موقع Twitaholic الأمريكي ، هو من أول وأشهر المواقع التي اهتمت بتقديم قائمة لأشهر 100 مغرد في شبكة تويتر الاجتماعية، وكانت بدايته الفعلية في بداية عام 2009 حيث ارتفعت إيراداته لتصل الى 500.000 دولار عام2010، ورغم أن العاملين فيه لا يزيدون على 3 موظفين! وقد استحوذت عليه شركة Twittercounter الهولندية في بدايات 2011، والموقع الآن يحتل المركز 42902 في الترتيب العالمي للمواقع بحسب أليكسا وما يهمنا هنا هو القائمة التي قدمها موقع Twitaholic لهذا العام 2014 م، وتحديدا لهذا الشهر – يونيو – لأول 100 مغرد، حيث تضم القائمة عدد من المؤثرين سواء في بلدانهم أوعالميا، وتشمل لاعبين، وممثلين، وكتَّاب، وإعلاميين، ووكالات إخبارية، ومواقع تقدم خدمات تفاعلية، ورؤساء دول، وداعية سعودي واحد! نعم، المغرد العربي الوحيد في هذه القائمة العالمية، والذي يحتل المرتبة 96، بعدد متابعين تخطى تسعة ملايين متابع،هو (د.محمد العريفي) وهو داعية إسلامي من (السعودية)، وحيث إنه يغرد من حسابه بالعربية، فإن حصر التأثير على العالم العربي واعتباره كافي لأن يكون الأول عربياً سيكون مبرراً، وكل ما سبق من معطيات يفتح باب واسع لمحاولة تحليل الأسباب التي جعلت هذا المغرد يحتل مركز متقدم ومؤثر في العالم العربي. وقبل أن نبدأ في محاولة تحليل هذه الأسباب التي أدت إلى كل هذا التأثير دعونا نقف قليلا مع مفهومين: الأول: مفهوم (قادة الرأي Opinion leaders) والذي تعرفهم ويكيبيديا بأنهم مجموعة من الافراد الذين لهم تأثير على سلوك الآخرين نتيجةً لتميزهم من نواح مختلفة مثل : شخصيتهم، مهاراتهم،أو اطلاعهم على الشأن العام، وغالباً ما يكونون أكثر استخداماً لوسائل الاتصال من غيرهم، حيث يتلقون المعلومات التي يهتمون بها من الوسائل الإعلامية والمحيط حولهم، ثم ينقلونها إلى الأفراد الذين يتبعونهم مرفقة بالتحليل والتصور الشخصي حيالها – أي المعلومات-، مما يكون له تأثير على طريقة الأفراد في تحديد اتجاهاتهم الفكرية وآرائهم وقرارتهم. أما المفهوم الثاني: مفهوم (القوة الناعمة Soft power) وهو مصطلح وغالبا ما يطلق على وسائل الإعلام الموجهة أوما يسمى بالإعلام الموجة لخدمة فكر ما، وهي كما قال جوزيف ناي (سلاح مؤثر يحقق الأهداف عن طريق الجاذبية والإقناع بدل الإرغام أو دفع الأموال). وعطفا على ما سبق فإن قائمة Twitaholic المئوية يمكن أن تكون معيار نقيس به هذين المفهومين وتطبيقاتهما، فنحن هنا لا نتحدث عن قادة دول أو قادة جيوش، بل عن قادة من نوع آخر، مكمن قوتهم ليست في اقتصاد ولا في سلاح بل (قوة الناعمة) يختصرها (رأي) لا تتجاوز أحرفه 140 حرفا.! وعودا على بدء فلنجب على سؤال سيفيد الجميع (ما أسباب حصول حساب هذا الداعية السعودي على هذا الترتيب؟) أرى أنه يمكن تحليل الأسباب على ثلاثة مسارات: المسار الأول متعلق بالسمات الشخصية للمغرد نفسه (المُرسل). والثاني متعلق بالمتابعين (المُستقبِل). أما الأخير فبالكيفية التي يغرد بها والأساليب التي يستخدمها (الرسالة). وفيما يتعلق بالمسار الأول، فقد قمت بعمل استطلاع في يناير 2013 حول أسباب اتساع دائرة تأثير د.