كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مكاتب الاستشارات الأجنبية العاملة في المملكة وتهافتها على عقود قصيرة وطويلة الأجل لبعض الوزارات والهيئات الحكومية في المملكة بتكاليف مبالغ فيها في الوقت الذي يجب الحزم في ترشيد الإنفاق الحكومي. الأهداف عديدة لهذا المقال، ومنها تسليط الضوء على المشكلة والتعريف بالمكاتب الاستشارية الأجنبية التي فقدت الغالبية العظمى منها مصداقيتها في بلدانها بسبب مخالفتها لقواعد أساسية كثيرة في ممارسة مجالات عملها مما يستوجب الحديث عنها لتوعية المسئولين المخلصين في المملكة بمشاكل هذه المكاتب الاستشارية الأجنبية وما يترتب عليها من فشل واضح في تنفيذ مشاريع الوزارات والهيئات الحكومية المتعاقدة مع تلك المكاتب. تستحوذ المكاتب الاستشارية الأجنبية على 98% من سوق الاستشارات في المملكة بينما تستحوذ الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية والمكاتب الاستشارية الوطنية على 2%. وتحصل المكاتب الاستشارية الأجنبية على عقود استشارات حكومية بمبالغ عالية جدا تفوق مثيلاتها في دول أخرى بحوالي أربعة أضعاف بينما جودتها غير مميزة، بل في الغالب تحت مستوى الجودة. ويغلب على مكاتب الاستشارات الأجنبية الجشع من حيث تكاليف خدماتها الاستشارية، وتقوم بالتعاقد مع مكاتب أقل خبرة وكفاءة لتنفيذ الاستشارات أو توظف ضمن فريقها المتواضع من حيث المعرفة والخبرة موظفين حديثي التخرج والخبرة من جنسيات أجنبية بتكاليف متدنية فتكون مخرجات الاستشارة ضعيفة الجودة. لا تتميز مكاتب الاستشارات الأجنبية عن المكاتب الاستشارية الوطنية بما يبرر تكاليف خدماتها الاستشارية العالية، فهي ضعيفة الخبرة والمعرفة بالاقتصاد السعودي، بل تواجه بعض مكاتب الاستشارات الأجنبية العاملة في المملكة قضايا قانونية في بلدانها وبلدان أخرى في مجملها قضايا تقارير مسمومة ورشاوى مسئولين بخصوص التكاليف المرتفعة والتغاضي عن تجاوزات معايير عالمية تتضمنها الاستشارات. المبالغ الخيالية المالية التي حصلت عليها المكاتب الأجنبية للاستشارات من الاستشارات الحكومية وصلت الى 4.5 مليار ريال في عام 2014م بينما جودتها متدنية في كل النواحي الهندسية والمحاسبية والقانونية والإدارية. الميول لخدمات المكاتب الاستشارية الأجنبية في غالبية الأحوال مرتبط بالفساد والمصالح الشخصية للمسئول في الجهة الحكومية المتعاقدة سواء في الوزارات أو الهيئات أو الإدارات. الخلاصة أرى ضرورة الرقابة على تكلفة الخدمات الاستشارية وجودتها، وأن تكون هناك لجنة معنية من خارج الوزارات والهيئات والإدارات الحكومية التي بحاجة لخدمات المكاتب الاستشارية الأجنبية، بل يجب أن تتم ترسية الاستشارات الحكومية على الجامعات والمعاهد والكليات والمكاتب الاستشارية الوطنية المؤهلة بالمعرفة والخبرات الاستشارية لأن أهل مكة أدرى بشعابها، ناهيك عن الجودة العالية والتكاليف المنخفضة والنزاهة والشفافية التي تتمتع بها مؤسساتنا الاستشارية الوطنية.