أشار تقرير المركز المالي الكويتي «المركز» الشهري عن أسواق الأسهم في منطقة الشرق الأوسط إلى أن شهر مارس شهد استمرارًا للتحسن الذي ساد الأسواق في شهر فبراير، حيث أنهت جميع المؤشرات، باستثناء المؤشر البحريني، الشهر على ارتفاع. وكانت السوق المصرية صاحبة الأداء الأفضل (22.7%)، تلتها قطر (4.9%)، والمغرب (4.7%)، بينما استمر تراجع مؤشر بورصة البحرين (-4.0%). ومن جهة أخرى، ارتفع مؤشرا الكويت السعري والوزني بنسبة 0.4% في شهر مارس، بينما ارتفع مؤشرا دبي والمملكة العربية السعودية بنسبة 3.6% و2.1% على التوالي. وواصلت أسعار خام برنت اتجاهها الإيجابي في شهر مارس بارتفاع بلغ أكثر من 10% لتغلق الشهر عند 39.60 دولار أمريكي للبرميل. كما تحسن أيضًا أداء مؤشر ستاندرد آند بورز لدول مجلس التعاون بنسبة 1.9% في مارس، ليغلق الشهر عند 90 نقطة. إلى جانب ذلك، ارتفعت الأسهم المصرية في مارس مع قيام البنك المركزي المصري بخفض قيمة عملته وإعلانه بأنه سوف يعتمد سياسة صرف عملات أجنبية أكثر مرونة، بهدف التخفيف من النقص الحاد في الدولار الأمريكي الذي يلحق الضرر بالاقتصاد المصري. وقد أدى خفض قيمة الجنيه المصري والتدابير الأخرى المتخذة إلى انخفاض قيمة الأسهم للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء الذين بادروا إلى الشراء بكميات كبيرة. وأغلقت البورصة المصرية الشهر عند 687 نقطة، مقارنة بمستوى 560 نقطة في شهر فبراير، فيما يعتبر أعلى مكاسب شهرية لها في أكثر من ثماني سنوات. أما في قطر، فقد أدى إقبال المؤسسات الأجنبية القوي على شراء الأسهم وتراجع الحجم الصافي لنشاط بيع المستثمرين المحليين، وعلى الأخص في شرائح الشركات الصغيرة والمتوسطة القيمة السوقية، إلى ارتفاع المؤشر القطري بما يقرب من 5% في شهر مارس. ومن جهة أخرى، انعكس ارتفاع أسعار النفط واستقرار الأسواق الصينية إيجابيًا على المستثمرين في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في شهر مارس. وعلى صعيد السيولة في أسواق دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كان الأداء إيجابيًا لشهر مارس، حيث ارتفعت الكميات المتداولة بنسبة 26% والقيمة المتداولة بنسبة 5.5%. وشهدت كل من مصر ودبيوقطر والمغرب نموًا في كميات التداول والقيمة المتداولة، بينما كانت أسواق أبوظبيوالبحرين والمملكة العربية السعودية الوحيدة التي سجلت تراجعًا في كلا المؤشرين. وقد بلغ معدل النمو في كمية التداول والقيمة المتداولة في مصر 104% و93% على التوالي، بينما شهدت أبوظبي انخفاضًا في كمية التداول بنسبة 34% وتراجعًا في القيمة المتداولة بنسبة 12.5%. إلى جانب ذلك، أنهت معظم أسهم الشركات الممتازة شهر مارس على ارتفاع، وكانت شركة أزدان القابضة (قطر) الأفضل أداءً محققةً مكاسب بلغت 18.5%، حيث استفادت الشركة من ارتفاع أسعار النفط خلال شهر مارس، وتلتها شركة دي بي ورلد (الإمارات – 10.7%)، وشركة أمريكانا (الكويت – 7.9%). وكانت الأولى قد حصلت على موافقة الحكومة الهندية على إعادة الهيكلة والاندماج وأعلنت خططها لطرح أسهم الشركة القابضة الجديدة للاكتتاب العام، بينما ارتفعت أسهم الثانية بحوالي 8% على الرغم من تراجع أرباحها الصافية بنسبة 14.8% في الربع الرابع من السنة. كذلك حصلت أمريكانا على عرض من شركة أدبتيو ذ.م.م.، يدعمها ائتلاف مصارف منها سيتي جروب، وبنك ستاندرد تشارترد، قدم التزامًا لهذه الصفقة بقيمة 1.5 مليار دولار أمريكي. وكانت المصارف قد شهدت شهرًا صعبًا مع انخفاض أسعار أسهم كل من بنك الخليج الأول (-7.8%)، ومصرف الراجحي (-3.7%)، وبنك الكويت الوطني (-3.6%)، في أكبر تراجع لها مقارنةً بأسهم الشركات الممتازة الأخرى. وحصل بنك الخليج الأول، وهو البنك الأكبر في الإمارات العربية المتحدة من حيث القيمة السوقية، على موافقة المساهمين في مطلع شهر مارس على إصدار سندات. وبالإضافة إلى ذلك، أدت أزمة الائتمان التي تتعرض لها الشركات الصغيرة والمتوسطة الإماراتية إلى ضغوط على المصارف لإعادة هيكلة قروضها. التطورات الرقابية والقانونية في أسواق دول «التعاون» في المملكة، تتوجه مؤسسة