ليس من العقل ولا من الرشد أن يتم ترميز هؤلاء الخوارج وتصنيفهم في مختصر يمثلهم كتنظيم دولة إسلامية.. والعجيب تمعن وإصرار كثير من الوسائل الإعلامية على وضعهم في مثل هذا القالب ومحاولة إلصاق قيمة الإسلام وملامحه ومعالمه ومبادئه بمثل حركة تعيد إنتاج الخوارج وفكرهم وطرحهم وأسلوبهم.. لا يمكن إخراجهم إلى منتج جديد يتم تداوله بعيدا عن حقيقتهم «الخوارجية» التي لم يخلُ التاريخ من آثارهم فيزدادون في زمن وينحسرون في زمن آخر.. لذا يتوجب علينا وصمهم ووصفهم بخوارج هذا القرن ولا يتم صرف لغتنا إلى مسميات أخرى تجعلهم في منأى عن واقعهم وحقيقتهم الأكيدة.. حاول الكثير الغوص في غمار حقيقة هؤلاء الخوارج الجدد، ومن هم حقيقة، وكيف اتوا، وكيف تجمعوا، وكيف يؤثرون، وكيف يجندون اتباعهم المسلوبين.. وامتد الخوض كثيرا ولم يجد من يستفهم إجابات شافية حيث إن التساؤلات اكبر بكثير، وأثر السوء والفساد انتشر.. فاجتهد الكثير في تصنيف الأسباب والمسببات واتجهوا إلى نواح كثيرة.. تم وصم المناهج، ومنابر الجمعة، والخطاب الديني وغير ذلك ودعونا نقبل بها.. لكنهم للأسف تركوا وأهملوا حقائق ومسببات كثيرة يستطيع الواعي إدراكها، وغفلوا عن زوايا مهمة احتاجت إلى دراسات مستفضية لعلها تؤكد شيئا لكن لم نحظ بمثل تلك الدراسة المنهجية التي تخبرنا وتؤكد لنا إجابات كل شيء.. تجاهلوا الوسائل والقنوات الحديثة التي وصلت لمثل هؤلاء الخوارج وقوة تأثيرها.. ولم يبالوا بما هي تلك الوسائل، وكيفية التأثير. طرح الكثير أن وسائل التواصل الاجتماعي وأهمها تويتر كان لها الأثر في ذلك وأنه مؤثر كبير في توجيه العقليات والتأثير بها.. ومع يقيني بأن تويتر هو وسيلة مؤثرة إلا أننا لم نر تحليلا واقعيا لذلك أو إثباتات تبين كيف يتم تجنيد الخوارج الجدد عبر تويتر.. هل تم خداعنا وجعلونا نتجه إلى وسائل محددة نركز عليها مع أنهم يتعاطون ويتفاعلون من خلال وسائل لا نعرفها ويصرفونا عنها فمثلا هناك وسائل تواصل اجتماعي غير معروفة كالباث والبنتريست والفيد وتطبيقات «الاون لاين» فهل تم وضع النظر على واقعها.. لا اعلم. كم هو مؤلم أن يحصل حادث قتل غيلة يجتمع فيه عدد من الإخوان والأقارب تشوهت عقولهم وتشربت فكر الخوارج بجدارة ووقاحة فيقتلون قريبا لهم بعد التغرير به.. والتحول النوعي الخطير أن منهم من هو طبيب ومهندس وليس مراهقا مغررا به كما يطرح دوما.. وهنا يجب الوقوف كثيرا على كافة المستويات للإجابة على لماذا حدث ذلك؟ فحوادث الخوارج الدواعش هؤلاء ضمت من جنس، وعقول، وأعمار مختلفة وهذا التنوع دليل على أن قدرة المؤثر خطيرة وكبيرة المهم نكتشفه. يبدو أن الكثير مبتلى ومهووس بتناقل حوادث الدواعش الخوارج، ويتفنن في إرسالها، ويحرص على أن يكون له السبق وهو يضر من حيث يدري ولا يدري.. فهو يوظف نفسه إعلاميا وتسويقا حين يهتم بترويج مثل هذا النقل والنشر وتوسيع دائرة بثه.. لذا نقول له: كرما احذف تؤجر.. من المهم تركيز الجهة الأمنية على تحليل معطيات التأثير الإعلامي على عقول البعض الذي ينتج عنه تجنيد أحدهم.. ولعل هذا التحليل يكون مبنيا على ادوات ومكونات نظرية الاتصال التي تبدأ بمعرفة المرسل وتحديد موقعه.. وكذلك معرفة المحتوى أو الرسالة التي يتم تمريرها وتفكيك شفرتها.. ومعرفة الوسيلة أو الوسيط وكيف تم من خلاله تمرير المحتوى وبأي أسلوب وهل تم خداعنا بصرفنا عن وسائل ووسائط أخرى لم ننتبه إليها بالتركيز على ترديد نمطي أن وسيلة أو اثنتين هما السبب.. كما يجب معرفة المستقبِل وما حالته وسماته وصفاته، وكيف تم التأثير عليه، وكيف هي ردة الفعل التي يقوم بها ولماذا استجاب إلى رسالة المرسل والتأثر به.. من خلال ذلك ستنكشف أمور كثيرة تخص مساحة التأثير الإعلامي الذي يرتبط بمنتجات الإعلام الجديد. كانت تلك بعض النثرات حول الخوارج الدواعش الذين افسدوا في الأرض عليهم من الله ما يستحقون من العقاب والعذاب..