران أمام شعبها وشعوب المنطقة بانها نمر من ورق، اضطرت للطلب من دول غربية منحها دورا في اليمن، على الاقل ولو دبلوماسيا، وانسانيا فقط. ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل جيرت إيران مختلف وسائل الإعلام الناطقة بالعربية، وبعض الاجنبية، لبيان قوة وقدرة الحوثيين وعلي صالح، ومقابل ذلك حاولت تشويه السمعة العسكرية للجيش السعودي والإماراتي وبعض الدول المشاركة، بعدم دقة الاهداف، واستهداف مناطق وأحياء سكانية، واسقط في يدها بعد صدور القرار الدولي 2216، وخاب أملها في انجرار روسيا لمغامرة جديدة في اليمن، عندما أعلن مستشار خامنئي ان إيرانوروسيا ينسقان للعمل العسكري في اليمن، ليأتي الرد الروسي صاعقا، بان موسكو تدعم تنفيذ القرار الدولي، وتدعم الشرعية السياسية في اليمن. اعلان الانتصار في اليمن بدأت خطوط الاتصال والمفاوضات منذ وقت مبكر، من طرفي الصراع في اليمن، من الحوثيين وعلي صالح، وكانت العروض تتراجع شيئا فشيئا مع الحصار المضروب، والضربات الجوية المحكمة، واستعادة صنعاء وفك الحصار عن تعز، ومحاصرة أطراف صنعاء، وبدأت الرياح تمضي بغير ما تشتهي السفن، فتقدم علي صالح بالعديد من المبادرات، واتضح للطرف الحوثي، أن الدعم اللوجستي الإيراني لن يكون مجديا ونافعا، وأن عليهم ألا يتركوا المجال لعلي صالح لعقد صفقات على حسابهم، فبدأت بوادر الاختلاف فيما بينهم، وتضعضعت قدراتهم وامكاناتهم القتالية، ووجدوا أنه من الضرورة فتح خطوط اتصالات خلفية مع المملكة، على أساس وقف الحرب والاعتراف بالقرار الدولي 2216، وظلت العمليات الجوية قائمة، وكذلك أصبحت حركة المقاومة اليمنية منظمة وأكثر تركيزا، بينما بدأت بعض الوحدات والقيادات العسكرية القريبة من علي صالح تعلن انحيازها إلى جانب الشرعية، ووصلت رسائل الحوثيين عن طريق أكثر من وسيط، حتى تم الطلب بارسال وفد حوثي للتفاوض بهدف وقف اطلاق النار وانهاء الحرب وتتويج ذلك بالذهاب إلى لقاء واجتماع الكويت، ولم يتوقف الأمر على الحوثيين فقط، بل امتد الأمر ليشمل حزب الله الذي أعلن قبوله بما يقبله الحوثيون لوقف الحرب في اليمن، وكان منطق المفاوضات قد رفض منذ البداية وجود السلاح غير السلاح الشرعي الذي تملكه الدولة اليمنية. وجاء الاعلان السعودي بان الحرب لن تتوقف إلا بعد اقرار وقف اطلاق النار، وان اية خروقات سيتم الرد عليها مباشرة، ونتيجة لاصرار الشرعية اليمنية على رفض امتلاك أي قوة يمنية سلاحا خاصا بها، الأمر جعلهم ينصاعون لهذا الأمر مقابل ضمانات أمنية، ويشمل الاتفاق جميع النشاطات الحوثية غير المدنية كوقف التدريب العسكري بالتعاون مع حزب الله والحرس الثوري، وسحب خبراء ومدربي حزب الله، ووقف قناة الحوثيين التي تبث من الضاحية الجنوبية في بيروت. عاصفة الحزم رؤية أجنبية ولأن الدول الغربية وسياساتها، لا تعترف بسهولة بقدرات الدول، خاصة بعد غروب وتراجع الدور الأمريكي، والحضور الكبير للدور السياسي السعودي، فقد عمدت وسائل إعلام أجنبية على التقليل من دور عاصفة الحزم، في توجيه ضربة قاسمة للمشروع الإيراني في المنطقة، وفي هذا الصدد يؤكد مايكل نايتس المحلل السياسي في معهد واشنطن أن (هناك الكثير ممن سيصابون بالدهشة لأن التحالف الخليجي العربي تمكّن من خوض هذه الحرب، ولكن ذلك لم يكن مفترضاً أن يُدهش المحلّلين العسكريين. وقد سمح الكثير منهم لنفسه بعدم تحديث معلوماته حول التغييرات الحاصلة في جيوش الخليج. فسنةً بعد سنة، قامت تلك الجيوش بتحديث نفسها، وبتعزيز طابعها المحترف. وفي الحرب الدائرة حالياً في اليمن، فحتى السودان تمكّن، مراراً، من نشر أسراب من طائرات « سو-24 » المتقدمة المخصصة للهجمات ضد أهداف أرضية. وكان اداء الإماراتيين رائعاً بصورة خاصة- ولكن كان جديراً بالمراقبين أن يتوقّعوا ذلك). ويضيف نايتس، ان دول عاصفة الحزم قررت الحرب ليقولوا لإيران أنهم مستعدون للقتال للحؤول دون مزيد من التوسّع الإيراني في سوريا، ولبنان، والبحرين، واليمن. واتخذوا قرار الحرب ليعلنوا أنه حتى لو أبرمت الولايات المتحدة