في الاتصال الهاتفي الذي تلقاه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، وزير الدفاع، من وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر قبل يومين، استعرض الطرفان الجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب، وضرورة تنسيق الجهود لهذه الغاية، حيث استعرض الجانبان مناقشة مجالات التنسيق بين المملكة ودول الخليج والحكومة الأمريكية حيال القضايا الإقليمية والدولية والعسكرية، والعمل على تعزيز فرص الاستقرار في المنطقة، والتصدي للتطرف الذي يجد الدعم من بعض الدول الإقليمية، ومواجهة الدور الإيراني غير المسؤول، والذي أدى إلى تدهور الأوضاع في المنطقة، وأسهم في توسعة رقعة التوتر، وقد أفضى هذا الاتصال المهم الذي يبدو أنه جاء تمهيدا لزيارة الرئيس الأمريكي المرتقبة للرياض، أفضى إلى اتفاق الجانبين على انشاء مجلس خليجي أمريكي يتولى عملية التنسيق لمحاربة الإرهاب، مما يؤكد أولا على عمق العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين، واتفاقهما على الرؤية الموضوعية لمواجهة الإرهاب، إلى جانب أن هذا الاتفاق يؤكد من جانب آخر أن واشنطن باتت على قناعة تامة أن المملكة ودول الخليج هي رأس الحربة في محاربة الإرهاب، وأن هذه الدول التي ما فتئتْ تعمل ومنذ سنوات على كل الأصعدة للحد من التطرف، وتفكيك بنى الإرهاب الفكرية والمالية واللوجستية والعسكرية، لا بد وأن تكون هي من يتصدر مشهد المواجهة، ولعل بناء التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب والذي تبنته المملكة، وقطع شوطا طيبا في خطواته العملية، قد أسهم في رسم خارطة المواجهة وأسلوبها، عبر تضامن عدد من الدول الاسلامية، وتوحيد قياداتها لدخول هذه المعركة تحت راية واحدة، وهو ما وجدت فيه الولاياتالمتحدة النواة الحقيقية، والقادرة على استئصال هذا الورم السرطاني سواء ذلك الذي تمثله داعش أو القاعدة أو النصرة أو حزب الله وغيرها من التنظيمات والعصابات الإرهابية التي تهدد الاستقرار الإقليمي والعالمي، وتسهم بطريقة أو بأخرى في ضرب الاقتصاد العالمي، ووضعه تحت وصاية مؤامراتها الرخيصة. إن تشكيل مجلس التنسيق الخليجي الأمريكي الذي تم الاتفاق على خطوطه العريضة بين سمو الأمير محمد بن سلمان، والسيد كارتر، وتقرر أن يبدأ في 21 ابريل القادم، بتلك الرؤية التي رشحت عنه، سيشكل بالتأكيد إلى جانب التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب مدماكا جديدا يمكن التعويل عليه ليس لهزيمة الإرهاب وحسب، وإنما لاجتثاثه من جذوره، خاصة وأن المملكة تحديدا تمتلك ملفا ضخما يكتظ بالكثير من التجارب والخبرات في ميدان المواجهة عسكريا وفكريا وأمنيا وحتى سلوكيا مع تلك التنظيمات، مما يجعل التنسيق بصفته الراهنة مؤهلا كما ينبغي سواء على الصعيد العسكري أو الفكري لتنظيف المنطقة والعالم من فكر التطرف، وما يؤدي إليه، وهي الخطوة التي من المؤكد أنها ستسهم في إعادة الاستقرار، ولجم تلك القوى الإقليمية التي استثمرت في الإرهاب، لإجبارها على التخلي عن هذا السلوك، والانخراط في التنمية وصنع الأمن والاستقرار، أو القبول مجددا بالعودة إلى الحصار.