محمد العريفي وتركت السؤال مفتوحا، فجاءت العديد من الإجابات سأضطر لاستبعاد الأسباب الإيمانية لأنها في علم الغيب ولا يمكن الجزم بها فهي بينه وبين ربه، وسنطرح بعض الأسباب الأخرى وهي: (الثقة بالنفس، الذكاء العاطفي، مهارات التعامل، الثبات على المبدأ، الإلقاء، التأليف، الحوار، الخبرة الإعلامية، جمع بين القول والعمل، مخالطة الناس في الواقع وعدم الاكتفاء بالإعلام، الاستعانة بالإبداع الشبابي في برامجه، محاكاة هموم الناس والخطاب البسيط، مواكبته الأحداث، العلم الشرعي والثقافة العالية، الأسلوب القصصي، التعاطف معه نتيجة الحملات التي تسعى للتشويه) ولو تأملنا أغلب الإجابات التي وردت ترتبط ارتباطا وثيقا بالمغرد نفسه (المُرسل) وهي لا تخرج من إطار السمات الشخصية. أما فيما يتعلق بالمتابعين (المُستقبِل)، فإن الميل للتدين سمت عام في المجتمع السعودي، ووجود وسيلة تحقق إشباع حاجة الوصول للقيادات الدينية فتح الباب لزيادة متابعين الداعية من داخل البلد، كما أن المحاضرات الكثيفة التي يقدمها الداعية في عشرات الدول والتي يكشف عنها جدوله، يجعل هناك من يحرص على متابعته من تلك الدول لنفس السبب وهو الإشباع الديني الروحي في زخم الحياة المادية، أيضا من الأسباب المتعلقة بالمتلقي حالة الاحتقان التي تسيدت زمنا من النخب المزورة التي كان يطبل لها الإعلام التقليدي، مما أورث حاجة لإيجاد نخب يختارها الجمهور ويعبر عن تمثيله إياها بمتابعتها له، وأخيرا مشاعر التعاطف التي غلبت الجمهور من الهجوم المكثف على هذا الرجل والتي كان يشارك فيها شخصيات عرفت بالتنقص من القيم الدينية والاجتماعية، فكانت ردة الفعل عكسية تماما، بل إن بعض المحللين يرى أن السبب الأول لظهور هذا الداعية يرجع للحملات المتكررة التي نظمها أعدائه. وأخيرا فيما يتعلق بالمسار الثالث وهو بالكيفية التي يغرد بها والأساليب التي يستخدمها (الرسالة) فمن تحليل أولي لحساب الداعية، يتضح لك دوام مواكبة الحدث وعرض رأي المغرد فيها سواء في القضايا الداخلية والخارجية، أي التحديث المرتبط بأوقات معينة مثل أذكار الصباح والمساء، أيضا كثافة التغريدات إذ لا يقل متوسط اليوم الواحد عن 7 تغريدات، عدم ربط التغريدات بأوقات الذروة في بلد ما بل التغريد في كل الأوقات، التفاعل بالرتويت والردود مما يعطي روح تفاعلية للحساب، استخدام الصور حتى في التغريدات العادية، تفعيل المتابعين من خلال استشارتهم في مبادرات ومن ثم تطبيقها ونشر النتائج، مشاركة اليوميات مع المتابعين وهذا لب الفلسفة التي يتبناها موقع تويتر، والمسابقة الأسبوعية التفاعلية للمتابعين، وغيرها الكثير من الأساليب والطرق. ومما سبق نجد أن هناك تطبيق لآخر الدراسات الصادرة من صاحب الحساب، أيضا هناك جهد مبذول يكشف استعانته بفريق كامل مساند لإدارة الصفحة أو حتى الإشراف على بعض الفعاليات كالمسابقات ونحوها، وهذه المهارات يحتاجها كل فرد يملك رؤية يرى أنها قد تصنع مستقبل التغيير والتطوير الذي نحلم به جميعا.