"غيرنا حتى دعواتهم خفيفة "يبعتلك حمّى" يعني حبة بانادول وخلاص.. مو عندنا "عزرائيل يشيلك" يعني غير القبر ما يردك"! لست مع "يبعتلك حمّى" ولا "عزرائيل يشيلك" ولا ما بينهما من نوعية "الله يقلعك" و"يا علك الكسر"، بل ولا حتى مع توسيع نطاق الدعوات ليشمل أطرافاً أخرى ليس لها ذنب مباشر فيما حصل، من نوعية الدعوات المختومة بعبارة "أبوك اللي خلفّك" أو "أمك اللي ما ربّتك"! وبداية، أقول: أعان الله الوالدين (خصوصاً الأم) فهما يواجهان الكثير ويتحملان الكثير في سبيل تربية أبنائهما خصوصاً مع تزايد الضغوط في هذا الزمن، ولكن يجب على الأب والأم أن يدركا أن الدعاء على الابن عند وقوع الخطأ لا يمكن أن يكون وسيلة لحل المشكلة التي جعلتهما يدعوان على حبيبهما بهذه الدعوة القاتلة، بل هو مخدر وقتي يتبعه مشاكل متعددة بعد الصحو من نوبة الغضب، فأول من سيتحسر ويتألم بعد نهاية فاصل الدعاء هو الوالد الذي دعا، كما أن الدعاء بالمصائب قد يكون سبباً للنفرة بين الولد ووالديه، وإلقائه في شباك العدو الذي يُسمعه كلاماً مغايراً تماماً لما يسمعه من أقرب الناس إليه، وكم من غارق في تيار الشبهات والشهوات دفعه إليها والد أو والدة لم يتقن التعامل مع مشاكل ابنه، أما لو وافقت هذه الدعوة وقت استجابة فسيكون الأب والأم هما أكبر الخاسرين ولا شك! في الحديث يوصي المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم- بقوله "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نَيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم" وفي الحديث أيضاً يقول المصطفى -صلوات ربي وسلامه عليه- "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم" حتى نتخلص من هذه المشكلة التي تجر مشاكل متعددة، لا يحتاج الوالدان إلا إلى إراقة ماء الحب على نار الغضب، والسعي لاستغلال المنّة الربانية التي جعلت دعاء الوالدين لأبنائهما مستجاباً ممن بيده الأمر والنهي، بأن يخصصا دعواتهما لما ينفع هذا الابن، وينفع المجتمع منه، مع الحرص على الرقي بالطموح، فالله كريم ولا يحد عطاءه شيء!