تعتقد إيران أنها تستطيع الفوز بكل شيء، تريد أن تحقق نفوذا في دول عربية محددة، والفوز مع مفاوضاتها مع الغرب، وكذلك تريد أيضاً صمتاً عربياً حول سياساتها في الشرق الأوسط وبما يبتعد عن حقوق الجار، في رعاية المصالح المشتركة وعدم التدخل أو مهاجمة دول أخرى ذات سيادة. وعلى الرغم من الرسائل الإيجابية التي ظلت دول الخليج ترسلها من وقت لآخر، إلا أن إيران متشبثة بأفكارها وأسلوب أدائها من منطلق الظن أنها تتربع على عرش المنطقة دون منازل، وأنها هي ممثلة منطقة الشرق الأوسط أمام الغرب، وأنها تستطيع التأثير على الجميع دون أن تتأثر وأنها تستطيع الفوز بكل شيء، لكن من يظن ذلك يفشل ويخسر كل شيء. الهيمنة الإيرانية على المنطقة لها عدة أشكال، فإيران تمتلك مجموعة من الكروت العربية، مثل حزب الله والحوثيين من المرتزقة، سبق أن استخدمتها فى علاقتها مع الغرب، لكن هذه الكروت الان لا يتم استخدامها إيرانيا ضد الغرب، وانما لتحقيق هيمنة إيرانية على العالم العربي الإسلامي. أما عن الموقف الغربي مما يحدث. فنرى أن الإدارة الأمريكية الان تتحدث عن امكانية السيطرة على الموقف، والا ينبغى السماح بحدوث توتر فى الاقليم، ويهمها أيضاً أن تستمر أسعار البترول فى هبوطها، لأن هذا الهبوط يساعد على نمو الاقتصاديات الغربية، لكن الغرب لن يحاول انهاء هذا النزاع، فليس هناك شك بأن الغرب ربما يكون سعيدا بما يحدث حالياً، حينما يرى ان العالم العربي في صدام مع إيران ومصدر هذه السعادة لدى الغرب أن إيران مازالت فى مرحلة الضغط عليها لأنها لم تصل إلى مرحلة التطويع الكامل بعد توقيع الاتفاق النووي مع القوى الغربية الست، لذلك فان الغرب يسعده أن يستمر الصراع العربي الإيراني. حيث هو المستفيد الوحيد. الإيرانيون لا يريدون مصالحة عربية في المنطقة، لأن الإيرانيين يدركون أن استقرار المنطقه سيكون على حساب مشروعهم الذي سعوا لتمدده في المنطقة العربية منذ عقود طويلة. كما يخشى الإيرانيون خسارة وجودهم في العراق وسوريا، في حال تمت مصالحة عربية، ووجد مشروع عربي وإن على المدى البعيد – يسحب البساط من تحت أقدام الإيرانيين ووكلائهم في المنطقة. ثم إن المصالحة العربية الحقيقية حال توافرها ستمهد الطريق نحو وقف الفوضى العارمة التي تشهدها المنطقة، وستتيح الفرصة لوضع أولى لبنات ما يمكن أن يكون مشروعاً عربياً منافساً، سيعمل على تحجيم المشروع الإيراني المتمدد خارج حدوده الطبيعية. يقول المدافعون عن سياسات طهران إن ما تقوم به إيران هو حقها كدولة إقليمية قوية، ما دام أن العرب على هذا القدر من الضعف. وهذه مغالطة إذ ليس من حق أي دولة أن تعبث بأمن جيرانها، وتستغل الظروف المواتية لإحداث المزيد من الدمار والانقسامات والتمزق الاجتماعي، خاصة إذا كانت هذه الدولة هي إيران التي صدعت رؤوسنا بتنظيرات ملاليها وسياسييها على حد سواء عن الوحدة الإسلامية والتضامن الإسلامي. التضامن العربي ليس في صالح إيران بكل تأكيد، لأن إيران مثل إسرائيل تتصرف من منطلق الخصومة التاريخية مع العرب، وليس من منطلق الوحدة الإسلامية التي ترفعها شعاراً تقصد به التمكين لسياساتها ولحلفائها في المنطقة لتتمكن بذلك من تحقيق طموحها الامبراطوري، واستعادة دورها التاريخي على حساب شعوب المنطقة العربية. وخلال السنوات الماضية، رفعت إيران شعار محاربة قوى الاستكبار العالمي، وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل، وكانت تلك حيلة ذكية للتغطية على خصومات طهران الحقيقية تجاه العرب، الذين يشكلون في نظر راسم السياسية الإيرانية الأعداء التاريخيين للأسف، في حين تشكل أمريكا وإسرائيل عدواً على مستوى الشعار ليس أكثر. إن عواصم مثل بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء عانت من سياسات الإيرانيين أكثر مما عانت واشنطن وتل أبيب، اللتان تزعم طهران الوقوف ضد سياساتهما في المنطقة، في حين أن معركة واحدة لم تخضها إيران ضد أعدائها المفترضين في أمريكا وإسرائيل، والغرب الذي تتفاوض معه اليوم على حزمة من الإجراءات، تضمن حلاً سلمياً لبرنامج طهران النووي مقابل دور إقليمي إيراني أوسع مما هو عليه الآن. حفظ الله بلادنا وأدام نعمة الامن والأمان علينا وعلى الامة العربية والإسلامية انه سميع مجيب.