النقد العربي السعودي للسماح لشركات الرهن العقاري بتقديم نسبة أكبر من التمويل لشراء المنازل، ليرتفع بذلك الحد الأقصى للقرض إلى قيمة شراء المنزل من 70% إلى 85%. وقد قامت المؤسسة في شهر ديسمبر بمنح ترخيص لشركة بداية لتمويل المنازل، وهي شركة وطنية متخصصة في التمويل العقاري، كما طرحت في شهر فبراير برنامجًا «للتمويل العقاري الميسر» تضمن بموجبه وزارة المالية 15% من التمويل المطلوب لشراء منزل. فيما قررت المصارف في الإمارات العربية المتحدة إيقاف الإجراءات القانونية المتخذة ضد الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي تواجه صعوبات في سداد ديونها، وذلك لفترة تصل إلى ثلاثة أشهر بهدف تفادي حصول ارتفاع حاد في حالات الإفلاس والتي يمكن أن تضر بالاقتصاد الوطني. وقد أطلق القطاع المصرفي مبادرة الإنقاذ هذه لوقف الملاحقات الجنائية لمحرري الشيكات بدون رصيد، فيما يعتبر سابقةً للنظام المالي الإماراتي الذي يعتمد على الشيكات الورقية كضمان لأعمال الشركات. وإلى جانب ذلك، أنشأت بورصة البحرين سوقًا لصناديق عهدة الاستثمار العقاري، يتيح إدراج الصناديق الحاصلة على ترخيص من المصرف المركزي وتداولها بين المستثمرين في السوق الثانوية. وتعتبر صناديق عهدة الاستثمار العقاري شائعةً في الكثير من الأسواق، غير أنها جديدة نسبيًا في الشرق الأوسط، وكانت الإمارات العربية المتحدة الدولة الأولى التي تطرحها في المنطقة في أبريل 2014. ومن جهة أخرى، تدرس هيئة السوق المالية في المملكة العربية السعودية أيضًا خططًا لإصدار لوائح لتنظيم إدراج صناديق عهدة الاستثمار العقاري. نظرة على السوق النفطية وصلت أسعار خام برنت إلى أعلى مستوىً لها عند 42 دولارا أمريكيا للبرميل، قبل أن تغلق الشهر متراجعة إلى أقل بقليل من 40 دولارًا أمريكيًا للبرميل، أي بارتفاع بنسبة 10.1% مقارنةً بما كانت عليه في شهر فبراير. وكانت الأسعار قد ارتفعت نتيجةً للمحادثات الجارية بشأن التوصل إلى إجماع بين كبار منتجي النفط على تثبيت مستويات الإنتاج، والذين أعربوا عن تفاؤلهم بالتوصل إلى اتفاق نهائي على الرغم من التحفظات الإيرانية. غير أن المخاوف من فائض العرض، والمؤشرات غير الإيجابية بشأن العرض في كل من المملكة العربية السعودية والكويت أدت إلى تراجع المكاسب في الأسبوع الأخير من شهر مارس. كما هبط النفط الخام الأمريكي خلال التعاملات الأسبوع الماضي في أعقاب التصريحات غير المتوقعة الصادرة عن المملكة والتي أكدت أن أي اتفاق لتثبيت الإنتاج سيكون رهنا بمشاركة إيران؛ وأدت هذه التصريحات لانهيار التوقعات بشأن نجاح اجتماع الدوحة. والمفارقة هي أن هذا السيناريو يأتي في وقت تسعى فيه إيران لزيادة إنتاجها ليصل إلى 4 ملايين برميل يوميا في سوق يزيد فيها العرض بالفعل بمقدار 2 مليون برميل يوميا. ويبدو الأمر كما لو أن منظمة الأوبك ليس لديها نية حقيقية لخفض الإنتاج وإنما تود استغلال مستويات التقلب الشديدة لدفع أسعار النفط للارتفاع القائم على التكهنات. وما زالت المعنويات هبوطية تجاه خام غرب تكساس الوسيط وفي ظل أن المخاوف بشأن التخمة الكبيرة في المعروض لا تزال تقلل من إقبال المستثمرين على السلعة، من المحتمل أن يؤدي ذلك لعرقلة أي انتعاش حقيقي في الأسعار. ويجب على المستثمرين الأخذ في الحسبان أن العوامل الأساسية القوية التي تتمثل في التخمة الدائمة في المعروض النفطي كانت هي القوة المحركة التي دفعت الأسعار للهبوط، كما أن المخاوف بشأن ضعف الطلب لا تزال تزيد من قوة الدببة. ومن المفترض أن يؤدي انتهاء موجة الارتفاع التي استمرت لفترة طويلة من الزمن والتي قادت الأسعار فوق مستوى 40 دولارا لمنح حافز للمستثمرين البائعين لمهاجمة الأسعار ودفعها للتراجع نحو مستوى 35 دولارا وربما لأقل من ذلك. ومن المنظور الفني، ان يتحرك خام غرب تكساس الوسيط بشكل هبوطي حيث يتم باستمرار تكوين قيعان أدنى من القيعان السابقة وقمم أدنى من القمم السابقة. ويتم تداول الأسعار أسفل المتوسط المتحرك البسيط لمدة 20 يوما، وقد أدى الهبوط أسفل مستوى 38 دولارا لتمهيد الطريق أمام إمكانية الهبوط نحو مستوى 35 دولارا.