بدأت إجازة منتصف الفصل الدراسي للتعليم منذ نهاية الخميس الماضي وتسابقت المدن والمحافظات على إقامة مهرجانات ترفيهية وتسويقية لم تستطع إغراء المواطنين والمقيمين بالبقاء ومنعهم من السفر إلى الخارج للتغيير والترويح عن النفس والتسوق وكانت الوجهة الأكثر ترحيباً بالسعوديين هي دبيوالبحرين وتركيا. وجهة سفر السعوديين لقضاء الإجازات والعطل الرسمية تخضع للعديد من المؤثرات أهمها تكاليف الرحلة ومدة وتوقيت الإجازة، واللافت في الأمر أن العائلات السعودية يفضلون السفر إلى الخارج وذلك نظرا لتعدد الفعاليات وتدني الأسعار مقارنة بما هو مطروح في الداخل من مهرجانات مملة ومكررة، ناهيك عن تعدد البرامج السياحية المتوفرة في تلك البلدان. يوم الجمعة الماضي كان جسر الملك فهد مزدحماً بالعابرين إلى البحرين وأغلبهم عائلات سعودية وكانوا متذمرين من الزحمة وطول فترة التوقف التي وصلت إلى 5 ساعات في انتظار انتهاء إجراءات سفرهم إلى بلدان استطاعت جذب السياح السعوديين بشكل خاص، لما تمتلكه من تنوع الفعاليات والبرامج وجودة الخدمات المقدمة. ما الذي يدفع بالأسر السعودية إلى تحمل مشقة وعناء الانتظار في المعابر الجوية والبرية والسفر خارج الوطن؟! بالتأكيد إنه تنوع الفعاليات مع أن الأسر تنفق أموالاً طائلة على السفر في موسم الإجازات لأن كثيرا من الدول التي تكون وجهة السعوديين صوبها اهتمت بالسياحة بوصفها مصدرا أساسيا للدخل الوطني، وعاملا معيارياً في تحسين ميزان المدفوعات وتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل، وعاملا مهما للتنمية المستدامة على مستوى مدن ومحافظات تلك الدول. وبالرغم من أن لدينا في السعودية مقومات وقطاعات سياحية متنوعة تتمثل في جدة والشرقية وعسير والباحة والطائف ومناطق أخرى في المملكة شمالاً وشرقاً وغرباً وجنوباً، إلا أن الفعاليات في المملكة لم تحقق تطلعات السائح السعودي الذي أصبح يتمتع بخبرة كبيرة في اختيار البرامج السياحية خارج المملكة وما أن تأتي الإجازات إلا ونجد عشرات الآلاف من السعوديين يسافرون للخارج، والبعض منهم يسافر إلى مكةالمكرمة والمدينة المنورة بغرض العمرة،كما أن السياحة الداخلية لم تستطع جذب العاملين غير السعوديين داخل المملكة حيث يوجد في المملكة أكثر من 9 ملايين عامل أجنبي يقضون معظم عطلاتهم القصيرة والطويلة خارج المملكة، بالإضافة إلى أن الجذب السياحي من خارج المملكة ضعيف جدا ولا يرتقي إلى مكانة المملكة نظرا لعدم توفر الخدمات والبرامج السياحية المحلية المناسبة للسائح الأجنبي ولعائلته وبالمستويات التي اعتاد عليها في الدول التي يسافر إليها خارج المملكة وبمستوى أسعار يتناسب وهذه الخدمة. سفر الأسر السعودية إلى الخارج أثناء الاجازات وصرفهم لملايين اقتصادنا أولى بها، هي بمثابة إنذار وعتب للمعنيين بالأمر ومنهم أمانات المدن لتواضع مهرجاناتهم وتكرارها وهي من أسباب عزوف المواطنين عن السياحة الداخلية، إضافة إلى ارتفاع الأسعار، مع تواضع الخدمات والفعاليات حيث إن تكلفة إجازة أسبوع تقضيها الأسرة السعودية في جدة أو مكة أو أبها أو الدمام رغم الافتقار للخدمات الجيدة التي تتطلع لها الأسرة تعتبر أكثر من تكلفة أسبوعين تقضيهما في أي منتجع سياحي خارج الوطن مما يدعو الأسرة لاختيار السياحة في الخارج لقلة تكلفتها وجودة خدماتها. سفر السعوديين إلى الخارج في الاجازات أضحى لا يقتصر على شريحة من دون أخرى فغالبية ذوي الدخل المحدود أصبحوا يرتبون سفرهم ورحلاتهم للخارج من خلال عمل الحجوزات وشراء التذاكر منذ فترة، إضافة إلى حجز فنادق في الدولة التي يرغبون ومن تلك الوجهات المحببة للسعوديين هي دبي وخاصة في مواسم الاجازات القصيرة وتفضيلهم لدبي يعود لقربها من المملكة جغرافياً وثقافياً وسهولة الدخول إليها، وتوفر الإمكانات اللازمة للمتسوقين، إضافة إلى مهرجانات التسوق والأنشطة السياحية المختلفة التي تفتقر لها مهرجاناتنا السياحية في الداخل.