صلحاً مع إيران، فإن دول الخليج « مستعدة للقتال وحدها » بغية إلحاق الهزيمة بالحكومة المدعومة من إيران في اليمن. لقد شرعت السعودية والإمارات بالسير على هذا الطريق حينما أرسلت قواتها إلى البحرين إبان ما أطلق عليه تسمية الربيع العربي. إن حرب اليمن هي الخطوة الثانية. وحول قول بعض وسائل الإعلام الغربية بأن التحالف لم يحقق أهدافه يرى نايتس ان الحرب الجوية دمرت قسماً كبيراً جداً من قوة الصواريخ التي كان الحوثيون وصالح يمتلكونها، وألحقت ضرراً كبيراً بالآلة الحربية للحوثيين وصالح، ووفّرت اسناداً جوياً قريباً مؤثراً جدا، وفعالاً للهجمات البرّية، الأمر الذي سمح بنجاحها بكلفة أقل. إن أي دولة لا تخوص حرباً بدون دعم جوي إذا كانت لديها قوة جوية: وهذا، بالضبط، ما تفعله دول الخليج، وان الحرب البرّية نجحت في تحرير «عدن» و «تعز»، أي المدينتين الثانية والثالثة في اليمن من حيث عدد السكان. ولم تنتهِ الحملة البرّية الخليجية بعد- فقد تضطر إلى تحرير العاصمة، «صنعاء». ويمكن أن تسقط المرافئ التي يحتلها الحوثيون، على شواطئ البحر الأحمر، في أيدي قوات التحالف الخليجي. من جهة أخرى، استعادت الحكومة الشرعية السيطرة على حقول النفط والغاز الرئيسية في مأرب وشبوة. كما نجح الحصار في عرقلة محاولات إيران لإعادة تموين الحوثيين بدرجة كبيرة. وهذا ما تظهره المعدات التي تم احتجازها، وبينها حمولة سفينتين في الأسابيع الثلاثة الماضية وحدها. لقد تم تعزيز الحظر الذي فرضته الأممالمتحدة على تزويد قوات الحوثيين وصالح بالسلاح. ولدى اجابته عن سؤال حول هل كانت الحرب البحرية هي الجبهة التي ظهر فيها ضعف القدرات السعودية بالمقارنة مع الحرب الجوية مثلاً؟ قال نايتس: كلا، هذا ليس صحيحاً. فمنذ سنوات، كرّس السعوديون سفنهم الحربية للقيام بأعمال حظر في المياه الساحلية اليمنية، ولو أن ذلك كان في الماضي بهدف الحدّ من تدفق الإرهابيين واللاجئين (بسبب الفقر) من اليمن. لقد كانت الحرب البحرية في السنة الماضية أكثر حدّة من كل العمليات التي قام بها السعوديون في الماضي، ولكن ينبغي ألا ننسى أن السعودية ودولا خليجية أخرى تشارك في عمليات اعتراض بحرية، إلى جانب أساطيل أجنبية، منذ 10 سنوات تقريباً. وقد ساعدتهم هذه الخبرة في عمليات التنسيق ولامتلاك معدات تتكامل مع معدات الأساطيل الصديقة. ويرى نايتس أن الحملة الجوية التي قام بها التحالف الخليجي تشبه الحملة الجوية التي قام بها حلف الأطلسي في البلقان في تسعينيات القرن الماضي. لقد بذل الخليجيون جهوداً حقيقية للحدّ من الخسائر بين المدنيين، ولكن ينبغي ملاحظة أن الطيران الخليجي ليس مجهّزاً بنفس المعدات التي باتت متوفّرة في سلاح الجو الأمريكي أو الفرنسي من أجل الحدّ من الخسائر المدنية. وحول الدروس التي يجب أن تتعلمها ايران من عاصفة الحزم، يرى نايتس، انها تتمثل في أن القدرات العسكرية لدول الخليج العربية، وخصوصاً السعودية والإمارات، شهدت تطوّراً كبيراً منذ حرب الخليج في العام 1991. وباتت تلك الدول قادرة الآن على قيادة عملية عسكرية كبرى، ومعقّدة، تستغرق سنة أو أكثر. وباتت دول الخليج قادرة على تنفيذ عمليات إنزال برمائية، وهجمات باسقاط مظليين، وعمليات حصار بحري، وعمليات اقتحام بالدبابات والمدرعات بأسلوب «البليتزكريغ»، وهذا علاوة على القيام بعمليات دفاعية ضد الهجمات بالصواريخ، كما ان الاستخدام المحدود نسبياً لقوات برّية تابعة لدول التحالف الخليجي لعب دوراً إيجابياً وحاسماً في عدد من الجبهات التي جرى خوص القتال فيها في وقت واحد، وأسفر عن تعزيز سيطرة الحكومة الشرعية على مدينتين من أصل أكبر ثلاث مدن في اليمن، وأرغم الحوثيين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات- في وقت تهدّد قوات التحالف الخليجي بتحرير «صنعاء» بالقوة العسكرية. ويضيف بايتس إن الحملة الجوية كانت فعّالة عسكرياً، وانه يمكن مقاومة توسّع إيران وإلحاق الهزيمة بها في بعض الميادين. طائرات التحالف العربي ساندت قوات الشرعية في حربها ضد الانقلابيين