تخضع وجهة سفر السعوديين لقضاء الإجازات والعطل الرسمية، للعديد من المؤثرات أهمها تكاليف الرحلة ومدة وتوقيت الإجازة، إلا أن اللافت في الأمر أن 5 في المئة من العائلات السعودية يفضلون السفر إلى بلدان بعيدة خلال الإجازات القصيرة سواء إلى أوروبا أو آسيا، وذلك نظرا لتعدد الفعاليات وتدني الأسعار مقارنة بما هو مطروح في الداخل، ناهيك عن تعدد البرامج السياحية المتوفرة على مدار العام. ووفق خبراء مختصين في قطاع السفر والسياحة فإن دبيوتركيا وشرم الشيخ تتصدر قوائم وجهات السفر لقضاء إجازة منتصف العام الدراسي، حيث تعمد هذه الدول إلى إقامة المهرجانات السياحية في مثل هذا الوقت من العام لجذب السياح العرب والسعوديين بشكل خاص، بالإضافة إلى تنوع الفعاليات والبرامج وجودة الخدمات المقدمة. وحول حجم إنفاق الأسر على السفر في موسم الإجازات يوضح عضو جمعية الاقتصاد عصام خليفة أن صناعة السياحة اليوم من أبرز الأنشطة الاقتصادية في العالم، وتعتمد كثير من دول العالم على هذه الصناعة بوصفها مصدرا أساسيا للدخل القومي، وعاملا معياريا في تحسين ميزان المدفوعات وتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل، وعاملا مهما للتنمية المستدامة على مستوى أقاليم ومحافظات البلد الواحد يساعد على تقليص الفوارق التنموية. وبالرغم من أن هناك مقومات وقطاعات سياحية متنوعة تتمثل في منطقة عسير والباحة وجدة والطائف ومناطق أخرى في المملكة، إلا أن القطاع السياحي في المملكة لم يحقق تطلعات السائح السعودي الذي أصبح يتمتع بخبرة كبيرة في اختيار البرامج السياحية خارج المملكة وما أن تأتي الإجازات إلا ونجد عشرات الآلاف من السعوديين يسافرون للخارج، والبعض منهم يسافر إلى مكةالمكرمة والمدينة المنورة بغرض العمرة أو الحج، كما أن السياحة الداخلية لم تستطع جذب العاملين غير السعوديين داخل المملكة حيث يوجد في المملكة أكثر من 9 ملايين عامل أجنبي يقضون معظم عطلاتهم السنوية خارج المملكة، بالإضافة إلى أن الجذب السياحي من خارج المملكة ضعيف جدا ولا يرتقي إلى مكانة المملكة نظرا لعدم توفر الخدمات والبرامج السياحية المحلية المناسبة للسائح الأجنبي ولعائلته وبالمستويات التي اعتاد عليها في الدول التي يسافر إليها خارج المملكة وبمستوى أسعار يتناسب وهذه الخدمة. وباستقراء إحصائيات المنظمة العالمية للسياحة نجد أن عدد السعوديين الذين يغادرون سنويا للسياحة الخارجية حوالى 5 ملايين سائح يقضون أكثر من 30 مليون ليلة سنويا ويبلغ إنفاقهم على السياحة الخارجية حوالى 60 مليار ريال سنويا، بينما يزور السعودية في العام نفسه حوالى 8.5 مليون سائح لأداء مناسك العمرة والحج يبلغ إجمالي إنفاقهم حوالى 20 مليار ريال، أي أن العجز في الميزان السياحي حوالى 40 مليار ريال سنويا وهو مبلغ كبير جدا ولا يخدم أغراض التنمية في المملكة ويزيد من فجوة ميزان المدفوعات. وهناك الكثير من أسباب عزوف المواطنين عن السياحة الداخلية يأتي في مقدمتها ارتفاع الأسعار ، حيث إن تكلفة أسبوع تقضيها الأسرة السعودية في جدة أو مكة أو أبها أو الدمام رغم الافتقار للخدمات الجيدة التي تتطلع لها الأسرة تعتبر أكثر من تكلفة أسبوعين تقضيهما في أي منتجع سياحي خارج الوطن مما يدعو الأسرة لاختيار السياحة في الخارج لقلة تكلفتها وجودة خدماتها. وتعتبر أكثر الوجهات السياحية التي يتم الحجز عليها من قبل السعوديين من الدول العربية تشمل دولة دبي ثم مصر، ومن دول آسيا ماليزيا وإندونيسيا، ومن دول أوروبا تركيا وفرنسا وبريطانيا، وبالنسبة للسفر إلى أمريكا، فقد أشارت تقارير وزارة التجارة الأمريكية إلى ارتفاع عدد السياح السعوديين بنسبة 25 في المئة حيث وصل إلى أكثر من 100 ألف سائح عام 2014. المناخ الجيد يحسن السياحة الداخلية فيما يشير رئيس اللجنة السياحية بغرفة الرياض محمد المعجل إلى أن السياحة الداخلية تنشط في هذه الأوقات من السنة نتيجة لتحسن الأجواء المناخية واعتدالها في بعض المناطق، مثل جدةومكة والمنطقة الشرقية، كما تشهد فترة الشتاء نشاطا خاصا لسياحة المخيمات، ما يشكل عامل جذب قويا للعائلات السعودية واختيارها التمتع بالأجواء الربيعية، وتفضيلها على السفر في ظل توفر العديد من الخدمات إضافة إلى أن جدة وبعض مناطق الساحل الغربي تشكل مشتى لسكان المناطق الباردة ومكة والمدينة بغرض العمرة وسياحة ما بعد العمرة. وبرر المعجل تصدر دبي للمرتبة الأولى في وجهات السفر نظرا لكونها وجهة مناسبة لجميع أفراد الأسرة فضلا عن قرب المسافة وتعدد الخدمات وانخفاض تكاليفها مقارنة بالدول الأخرى. الدول القريبة تجذب السعوديين في الشتاء أما محمد عبدالمنعم صاحب مكتب سياحي ذكر أنه عادة ما يكون الاتجاه في مثل هذه الإجازات القصيرة للمناطق القريبة والدول المجاورة كدبي وشرم الشيخ وتركيا ما يضمن لهم مدة طيران أقل وتكاليف مناسبة وتحتل دبي المرتبة الأولى وبعض دول الخليج كالبحرين وقطر، بينما تفضل فئة قليلة الذهاب لمناطق أبعد مثل ماليزيا وإندونيسيا وسيرلانكا وجزر المالديف غيرها إلا أنه عادة لا يكون التوجه لمثل هذه الدول إلا في الإجازات الطويلة. ويوضح أن سبب سيطرة دبي على المشهد السياحي هو أن أجواءها مناسبة هذه الأيام أكثر منها في الصيف، إضافة إلى مهرجانات التسوق والأنشطة السياحية المختلفة في حين أن هناك من يعشق الثلوج والبرودة الشديدة فيتجه لتركيا التي تتجمل بالبياض في هذا الوقت من العام.