الزيارة الرسمية التي بدأها قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز– يحفظه الله– للجمهورية التركية تلبية لدعوة من فخامة الرئيس التركي تأتي في إطار أهمية دعم الروابط الأخوية بين المملكة وتركيا وتعميقها وتعزيزها في شتى المجالات لما فيه خير البلدين الصديقين وتعزيز أواصر العلاقات التاريخية بينهما، ولما فيه دعم العمل الإسلامي المشترك من خلال القمة الإسلامية الثالثة عشرة المرتقبة في مدينة اسطنبول. ولا شك أن للمملكة وتركيا وجهات نظر متقاربة فيما يتعلق بمحاصرة ظاهرة الإرهاب التي تغلغلت في العديد من الأمصار والأقطار في الشرق والغرب، وقد عانت المملكة كما عانت تركيا ويلات تلك الظاهرة الشريرة، ومن النقاط الرئيسة في القمة الإسلامية العمل على مكافحة واحتواء تلك الظاهرة ومحاصرتها من قبل كافة الدول الإسلامية بل من كافة المجتمعات البشرية دون استثناء. ولعل من الواضح أن وجهات النظر متقاربة ومتجانسة بين المملكة وتركيا فيما يتعلق بسائر القضايا الساخنة العالقة في العالمين الإسلامي والعربي، ومن شأن ذلك أن يسهل التباحث حيالها لاسيما ما يتعلق منها بقضية الشرق الأوسط والأحداث الجارية في العراق وسوريا ودعم الحكومة الشرعية في اليمن، والعمل على حل الصراعات الدائرة في بؤر النزاع بالمنطقة بما يعود على دولها بالاستقرار والأمن. إنها زيارة هامة تعكس ما يتطلع إليه خادم الحرمين الشريفين من اتخاذ كافة الخطوات المؤدية إلى تضامن الأمة الإسلامية وتوحيد مواقفها، وتعكس أيضا رغبة القيادة السعودية الحكيمة في دعم العلاقات المتينة التي تربط المملكة بتركيا، وهي علاقات قديمة وآخذه في النمو والتطور بمضي الزمن في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، فالرغبة مؤكدة بين البلدين لتعزيز تلك العلاقات وتنميتها. والزيارة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين لتركيا للمشاركة في القمة الثالثة عشرة لدول منظمة التعاون الإسلامي التي تستضيفها اسطنبول تؤكد بوضوح رغبة المملكة في معالجة القضايا الإسلامية من جانب، كما أنها من جانب آخر تعزز أوجه العلاقات القائمة بين المملكة وتركيا لما فيه المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين، ولما فيه دعم مجالات التعاون القائمة بينهما في شتى المجالات والميادين. وغني عن القول إن المملكة وتركيا يتمتعان باستقرار في المنطقة يؤهلهما معا للقيام بأدوار فاعلة في سائر القنوات التعاونية لاسيما في المجال الاقتصادي تحديدا فالناتج الإجمالي القومي في البلدين يمثل الناتج الأعلى في العالم الإسلامي، وهذه مسألة حيوية وهامة سوف تفتح أبوابا واسعة للتعاون السعودي والتركي في مجالات اقتصادية مختلفة بما يعود على الشعبين بمصالح مشتركة وحيوية. كما أن المملكة وتركيا من بين ثلاث دول إسلامية تتمتعان بعضوية مجموعة دول العشرين، وهي عضوية لا شك أنها تمثل تعزيزا لأواصر التعاون فيما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الصديقين، ومن المعروف أن تلك المجموعة لها تطلعات واسعة لدعم الشراكات الاقتصادية الفاعلة في العالم، ويهم المملكة وتركيا أن تدعم تلك المجموعة لأداء أدوارها الطليعية في خدمة الدول الأعضاء ومن بينها الدول الإسلامية. إنها زيارة هامة سوف يكون لها أثرها الإيجابي البارز في توطيد العلاقات التاريخية بين المملكة وتركيا، وسيكون لها أثرها الفاعل أيضا في دعم الأعمال المشتركة لما فيه تضامن الأمة الإسلامية ووحدة كلمتها وصفها.